دور ومكانة روسيا في تغيير مسار الأزمة السورية
لعبت روسيا دوراً مؤثراً في الأزمة السورية باعتبارها أحد أهم القوى في العالم. وبرز هذا الدور بشكل واضح في 30 أيلول/سبتمبر 2015 عندما قررت موسكو المشاركة العسكرية في تغير المسار الميداني لهذه الأزمة من خلال دعم القوات السورية في ضرب مواقع ومقرات الجماعات الإرهابية التي تسعى للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
ولم تكن تتوفر في السابق إحصائيات رسمية دقيقة حول عدد الجنود الروس في سوريا حتى تم الإعلان عن ذلك من قبل موسكو في أوائل تموز/يوليو الجاري حيث أشارت إلى أن هذا العدد وصل في مراحل مختلفة إلى حدود 25 ألف عسكري بينهم الكثير من المستشارين.
وتتوزع هذه القوات على أربع قواعد عسكرية في سوريا هي:
1 – القاعدة الجوية في اللاذقية: وهي تعتبر من أهم القواعد الاستراتيجية التي تستخدمها القوات الروسية لتنفيذ عمليات عسكرية لضرب مقرات ومواقع الجماعات الإرهابية في سوريا لاسيّما تنظيم “داعش”. وفي هذه القاعدة تستقر أكثر المقاتلات والمروحيات العسكرية الروسية بما فيها قاذفات القنابل الضخمة ومقاتلات “سوخوي 30″ و”سوخوي 34”. كما تنتشر في هذه القاعدة وحولها منظومات متطورة للدفاع الجوي بينها منظومة صواريخ “بانتسير إس 1” (Pantsir-S1) وهي عبارة عن شاحنات مضادة للطائرات موجهة بالرادار، ومهمتها الدفاع عن قاعدة الطيران الروسية، وكذلك منظومة صواريخ (Buk-M2E) التي تهدف إلى صّد ومواجهة صواريخ كروز، والقنابل الذكية، والطائرات ذات الأجنحة الثابتة والدوّارة، والطائرات بدون طيار.
وبجانب هذه الأسلحة تمتلك روسيا مجموعة من السفن الحربية في البحر الأبيض المتوسط، بعضها مزود بصواريخ “أرض – جو” لضرب الأهداف بعيدة المدى، بحسب قول وزارة الدفاع الروسية.
2 – القاعدة العسكرية في ميناء طرطوس
أنشئت هذه القاعدة من قبل الاتحاد السوفيتي السابق في عام 1971 في إطار التعاون العسكري الاستراتيجي بين موسكو ودمشق، وكانت تهدف بالدرجة الأولى إلى توسيع نطاق تحرك الأسطول البحري السوفيتي في عرض البحر المتوسط. وفي الوقت الحاضر تستفيد القوات البحرية الروسية المستقرة في سوريا من هذه القاعدة لتنفيذ مهام عسكرية مختلفة.
3 – القاعدة الجوية في الشعيرات
تقع هذه القاعدة في محافظة “حمص” وسط سوريا. وقد شاركت القوة الجوية الروسية المستقرة في هذه القاعدة بدعم القوات السورية في تحرير مدينة حلب في أواخر عام 2016. كما ساهمت هذه القاعدة بشكل فعّال في تقدم الجيش السوري في عموم الجبهة الشمالية لضرب الجماعات الإرهابية.
4 – المطار العسكري في “كويرس”
يقع هذا المطار في محافظة حلب شمال غرب سوريا وهو يحتوي على 10 حظائر ومدرج رئيسي بطول 2.5 كيلومتر.. ويحظى هذا المطار بأهمية استثنائية وساهم بشكل فعّال في دعم القوات السورية منذ بداية عام 2016 وحتى الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع القواعد العسكرية التي تستخدمها القوات الروسية في سوريا مجهزة بأحدث أنواع الطائرات ومختلف صنوف الأسلحة والمعدات الحربية والأجهزة الإلكترونية والرادات المتطورة. ولعبت هذه القواعد دوراً كبيراً جداً في دعم القوات السورية التي تمكنت من تحرير مناطق واسعة من الجماعات الإرهابية في مختلف أنحاء البلاد.
كما تجدر الإشارة هنا إلى الدور الكبير والمؤثر جداً الذي لعبته الجمهورية الإسلامية في إيران وقوى المقاومة في المنطقة لاسيّما حزب الله في لبنان والفصائل العراقية المجاهدة في دحر الجماعات الإرهابية في سوريا. وقد مهدت هذه الانتصارات إلى إرغام الدول الداعمة لهذه الجماعات وفي مقدمتها أمريكا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات سواء في جنيف أو فيينا، أو العاصمة الكازاخية “آستانة” والتي عقدت الجولة الأخيرة منها الأسبوع الماضي بهدف التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.
ويمكن الجزم بأن مشاركة روسيا وإيران وقوى المقاومة في القضاء على الجماعات الإرهابية قد قلبت المعادلة الميدانية لصالح القوات السورية، الأمر الذي عزز موقف الحكومة السورية في المفاوضات السياسية. ويبدو أن موسكو وطهران ومحور المقاومة غير مستعدين إطلاقاً لسحب قواتهم من سوريا طالما بقي هناك تهديد إرهابي يستهدف الأمن والاستقرار في هذا البلد وفي عموم المنطقة.
وتنبغي الإشارة كذلك إلى أن روسيا قد لعبت دوراً سياسياً كبيراً في مجلس الأمن الدولي من خلال وقوفها إلى جانب سوريا باعتبارها أحد الدول الدائمة العضوية في هذا المجلس وتملك حق النقض “الفيتو” لإجهاض أي قرار تتخذه أمريكا والغرب بشكل عام لصالح الجماعات الإرهابية.
المصدر / الوقت