سيتكرر سيناريو شاه إيران المقبور مع الملك سلمان؟
لقد وقع ملك السعودية في مقامرة كبيرة عندما شن حرب عبثية على اليمن ونتيجة لتهوره هذا اصحب يواجه إيران التي تعتبر منافسه الإقليمي في المنطقة. وأضافة إلى ذلك قام بتفكيك مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي. ومن زاوية أُخرى تعتمد السعودية في سياستها الخارجية على الطابع المحافظ التقليدي. فلقد كان يتسم غالبية الملوك السعوديين بالحدة والصرامة ولكنهم لم يستخدموا نفوذهم و قدراتهم بشكل واسع كما استفاد منها هذا الملك. فعندما تولى سلمان الحكم في السعودية سارع إلى مهاجمة اليمن ومنع أنصار الله من تولى السيطرة التامة على اليمن. ولقد أصبح لهذه الحرب العبثية نتائج مأساوية.
لقد كلفت هذه الحرب السعودية أموالا كثيرة. حيث بلغت تكلفة هذه الحرب في الأشهر التسعة الأولى تقريبا 5 مليارات دولار تحملها النظام السعودي. ولقد صرفت السعودية ما يقارب من 700 مليون دولار للقيام بعمليات عسكرية. وهنالك أيضا تكاليف أخرى خفية تحملتها الحكومة السعودية كتقديم الدعم لحكومة السودان لكي تشارك في هذا الحرب.
وهنا تجدر الإشارة بأن سلطنة عمان رفضت الانضمام إلى هذا التحالف التي تقوده السعودية. وأيضا لم يكن هنالك أي لقاء يجمع الملك سلمان مع السلطان قابوس. وتعتبر باكستان هي الدولة الوحيدة التي لديها تكنولوجيا نووية والتي فضلت عدم المشاركة في هذه الحرب ولقد صوت البرلمان الباكستاني على الالتزام بالحياد في هذه الأزمة وعدم مناصرة أي طرف من الأطراف المشاركة في هذه الحرب.
وفي السياق نفسه تعتبر إيران هي الدولة الوحيدة التي استفادت من هذا الوضع وسعت إلى تقديم المساعدات اللازمة التي يحتاج لها الشعب اليمن المظلوم.
ولقد قام الملك سلمان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 2016. ويجد الإشارة هنا إلى أن تركي الفيصل رئيس المخابرات السعودية السابق قد شارك مرتين في اجتماعات للمنافقين.
ولقد اقدم ملك السعودي بعد عقده لاجتماع الرياض واطمئنانه إلى وقوف الدول العربية في صفه، إلى خلق الأزمة مع قطر. ونتيجة لهذا الشرخ الذي حدث بين الدوحة والرياض، بدء مجلس التعاون الخليج الفارسي في الانهيار. حيث أصبحت عمان اكثر بعدا عن السعودية. ولقد انتقدت وسائل الإعلام الباكستانية بشدة في وقت سابق هذه الحملة الشرسة التي قامت بها السعودية ضد قطر وضد قناة الجزيرة الإخبارية ودعت إلى وجوب عدم التدخل في شؤون هذا البلد الصغير وانتهاك سيادته وتركة يقرر مصيره.
ونظرا إلى أن هنالك مئات الآلاف من العمال الباكستانيين يعملون في دول مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي، فلقد فضلت حكومة هذا البلد عدم التدخل في هذه الأزمة ونتيجة لهذا الأمر فلقد ضعفت علاقات التعاون الثنائية بين الرياض وإسلام آباد.
لقد ألغی ملك السعودية فجأة خططه لحضور قمة مجموعة العشرين التي أقيمت في هامبورغ الألمانية. وبدلا من ذلك، بعث احد التكنوقراطيين لينوب عن السعودية ويشارك في هذا الاجتماع.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجزء الموفق الوحيد في السياسة الخارجية للنظام السعودي هو كسب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى صفهم وذلك عندما إجری أول زيارة له للسعودية منذ توليه الحكم في أمريكا. ولكن الحرب في اليمن والاستمرار في محاصرة قطر قد رفعت التكلفة التي تتحملها الرياض لجلب دعم البيت الأبيض.
أما في لندن، لم يكن للسعوديين حظا وافر ولم يكونوا في حالة جيدة. فلقد تم اتهام السعودية في احد الاجتماعات التي أقيم في العاصمة البريطانية، بأنها تقدم الدعم المالي لكثير من مساجد المتشددين. ولقد امتنع رئيس الوزراء البريطاني عن نشر نتائج عمليات التحقيق التي قامت بها الحكومة البريطانية حول هذه القضية وحول قضايا أُخرى مشابهة لها. ومن زاوية أُخرى دعا زعيم حزب العمال في بريطانيا الذي استطاع الفوز في انتخابات الصيف الماضي، إلى وقف عمليات بيع الأسلحة للرياض.
سوف تواجه السعودية في المستقبل القريب صعوبات اقتصادية كبيرة وذلك نظرا إلى انخفاض أسعار النفط في العالم. ولن يستطيع هذا البلد بعد الآن أن يشتري المزيد من الأسلحة. وفي ظل هذه الأوضاع الراهنة وقيام النظام السعودي بصرف ميزانيته العامة في شراء الأسلحة، سوف تتلاشى آمال الشعب السعودي بقيام الحكومة بإصلاحات اقتصادية كما وعدتهم بها.
وتذكرنا أوضاع السعودية هذه بأواخر فترة حكم شاه إيران، عندما لم يتمكن من دفع فاتورة صفقة الأسلحة التي اشتراها من أمريكا. في الواقع يمكن القول هنا بأن نظام آل سعود لیس أكثر استقرارا من نظام السلالة البهلوية التي حكمت إيران، و الاقتصاد السعودي بدء يدخل في مرحلة ركود. ألم یحین الوقت لكي يبدأ السعوديين في إحياء نهجهم التقليدي وأن يقوموا بتحكيم العقل اكثر في سياستهم الخارجية.
المصدر / الوقت