التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

صمت الإعلام الغربي إزاء قتل المدنيين من قبل التحالف الأمريكي.. خلفيات وأهداف 

تلعب وسائل الإعلام بمختلف أشكالها خصوصاً الواسعة الانتشار دوراً بارزاً في توجيه الأحداث على مستوى العالم، حيث تتم مخاطبة ملايين الناس عبر هذه الوسائل على مدار الساعة لتهويل قضية ما تارة أو التغاضي عنها تارة أخرى.

وفي كثير من الأحيان تقوم العديد من وسائل الإعلام الغربية التي تمتلك نفوذاً واسعاً في العالم بقلب الحقائق أو تعمد إخفائها أو حرفها عن مسارها لتحقيق أهداف عدّة بينها تضليل الرأي العام أو التأثير على مجريات الأحداث والقرارات المتعلقة بها لاسيّما في المجالين السياسي والعسكري.

في هذا السياق يقول المفكر “أنطونيو غرامشي” إن الكثير من وسائل الإعلام تعمل وفقاً لأيدلوجيات معينة وليس على ضوء الحقائق والمعطيات المتوفرة على أرض الواقع، وذلك من أجل تحقيق أهداف محددة، أي بمعنى آخر أنها تتعاطى مع الأحداث من خلال الأفكار التي تسعى لترويجها ولايهمها إظهار الحقائق أو إخفائها للوصول إلى هذا الهدف.

ومن المصاديق البارزة لهذا التحليل هو ما تقوم به وسائل الإعلام الغربية عندما تتطرق لأعداد القتلى في صفوف المدنيين الذين يذهبون ضحية قصف ما يسمى بـ “التحالف الدولي” لمحاربة “داعش” في العراق.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه الكثير من المنظمات الدولية الناشطة في مجال متابعة آثار الحروب ومن بينها منظمة (air wars) إن عدد القتلى المدنيين في العراق وصل إلى أكثر من 3000 منذ صيف عام 2014 بسبب قصف التحالف الدولي بقيادة واشنطن لأهداف في هذا البلد، تعلن المصادر الخبرية الأمريكية ووسائل الإعلام الغربية المرتبطة بها بأن هذا العدد لايتجاوز الـ 3000 قتيل.

وإذا أخذنا بنظر الاعتبار عدد الغارات الجوية التي شنتها طائرات “التحالف الدولي” خلال الأعوام الثلاثة الماضية والتي بلغت أكثر من 18600 غارة في العراق وسوريا يتبين بوضوح مدى الكذب الذي تعمد إليه وسائل الإعلام الغربية لتضليل الرأي العام عندما تذكر بأن عدد القتلى المدنيين جراء هذه الغارات لا يتجاوز الـ 300 في العراق، في حين أن الأهداف التي يتم ضربها تقع في الغالب في مناطق مكتظة بالسكان كمدينة الموصل.

ووصل الأمر إلى أن تطالب العديد من المنظمات الإنسانية بوقف الغارات الجوية للتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا على مدينة الموصل بسبب الفجائع التي حصلت في صفوف المدنيين جراء هذه الغارات.

وفي وقت سابق أعلنت وزارة الخارجية الروسية بأن عدد الغارات الأمريكية في الموصل زادت بنسبة 17 بالمئة في الشهر الأول من العام الجاري ووصل عدد القتلى في صفوف المدنيين في هذه المدينة إلى أكثر من 7000 شخص جراء هذه الغارات.

ومن الأدلة الواضحة على كذب وسائل الإعلام الغربية التي تزعم أن قوات التحالف الدولي قد حققت انتصارات كبيرة في الموصل هي عدم نشر صور أو أفلام عن هذه الانتصارات المزعومة خشية افتضاح أمرها لأن هذه الصور والأفلام تكشف بوضوح الأعداد الكبيرة للقتلى في صفوف المدنيين.

وما يؤكد التعاطي المزدوج من قبل وسائل الإعلام الغربية في نقل الوقائع الحربية هو قيام العديد من هذه الوسائل بتهويل أعداد القتلى المدنيين عندما يتعلق الأمر بهجوم القوات السورية والقوات الحليفة لها لتحرير مدن من العصابات الإرهابية كما حصل في مدينة “حلب”.

ومما يدعو للأسف حقاً هو قيام الكثير من المحافل الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بغض الطرف عن الجرائم البشعة لقوات التحالف، الأمر الذي يشير إلى وجود تواطئ في هذا المجال مع وسائل الإعلام الغربية لكتم الحقيقة عن أنظار الرأي العام العالمي.

وتكتفي العديد من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة بمطالبة أهالي الموصل بترك مناطقهم لتجنب وقوع خسائر إضافية في صفوف المدنيين نتيجة استمرار غارات طائرات “التحالف الدولي” على هذه المدينة.

وتجدر الإشارة إلى أن إحدى هذه الغارات تسببت بمقتل أكثر من 100 مدني في الموصل في شهر مارس/آذار الماضي. وسعت وسائل الإعلام الغربية لتبرير هذه الغارة من خلال الادعاء بأن قتل المدنيين لايمكن تجنبه في مثل هذه الغارات، في حين سعت وسائل إعلام أخرى إلى القول بأن تنظيم “داعش” الإرهابي هو الذي قتل هؤلاء المدنيين وليس طائرات التحالف الدولي، الأمر الذي انكشف زيفه فيما بعد بخصوص هذه الجريمة عندما اعترف القادة العسكريون الأمريكيون بأن القتلى المدنيين راحوا ضحية قصف قوات التحالف على مدينة الموصل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق