التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

التوتر بين السعودية وقطر؛ نهاية حلم الوحدة العربية 

لم تستطع دول مجلس التعاون خلال الحقبة الزمنية السابقة العمل على إيجاد أرضية سياسية مرنة واتحاد استراتيجي قوي بين دول هذا المجلس كما نراه قائما بين دول الاتحاد الأوروبي ويرجع هذا الفشل إلى وجود نزاعات على المصالح الاستراتيجية ووجود خلافات سياسية بين هذه الدول متمثلة في الرغبة على قيادة هذا الاتحاد الخليجي في المنطقة.

خلال السنوات الماضية كانت هنالك خلافات سياسية كبيرة بين السعودية وقطر وما زالت حتى الآن بين هاتين الدولتين، حيث كان لتلك الخلافات أثر سلبي على بنية والهيكل التنظيمي لمجلس التعاون لدول الخليج الفارسي ولقد أثرت هذه الخلافات على المسائل والقضايا السياسية في منطقة الشرق الأوسط. فلقد أدت هذه الخلافات إلى إيجاد انقسام بين دول مجلس التعاون، حيث صارت بعض هذه الدول تابعة للنظام السعودي كالبحرين والإمارات وفي الجهة الأخرى صارت بعض الدول تابعة للنظام القطري الذي يرفض التوجه والزعامة السعودية لهذا المجلس كسلطنة عمان والكويت.

وفي سياق متصل استطاعت هذه القضية أن تجلب توجه الكثير من المحللين السياسيين، إلى درجة انه تم طرح هذه الفرضية التي تشير إلى احتمالية انفصال دولة قطر عن السعودية كليا. ومن خلال تحليل هذا الموضوع سوف نشير إلى الأسباب التي أدت إلى بروز هذه التوترات والاختلافات بين دول مجلس التعاون وخاصةً بين السعودية وقطر.

1 ) الصراعات الأيديولوجية بين الدوحة والرياض

يوجد هنالك اختلافات أيديولوجية بين السعودية وقطر ولكل منهما وجهة نظر خاصة به حول مذهب أهل السنة. ففي الوقت الذي يقوم فيه النظام السعودي بنشر المذهب الوهابي في بعض الدول العربية والإسلامية والذي يقوم على التعصب والتشدد ولا يسمح للنساء بالمشاركة في المحافل الاجتماعية والسياسية وينتهج منهج الخشونة والذي لا يعترف بالمذاهب الأخرى، يقوم النظام القطري من جهة أخرى بنشر الفكر الإخواني الذي يرفض الخشونة والتشدد الوهابي ويبدي الاحترام لكافة المذاهب الأخرى والذي يسمح للمرأة بالمشاركة في كافة المحافل السياسية والاجتماعية. ونظرا لقبول الكثير من الناس لهذا الفكر الإخواني فلقد بادرت السعودية إلى الدعوة إلى الديموقراطية والحرية عوضا عن التشدد والتعصب وذلك لكسب الكثير من الناس.

2 ) الخلافات الحدودية بين السعودية وقطر

ترجع الخلافات الحدودية بين السعودية وقطر إلى فترة زمنية قديمة ولقد أدت هذه الخلافات إلى ظهور بعض التوترات بين هذين البلدين. ففي شهر أغسطس من عام 1992 نشبت توترات حدودية بينهما مما أدى إلى دخولهما في نزاع مسلح وتوفي على اثر هذا النزاع جندي سعودي وجنديان قطريان، ويرجع سبب هذا النزاع إلى قيام السعودية بالإدعاء بأنها تملك 233 ميل من السواحل الجنوبية الشرقية لقطر.

وفي العشرين من ديسمبر من عام 1992 قامت كل من الرياض والدوحة بالتوقيع على مذكرة لحل هذه النزاعات بشكل مؤقت. ومن المناطق الأخرى التي تتنازع عليها السعودية وقطر خليج السلوا ومنطقة ابو الحفوس وحتى الآن لم يستطع البلدان التوصل إلى حلول ترضي الطرفين وتنهي النزاعات بينهما.

3 ) نوع العلاقات مع طهران

عدم وجود نظرة موحدة بين دول مجلس التعاون تجاه طبيعة العلاقة مع طهران يُعد من اهم الأسباب التي أدت إلى بروز شرخ بين أعضاء هذا المجلس. ففي الوقت الذي تقوم فيه السعودية برفع الشعارات للتصدي للتوسع الإيراني في المنطقة ودعوة دول المنطقة لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وإيجاد تحالف عربي وإسلامي ضد إيران، تقوم قطر من جهة أخرى بتوطيد علاقاتها الدبلوماسية مع جارتها الكبرى إيران وهذا نراه خلال تصريحات أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني عندما أشار في حديثه إلى أن لأيران أهمية إقليمية واقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.

4 ) الخلافات في القضايا الإقليمية

تعد القضايا الإقليمية من اهم الأسباب التي أدت إلى تفاقم الخلافات بين السعودية وقطر. فلقد سعت كل من السعودية وقطر خلال الفترة الماضية لقيادة العالم العربي وتقوية نفوذها في دول المنطقة. ومن أهم هذه القضايا الإقليمية التي طرحت في الآونة الأخيرة هي القضية اليمنية وقضية البحرين وسوريا ومصر. فعندما فاز محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية واستطاع الإخوان السيطرة على النظام السياسي في مصر، بادرت قطر بتقديم 2 مليار دولار كمساعدة لمصر، ولكن في المقابل قامت السعودية بتقديم 11 مليار دولار للجيش المصري وذلك من اجل الانقلاب على سلطة الإخوان المسلمين والإطاحة بالرئيس محمد مرسي. وفي سياق آخر سعت كل من السعودية وقطر للإطاحة بنظام الأسد في سوريا بتقديم كافة الدعم المالي والعسكري للمعارضين لنظام الأسد ولكن الرياض كانت تنافس الدوحة على قيادة التحالفات المعارضة، حيث قامت السعودية بالضغط على هذه التحالفات من اجل تولي احمد الجربا رئاسة هذا التحالف بدلا من معاذ الخطيب المقرب من قطر.

وفي النهاية يمكن القول بأنه على الرغم من أن دول مجلس التعاون كانت خلال السنوات الماضية تطلق بوادر للتضامن والتوحد الإقليمي، إلا أنها صارت عُرضة للتفكك والانقسام حتى وصل الأمر بهذه الدول إلى التدخل في شؤون الدول المجاورة لها وزعزعة نظامها السياسي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق