بين تعويم الإقتصاد الأمريكي والعودة لدورٍ فاعل: وهم الرياض القاتل!
في ظل الصراع المتفاقم بين السعودية وقطر، يجري الحديث عن نتائج هذا الصراع، والذي يبدو أنه سيحرق البيت الخليجي بأكمله. فالسعودية التي ظنَّت أنها ومن خلال تقديم أموال تعويم الإقتصاد الأمريكي، ستحظى بالقدرة على إعادة إحياء دورها، لم تلتفت الى أنها سقطت في فخٍ نصبته لها واشنطن، لا ينفصل عن واقع كون الرياض عاجزة عن التأثير على الصعيد الإقليمي. وهو ما بات واضحاً من خلال مجريات الأحداث الحالية. فكيف يمكن إثبات وهم السعودية؟ وما هي النتائج التي تحقَّقت من خلال الأزمة الخليجية؟ وكيف ستؤثر على السعودية بشكل سلبي؟
لما تُعتبر السعودية واهمة؟
لا شك أن تقييم قوة أي طرف، ينطلق من قدراتها الواضحة ودورها الفاعل. الأمر الذي يمكن تقييمه فيما يخص السعودية كما يلي:
أولاً: يتصف الدور السعودي بالضعف حيث تعيش الرياض كثرة أزمات تجعلها تتخبّط في العديد من الملفات. فهي التي لم تحقق أي شيء منذ سنتين في حربها على اليمن، ولم تستطع مواجهة ثورة البحرين السلمية، لتضع نفسها اليوم في موقع القادر على إدارة شؤون الإقليم. بينما يمكن وصف هدفها العلني بالعداء تجاه إيران، بالهدف الواهم، لأسبابٍ لا تتعلق فقط بالفرق الشاسع بين قوة ونفوذذ الطرفين، بل تتعدى ذلك لمستوى الأحجام.
ثانياً: الى جانب مستوى الضعف في الدور والحجم، تعيش السعودية وهماً في قراءتها لحقيقة الموقف الأمريكي تجاهها ولحجم اعتماد واشنطن عليها. فواشنطن حتى الآن لم تَسر في عداء الرياض للدوحة (كما تشتهي السعودية)، بل يبدو الموقف الأمريكي واضحاً في براغماتيته المُصرة على الإستفادة من واقع الصراع بين الطرفين ودورهم. وهو ما لم تفهمه الرياض، بل ظنت أن ملياراتهاا ستُغيُّر من سياسات أمريكا البراغماتية. وهو في الحقيقة ما يُعبِّر عن الموقف المطمئن للدوحة تجاه الطرف الأمريكي.
ثالثاً: كعادتها، تعيش الرياض على صناعة الوهم الإعلامي وتصديقه. فالرياض دائماً ما تضع سقوفاً عالية لرهاناتها، وهو ما جعلها تخسر كافة هذه الرهانات لا سيما في سوريا والعراق واليمن. واليوم ترفع الرياض سقفها في صراعها مع قطر، الأمر الذي لن تصل فيه الى أي نتيجة إيجابية، بل ستنعكس عليها هذه الأزمة بشكلٍ سلبي سنُبيِّنه في التالي خلال مقالنا.
الى ماذا أفضت الأزمة الخليجية؟ وكيف ستؤثر على السعودية بشكلٍ سلبي؟
إن النتائج التي أفضت إليها الأزمة الخليجية حتى الآن، تعكس حجم الغباء السعودي، وهي كلها نتائج سلبية لا سيما على البيت الخليجي عموماً والسعودية خصوصاً. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: ساهمت الأزمة في إعادة البيت الخليجي الى سنوات الخلافات، التي تسبق تحديداً الأزمة السورية والتي كان يقوم بها الغرب بدور الشرطي والحكم بين هذه الدول. فالخلاف القطري السعودي تاريخي ومعروف. لكن ما يجري اليوم، فضح حجم الخلاف الجوهري والذي يتمحور حول التفرُّد بالدور. في حين كان سبب جنون الرياض الحالي، شعورها بأن قطر باتت تخرج عن طوعها علناً لاا سيما في موقفها تجاه إيران، خصوصاً بعد أن أعادت زيارة ترامب الأخيرة، مظهر المرجعية السعودية لأتباع أمريكا في المنطقة ولو شكلياً.
ثانياً: بالإضافة الى تفاقم الأزمة الخليجية، أغرقت السعودية نفسها وحلفاءها في رهاناتٍ جديدة واهية، وهو ما سينعكس مزيداً من الأزمات التي تواجهها السعودية. ولعل أبرز ما يدل على حجم الغباء السعودي، الحديث عن غزوٍ عسكريٍ لقطر، والذي لا نستبعد أن تقوم به القيادة السعودية بسبب تاريخها الحافل بالخطوات المغامرة، وإن كانت لن تجرؤ على ذلك في ظل الموقف الأمريكي المتباين.
ثالثاً: فضح السلوك الإرهابي للدول الخليجية ودورها في تأجيج الصراعات، هو من النتائج التي أفضت لها الأزمة القطرية السعودية. الأمر الذي يتوقع المراقبون تفاقمه في ظل معلوماتٍ تقدمها الرياض ضد قطر، حول دورها الإرهابي في المنطقة، وتمارس فعل نشرها عبر الإعلام. في حين لن يكون ذلك أمراً يُعفي السعودية من دورها الإرهابي الفاعل، أو يُغطي على جرائمها لا سيما فيي اليمن. فيما يُثبت ذلك مقولة أن أصل التحالف السعودي القطري والذي كان ظرفياً لسنواتٍ معدودة، هو التعاون على تصدير الإرهاب وتأجيج الصراعات!
إذن، بعد أن وصلت الأمور إلى ما هو واقعٌ حالياً، فإن السؤال الذي يُطرح هو حول نتائج هذا الصراع، والذي حاولنا تبيين بعضها. فجوهر المشكلة يتعلق بتصميم السعودية تغيير النظام في قطر، وإيصال نظامٍ كالنظام البحريني خاضع لها. في حين يُراقب الأمريكي الصراع، محاولاً الإستفادة منه، دون جعله يخرج عن سقفه المُعلن. وبين جموح الرياض للقيادة وإطمئنان قطر للموقف الأمريكي، تعيش المنطقة حالةً من التوتر سببه الجنون الخليجي. لكن الحقيقة تُفضي للقول، أن صراعات السعودية، لن تقودها إلا لخساراتٍ استراتيجية حتمية. وبين سياسة تعويم الإقتصاد الأمريكي وطموح العودة لدورٍ فاعل، تعيش الرياض في وهمها القاتل!
المصدر / الوقت