التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

دعم القضية الفلسطينية بين الواقع ولعبة الأرقام 

في سياق التمهيد لإعلان التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بدأ إعلام المحور السعودي الإماراتي في سياسة التسويق لهذه الخطوة أمام الرأي العام. ومن أجل تحقيق هذا الهدف يعتمد هذا المحور عدة استراتيجيات إحداها استغلال القضية الفلسطينية لتفريغها من محتواها وجعلها خاوية من مضامينها السامية وإعطائها بعدا ماديا عدديا بحتا.

وفي هذا السياق نقلت قنوات مرتبطة بهذا المحور تقارير أممية تشير إلى قائمة الدول والهيئات الأكثر دعما للشعب الفلسطيني لعم 2016م. حيث جاء في مقدمة هذه الدول أمريكا ومن ثم الاتحاد الأوروبي ليتبعها عربيا السعودية والإمارات والكويت. واللافت أن هذه القائمة تخلو من أي ذكر لدول كقطر وإيران وتركيا.

هذه الخطوة تأتي في توقيت مريب حيث لا زالت تتفاعل الأزمة السعودية القطرية التركية من جهة، وتتصاعد لهجة التهديد والوعيد السعودي والأمريكي لإيران. إذا لا مكان هنا لحسن الظن خاصة أن أمريكا والسعودية تتصدر لائحة دعم الشعب الفلسطيني الذي يعاني أكثر ما يعاني من سياسة هذه الدول بالذات.

هذه الخطوة إنما يراد منها زيادة الشرخ في الشارع العربي من جهة وتحويل القضية الفلسطينية إلى لعبة أرقام من جهة أخرى. ففي ظل الأزمة بين السعودية وقطر كان من الطبيعي حذف أي اسم لقطر من هكذا لائحة وهي التي حمت قيادات المقاومة الفلسطينية رغم الضغوطات السياسية عليها لهذا السبب.

أما عن القضية الفلسطينية فيُراد لها أن تتحول إلى قضية أرقام وحصرها بمقدار المساعدات المقدمة، خاصة أن الداعم الأكبر وحسبما تظهر القائمة هي أمريكا الحامي الأول للكيان الإسرائيلي الغاصب. فيا لسخرية القدر!

كما أن هذا الكلام يراد منه إيجاد قناعة “زائفة” لدى الشارع العربي بأن الرياض هي الداعم العربي الأول للقضية الفلسطينية التي باعتها الرياض منذ زمن طويل وحولتها إلى مطية سياسية لا أكثر. وطرح هذا الأمر وفي هذا التوقيت يساعد آل سعود على إقناع الشعب السعودي بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي تحت عناوين كخدمة للقضية الفلسطينية. وبالفعل هذا الأمر يطرح حاليا في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، حيث يجري التسويق لفكرة أن التطبيع مع الكيان هو في خدمة ومصلحة الفلسطينيين قبل كل شيئ.

طبعا هذه القائمة التي اقتصر الإعلام السعودي المدفوع الأجر على عرضها مشكوك في صحتها ودقة أرقامها جملة وتفصيلا. وتأتي ضمن الفبركات السعودية التي أمر محمد بن سلمان بإعدادها في سبيل تهيئة الظرف المناسب لإعلان التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

أما الدول التي لم يجري ذكرها في القائمة وأهمها قطر وإيران وتركيا، فمن المعروف سبب عدم ذكرها. فقطر وتركيا على خلاف حاليا مع السعودية ولكن الجميع يعلم أن هذه الدول تدعم القضية الفلسطينية عبر أساليب مختلفة. ولكن السعودية تريد أن تنسف هذا الأمر وبالفعل صوب إعلام آل سعود سهامه باتجاههم متهما إياهم بعدم دعم القضية والاكتفاء بدعم الإرهاب.

أما إيران فهي لم تكشف يوما عن مقدار دعمها للشعب الفلسطيني، وهذا الدعم من منطلق الواجب الإسلامي الذي لا تريد منه إيران أي استثمار إعلامي أو سياسي، والأرقام التي يجري أحيانا الحديث عنها إنما هي أرقام يكشفها الجانب الفلسطيني نفسه.

وعن إيران أيضا فهناك نوع من الدعم النوعي بأشكال أخرى، فإيران دربت وساعدت المقاومة الفلسطينية لتتمكن من مواجهة الكيان الإسرائيلي وقد أكد الفلسطينيين أنفسهم أن الصواريخ التي يطلقها المقاومون من غزة والتي ترعب الكيان هي تكنولوجيا إيرانية بامتياز. وهذا الأمر الذي لا يجرؤ آل سعود ومن خلفهم على التفكير به حتى.

هذا ومن المهم التأكيد على مسألة وهي أن هذه الأرقام التي تحدث عنها التقرير وإن صحت فهي أموال تصل للسلطة الفلسطينية وجزأ كبير منها يذهب للساسة الفلسطينيين وليس للشعب الفلسطيني.

ورغم أهمية الأموال إن الدعم الحقيقي الذي يريده الفلسطينيون اليوم والقضية هو الدعم السياسي الصادق، والوقوف في وجه مؤامرات الأعداء وعلى رأسهم أمريكا، ناهيك عن الدعم العسكري الذي لا يمكن أن يُرجى أملا فيه من قبل هذه الدول التي لم تعرف الحزم إلا في وجه المسلمين.

إذا قائمة مشكوك بصحتها لا تبغي سوى شق الصف والتسويق لفكرة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي على أنه خطوة مباركة دعما للقضية الفلسطينية.

ختاما نقول لمن طبل وهلل لهذه التقارير هل تم احتساب الدماء التي قدمتها قيادات المقاومة اللبنانية على طريق فلسطين؟ وهل تم احتساب قيمة انتصارات غزة وهزيمة إسرائيل بفضل السلاح والصواريخ الإيرانية النوعية؟ أم أنكم لا تؤمنوا إلا بلغة الذل والخضوع والتطبيع مع إسرائيل؟.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق