التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الضغوطات العراقية…عقبات تواجه الأحلام الكردية بالإستقلال 

كما بات معلوما، أعلن المسؤولون في إقليم كردستان العراق أن الاستفتاء حول إستقلال الإقليم سيقام في 25 أيلول المقبل، وقد شكل كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الإتحاد الوطني لجان لهذه الغاية.

هناك أمور مهمة مرتبطة بهذا الموضوع، فمنطقة كركوك التي تسعى أربيل لضمها إلى إقليم كردستان بعد خروج داعش منها، وخط انابيب كركوك – جيهان التركية، والخلاف القائم أيضا مياه البحيرات والأنهار المشتركة، وأوضاع الأقليات العرقية والدينية، هي عوائق تدفع الدولة العراقية الوقوف عند هذا الطرح.

اللافت أن الدولة العراقية تمانع الاستقلال ممانعة تامة، وقد أعلن المسؤولون العراقيون رفضهم لذلك مرارا، وقد قاموا ببعض الضغوطات المالية للوقوف دون ذلك. وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي على وحدة العراق ورفضه مخطط التقسيم، مشيرا إلى أن القانون العراقي لا يتضمن أي فقرة تسمح بإجراء شيء كهذا.

الرفض العراقي هذا لا يمثل رأي الأطراف الشيعية فقط، بل يمثل جميع أطياف الشعب العراقي المخالف لهذا الإجراء.

يسلط هذا المقال الضوء على الوسائل التي يستخدمها العراق للوقوف أمام المطالبات الكردية بالاستقلام والحؤول دون اجراء الإستفتاء على الصعد كافة.

على الصعيد السياسي:

تشكل كركوك معضلة أساسية أمام الأكراد، فهي لاتزال حتى الآن من المناطق المتنازع عليها، وكما تنص المادة 140 من الدستور العراقي، التي كان يجب أن يحدد مصيرها عبر استفتاء شعبي قبل العام 2007، إلا أن الأوضاع الداخلية في البلاد والأزمات المتتالية التي عانت منها حالت دون ذلك.

يذكر أن قوات البشمركة الكردية أخذت مكان القوات العراقية في كركوك صيف العام 2014 بعد تراجعها أمام مسلحي داعش، وأعلنت أنها غير حاضرة أبدا للتخلي عن المنطقة فيما بعد.

من جهته أعلن مسعود البرزاني حينها أن الأكراد بسيطرتهم على المنطقة قاموا بتنفيذ المادة 140 من الدستور، في خطوة یراها الجميع غير قانونية.

وتجدر الإشارة أن استقلال إقليم كردستان دون كركوك لا معنى له، فهي المصدر الأساسي لنفط الإقليم، مما يشكل عقبة أمام إجراء الإستفتاء في ظل الغموض السائد حول مستقبل هذه المنطقة.

وإن الخلافات الدائرة بين الأطراف الكردية تشكل عاملا مساعدا للدولة العراقية، فقد أعلن الامين العام للمجلس المركزي لحزب الإتحاد الكردستاني، القلق من تحليق البرزاني، أن الإستقلال لن يكون من مصلحة الأكراد وهو خيانة للوطن. أما حركة كوران فهي ترى في أهداف الحزب الديمقراطي إنحرافا للأفكار العامة. وقد أعلن ممثل الحركة في البرلمان العراقي أن الحركة تخالف فكرة الإستقلال وهي تطالب بحل للمشاكل، مؤكدا على وحدة الشعب العراقي.

وهناك رفض خارجي للإستقلال أيضا، فكل من تركيا وايران وسوريا ترفض فكرة الإستفتاء، وظهر هذا جليا في تصريحات مسؤولي هذه الدول. ففي 31 آذار الماضي أدان إبراهيم كالن، المتحدث باسم رئيس الجمهورية التركي، خطوة الإستقلال، وخصوصا مع وجود خطر داعش وحزب العمال الكردستاني في المنطقة على حد قوله.

وفي اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء العراقي بقائد الثورة الإسلامية الإيرانية، أكيد الأخير على دعم إيران للوحدة العراقية، في كلام يؤكد رفض بلده لأي خطوة تقسيم مقبلة. ومن جهته اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن رفع علم إقليم كردستان في كركوك مخالف للقانون العراقي ومؤجج لعدم الإستقرار فيها.

أما روسيا فقد أعلنت على لسان وزير خارجيتها أنها تؤيد وحدة العراق، وهناك مخالفة غربية للإستقلال أيضا، فالإتحاد الأوروبي أعلن رفضه لذلك، وقد أعلن رئيس السياسة الخارجية في آذار 2016 مخالفة الاتحاد لإستقلال الأكراد في العراق وتركيا وسوريا.

الولايات المتحدة أيضا أعلنت أنها ضد الإستقلال، وحبذت فكرة التباحث بين أربيل وبغداد، ولكن لا يخفى على أحد أن أمريكا أعطت ضوءا أخضر للأكراد بذلك، مما ساعد على زيادة المساعي والاصرار الكردي على ذلك.

على الصعيد الإقتصادي:

وعلى الصعيد الأقتصادي، تشكل العائدات النفطية 85 بالمئة من ميزانية الإقليم. وظهور داعش في العراق عام 2014 وانخفاض أسعار النفط، كان مشكلة أمام الأكراد. وقد احتدم الخلاف مع بغداد عندما رفضت الأخيرة دفع نسبة 20 بالمئة من ميزانية الإقليم، مما أوجد مشاكل في دفع أجور الموظفين فيه، أدت إلى تظاهرات واضرابات شعبية.

بالتالي إن الـ 20 بالمئة من الميزانية تشكل وسيلة قوية بيد بغداد للضغط على الأكراد، خصوصا انها اثبتت فعاليها في العام 2014، ومن الممكن أن تستخدم اليوم للوقوف بوجه الاستفتاء.

على الصعيد القانوني:

أكدت الدولة العراقية مرارا وتكرارا أن المرجع الاساسي للشعب العراقي، هو الدستور الذي لا يمكن تجاهله، وهو لا يتضمن أي إشارة تعطي أي جهة حق تقرير مصيرها، والشعب العراقي أجمع هو من يحدد مصير بلده ولا يحق لجهة منفردة أن تقوم بذلك.

أما الأمم المتحدة التي يطلب منها الأكراد الشرعية لإجراء الإستفتاء، أعلن مكتبها أنها ليس لها علاقة بالاستفتاء حول موضوع الاستقلال، في موقف رأت فيه “أسوشيتد برس” رفضا للإستفتاء الذي تخالفه بغداد ومعظم دول الجوار والمجتمع الدولي.

بالتالي يمكن للدولة العراقية أن تحول دون اجراء الاستفتاء، كونها تملك دلائل قانونية دامغة على ذلك، وفي حال قام الاكراد بخطوة كهذه، يمكنها رفض تنفيذها.

على الصعيد الأمني:

من الواضح أن التطورات الأمنية والبلبلة في الساحة العراقية تخدم المشروع الكردي، لذلك على الدولة العراقية المسارعة في القضاء التام على تنظيم داعش لعدم اللإفساح بالمجال أكثر للقوات الكردية. وإن اصرار الأكراد على البقاء في المناطق التي حرروها من داعش، يمكن أن يؤدي إلى تصادم مع الدولة العراقية، في خيار ليس من مصلحة العراق أبدا. إلا أن الدولة العراقية مجبرة أن تقف في وجه المطامع الكردية، والحشد الشعبی الذي بات جزءا من الدولة واثبت كفاءته في مواجهة داعش، يمكن أن يكون طرفا أساسيا في الوقوف أمام الأكراد.

بناء على ما تقدم، بإمكان الدولة العراقية الضغط على أربيل بالوسائل كافة لمنعها من التفكير بالإستقلال، أو حتى بإجراء استفتاء على ذلك في 25 أيلول المقبل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق