هذا ما يفعله السكر بالدماغ
يُعد الطعام من المكافآت الطبيعية، ويتسبب بشعور الإنسان بالمتعة والراحة. وعادة، ما يؤثر الطعام على تحفيز هرمون الدوبامين، أي هرمون السعادة في الدماغ.
ونظام المكافأة هو عبارة عن نظام عبور كيميائي وكهربائي في العديد من المناطق المختلفة من الدماغ، حيث تتفاعل مادة الدوبامين الكيميائية والتي تُسمى بالنواقل العصبية في الدماغ، لتؤثر على الكثير من الأحاسيس والسلوكيات.
ولا تتشابه جميع الأطعمة في كيفية تأثيرها على هرمونات الجسم، وخصوصاً الأطعمة المحلاة بالسكر، والتي تتمتع بتأثير كبير على قابلية إدمان مستخدميها.
وكشفت إحدى الدراسات التي أجريت على نماذج حيوانية، عن وجود أربعة أعراض رئيسية للإدمان الشعور بالنهم، والأعراض الانسحابية، والحاجة الملحة، والتحسيس المتصالب {قوة مادة معينة على جعل المستخدم يدمن على مواد أخرى تتشابه في التركيبة الكيميائية}، وتحفز السكريات كالمخدرات، معدل الدوبامين في النواة المتكئة في الدماغ. وأظهرت مجموعة من الفئران في المختبر، والتي حُرمت من الطعام ومُنحت السكريات، لمدى 12 ساعة يومياً لفترة شهر كامل، سلوكيات شبيهة بإدمان المخدرات، إذ سيطر عليها الشعور بشهية كبيرة لتناول السكريات، مقارنة بالأطعمة الأخرى، وعانت من أعراض التوتر والاكتئاب خلال مرحلة الحرمان من تناول الطعام. وأشارت المرحلة الثانية من الدراسة، إلى أن الفئران، التي تعاني من الإدمان على السكر، هي أكثر عرضة للإدمان السريع على المخدرات مقارنة بالفئران الأخرى.
وعلى المدى الطويل، فإن استهلاك السكر بطريقة متكررة، يغير من التركيبة الجينية، ويوفر من وجود مستقبلات الدوبامين في الدماغ المتوسط {قسم من أقسام الجهاز العصبي المركزي والذي يرتبط بالرؤية، والسمع، والتحكم المروري، والنوم، واليقظة، وتنظيم درجة حرارة الجسم} والفص الجبهي {هو جزء من دماغ الإنسان وأدمغة الثدييات، ويقع في الجزء الأمامي لكل من نصفي الكرة الدماغية إذ يتموضع في الجزء الامامي للفص الجانبي ويحد الفص الصدغي من الجهة العلوية الامامية}.
ويزيد السكر من تركيز مستقبلات الدوبامين D1، ولكنه يقلل من مستقبلات D2 ، كما أن استهلاك السكر بشكل منتظم، يحول دون عمل ناقل الدوبامين، وهو بروتين يضخ الدوبامين من المشبك العصبي ويعود إلى الخلايا العصبية بعد إطلاقه.
ويعني ذلك، أن تكرار تناول السكر مع مرور الوقت، يؤدي إلى زيادة إشارات الدوبامين لفترات طويلة، وزيادة الإثارة في مسارات مكافأة الدماغ، والحاجة إلى المزيد من السكر لتنشيط جميع مستقبلات الدوبامين لفترات طويلة في منتصف الدماغ. ويعتاد الدماغ على السكر، ويُصبح المطلوب المزيد من السكر لتحقيق الحالة ذاتها من “إشباع الرغبة”.