حكايات الموصل في عهد داعش
بعد ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم داعش الارهابي على مدينة الموصل واعلانه اقامة دولته فيها، يتحدث سكان المدينة عن الرعب الذي عاشوه خلال هذه الأعوام، الاطفال الذين قتلوا بحجج واهية، الجلد أمام الملأ، واختفاء بعض المواطنين الى الأبد.
وكشفت الصور التي سربت من المدينة إبان سيطرة داعش عن سوء معاملة الجماعة الإرهابية للنساء والأقليات، ومحاولتها السيطرة على جميع مناحي الحياة. وعلى الرغم من عودة الحياة الى المدينة وافتتاح المدارس والمقاهي وعودة البضائع الى رفوف المتاجر بعد أن كانت ممنوعة سابقا، إلا أن آثار حكم تنظيم داعش ما تزال ماثلة في الشهر، وما يزال أهالي المدينة يروون قصصا مريعة عن أيام الظلام الداعشي، وفيما يلي قصص رواها سكان الموصل لوسائل الاعلام:
1-التحكم بالنساء
مها – 36 عاما- محلة الظهور
في أحد الأيام ذهبت طفلة في السابعة من عمرها لشراء الحلوى من متجر، وبينما كانت تكلم صاحب المتجر، سألها الدواعش أين منزلك، أشارت الطفلة الى مكان ما وهربت، فأصر الدواعش أنها كانت بمفردها مع صاحب المتجر وهذا يتنافى مع قوانين الشريعة، بعد جدل طويل قرر الدواعش معاقبتها من قبل ديوان الحسبة، على الرغم من توسلات والدتها وطلبها أن تُعاقب بدلا من ابنتها، إلا أنهم رفضوا وقاموا بضرب الطفلة أمام والدتها، صرخت الطفلة وبكت حتى توقف قلبها عن النبض، فأصيبت أمها بالجنون، ومنذ ذلك اليوم أصبح سكان الحي بخوف دائم حيال أبنائهم.
ریما – 27 عاما-محلة الحدباء
في أحد الأيام كنت أسير في الشارع، ولأن وجهي كان مغطى بالكامل بالقماش الأسود، سقطت على الأرض، فرأوني الدواعش وطاردوني، مما جعلني أعجل في المسير كأني سجينة تهرب من تنفيذ الحكم ضدها. تمكنت من الوصول الى المنزل، ولكن ما زال الإحساس بالخوف يطاردني، وما تزال الكوابيس تراودني حتى بعد تحرير الموصل.
2- تدمير حياة المواطنين
تمارا-25 عاما- خريجة أدب إنكليزي
كان أبي يعمل في مديرية الأمن العراقية، وعلى مدى العامين الماضيين كان مشغول بالحرب النفسية ضد داعش، نحن لم نغادر الموصل، وبقينا داخلها، تم اعتقال أبي 9 مرات. في المرة الأولى تعرض لتعذيب شديد ثم أطلقوا سراحه. لكنهم عادوا لاحقا واعتقلوه مرة أخرى، لقد سرقوا كل محتويات منزلنا، ثم تم قصفه من قبل طائرات التحالف الدولي، وأجبرنا على الانتقال والسكن في الطابق العلوي من منزل عمي.
بعد أيام جاؤوا الى منزل عمي ودخلوا عنوة، رموا والدي على الأرض، وقامت العناصر الشرطة الدينية النسائية بتفتيشنا، حتى جدتي العجوز فتشوها وعاملتها الشرطية بعنف، قامت بتجريدها من ملابسها وتفتيشها، ومن ثم تركتها عارية؛ واعتقلوا والدي. انتظرنا عودته شهورا، وها قد تحررنا وحل اليوم الذي تمناه أبي، ولكنه ليس هنا ليشهد هذا اليوم.
3-السيطرة على الاقتصاد
إمرأة رفضت ذكر اسمها
كانت التجارة تحت حكم داعش صعبة جدا، لقد فرض داعش ظروفا صعبة على التجار، وسن قوانينا متشددة توجب عليهم اتباعها. لقد حدد الدواعش بضائعا لبيعها وأول البضائع التي تم منع تداولها هي لحم الأبقار ولحم الدجاج. كما منعوا الرجال من بيع مساحيق التجميل النسائية وأدوات الزينة. ومن يُخالف القانون كان يتعرض للجلد والغرامة. وقد فرضوا قيودا مشددة على الصور المطبوعة على المنتجات حتى على صور حفاضات الأطفال.
عند الإعلان عن “معركة التحرير” اضطرب الدواعش، فرفعوا الأسعار وطبقوا قوانينا أكثر تطرفا، وضيقوا على الناس أكثر. فمنعوا الصحون اللاقطة، وقاموا ببث برامج عبر قناتهم الخاصة وبثوا اشاعات عن انتصاراتهم المزعومة، كانوا يبحثون عن الهواتف النقالة في المنازل، وكانوا يعاقبون عليها بالموت.
4- تعذيب الأقليات
حمزة – 32 عاما- شارع الجزيرة
عندما دخل داعش الى المدينة هاجم الكنائس وبعض المساجد، وسرقوا كل ما عثروا عليه هناك. وقد استعملوا بعض الأغراض التي سرقت من الكنائس في تصوير مقاطعهم الإعلامية المُغرضة.
كانت مليشيات داعش تبحث في جميع أرجاء المدينة عن المنازل الخالية ليسرقوا ما فيها، وكانوا يغصبون الممتلكات الموجودة فيها بصورة خاصة منازل المسيحيين الذين هربوا من المدينة. كما أنهم كانوا يصادرون محتويات منازل المسلمين الذين يعتبرونهم مرتدين.
كان الناس يطلبون من بعض أقاربهم السكن في منازلهم ليحموها ويتظاهروا بأن هناك من يسكن في المنزل.
أحد أصدقاء جاري كان مسيحيا وقد سلم مفتاح منزله لجاري قبل أن يهرب من المدينة. وفي أحد الأيام دخل الدواعش الى المنزل ليسرقوا محتوياته، فقال لهم إن المنزل تحت حمايته وأمانة عنده، مطالبا إياهم باحترام الأمانة.
لقد تركوه وشأنه في ذلك اليوم، ولكنهم عادوا ثانية وجلدوه، ولكنه لم يستسلم، وفي النهاية أقنعهم بأنه قد اشترى المنزل لابنه، وبقي المنزل في عهدته حتى تحرير الموصل، فعاد صديقه المسيحي واستلم مفتاح المنزل منه.
المصدر / الوقت