التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

استفتاء الانفصال الكردي وابرز المعوقات التي يواجهها 

أدى الانهيار الأمني في العراق عام 2014 وسيطرة داعش على مناطق واسعة من البلاد الى انشغال الحكومة المركزية بالحرب مما فسح المجال أمام سلطات اقليم كردستان للمضي بمشروع الانفصال، ولكن الكثير من المعوقات تحول دون نجاح المشروع.

مع اعلان بدء عمليات تحرير الموصل في تشرين الاول من العام الماضي، مضت التيارات الانفصالية الكردية بخطتها الى مرحلة جديدة، وأعلنت في حزيران الماضي أنها ستقيم في الخامس والعشرين من أيلول 2017 استفتاءً حول انفصال اقليم كردستان.

وواجه الاعلان موجة من الانتقادات وردود الأفعال المحلية والدولية، بالإضافة الى المعوقات التي تقف دون تحقيق هذا المطلب، مما جعله يبدو بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.وفيما يلي سنتطرق الى أبرز المعوقات والتحديات التي تحول دون نجاح استفتاء الانفصال الكردي:

اولا: المعوقات والتحديات في اقليم كردستان

تواجه فكرة الاستفتاء العديد من التحديات النابعة من الشقاق بين التيارات الكردية وأبرز هذه المعوقات:

-رفض القوى الكردية للاستفتاء

لمَّ اجتماع حزيران في أربيل شمل الأحزاب التي يفترض أنها تدعم اجراء الاستفتاء مثل الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الديمراطي الكردستاني، حزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، فيما كان حزب حركة التغيير ووممثلوا المجتمع الاسلامي في الكردستاني من أبرز الغائبين.

ويرى حزب التغيير أن أجراء الاستفتاء غير ممكن ما لم يتوحد المجتمع السياسي في كردستان، معتبرا أن اقامة الاستفتاء في أيلول أمرا غير عملي ومضيعة للوقت، كما رأى ممثل الحزب البرلمان العراقي، هوشيار عبدالله، أن اجراء الاستفتاء في الآونة الحالية يهدف لتحقيق مصالح حزبية وشخصية.

ورأى رئيس الاتحاد الاسلامي الكرستاني العراقي، “صلاح الدين بهاء الدين” أن الكلام عن الاستفتاء قبل ترتيب صفوف الاكراد وحل الخلافات سابق لأوانه وغير منطقي.

-رفض اسلوب اجراء الاستفتاء

من ناحية أخرى يصر عدد من زعماء الاتحاد الوطني الكردستاني وقادته على ارجاء الاستفتاء عبر برلمان الاقليم وأن يتم اقرار مشروع القانون من قبل البرلمان -المنحل حاليا- ويرى أحد الأعضاء البارزين في الحزب “سعدي أحمدي بيره” ان تفعيل البرلمان سيقدم دعما قويا للاستفتاء كما يؤكد على التفاوض مع الحكومة المركزية، البلدان الاقليمية والمجتمع الدولي.

-الازمة السياسية في كردستان

يعاني الاقليم من أزمة سياسية كبيرة حيث تم تعطيل عمل البرلمان منذ 9 أشهر، فيما انتهت ولاية رئيس الاقليم مسعود البارزاني، كما تم فصل وزراء حركة التغيير من الحكومة أما رئيس البرلمان المنتمي الى حركة التغيير فمُنع من دخول أربيل. وأصدرت السلطات حكما بالقاء القبض على زعميم حركة التغيير، نوشيروان مصطفى.

ومن ناحية أخرى فإن ائتلاف الحزب الوطني مع حركة التغيير انتزع الأغلبية البرلمانية من الحزب الديمقراطي، مما يتيح للائتلاف تغيير المعادلات السياسية في الاقليم وانهاء عهد حكم الحزب الديمقراطي.

– غياب الحكومة المحلية القوية

أعلان البارزاني عزمه اجراء الاستفتاء داخل البرلمان في ظل غياب حكومة كردية قوية تعبد الطريق لتطبق ذلك.

-غياب التوافقات والوحدة العسكرية

على الرغم من التعاون بين السليمانية وأربيل وتشكيل حكومة محلية ووزارة لشؤون البيشمركة إلا أن لكل من اللاعبين الرئيسيين في كردستان، أي حكومة السليمانية وحكومة أربيل، قوات عسكرية وأمنية منفصلة، مما يكشف غياب الثقة بين الطرفين.

– المعوقات القانونية

شككت الكثير من الأحزاب والشخصيات الكردية بشرعية الاستفتاء بالنظر الى انتهاء ولاية البارزاني، وعبرت هذه التيارات عن اعتراضها الشديد حيال عدم تنحي البارزاني عن السلطة، معتبرين أنه لم يعد يمثل الأكراد.

– الخلاف الفكري بين المجتمع والمسؤولين

إن الجيل الكردي الشاب يطالب بخطاب استراتيجي يقود نحو حياة كريمة، ولم يعد الاستقلال مقدسا لهم كما كان بالنسبة الى أجيال سابقة؛ كما أن الحكومة الكردية لا تحظى بدعم شعبي كبير، وشهد الاقليم خروج العديد من المظاهرات ضد الحكومة.

-المعوقات الاقتصادية

يعد الاستقلال المالي والاقتصادي من أركان الاستقلال، وهذا ما تفتقده كردستان حاليا على أقل تقدير، حيث لا تملك مصدرا للثروة سوى المبيعات النفطية، وإذا قررت تركيا منع تصدير النفط الكردي، فلن يكون لأربيل أي مصدر آخر للثروة.

ثانيا: المعوقات والتحديات في العراق

وبالدرجة الثانية يواجه الاستقلال عوائقا على مستوى العرق من أهمها:

-مخالفة الدستور العراقي

إن الدستور العراقي الذي صوت عليه الشيهة، السنة والاكراد في عام 2005 ينص على الفيدرالية ويقول في المادة واحد: ” جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق”.

– المناطق المتنازع عليها

تعد محافظة كركوك من المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور، حيث يطالب الكرد بضمها الى الاقليم، وبالنظر الى سيطرة داعش على اجزاء من المحافظة وهجرة سكانها فلا يمكن اجراء الاستفتاء فيها، كما أدى تعامل البيشمركة السيء مع المواطنين غير الاكراد هناك الى سخطهم ورفضهم الاستفتاء.

– معارضة القوميات والتيارات غير الكردية

ومن التحديات التي تواجهها حكومة الاقليم معارضة العرب، التركمان، الشبك، المسيحيين والايزديين الساكنين في الاقليم لانفصاله عن العراق، وتتفاقم المشكلة في المناطق المتنازع عليها.

– رفض الحكومة المركزية

تعدد الحكومة المركزية في بغداد من المعارضين لاجراء الاستفتاء وتراه مخالفا للدستور العراقي، حيث أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على رفضه المسبق للاستفتاء ونتيجته.

– المعارضة السنية

بالظر الى أعداد السنة الكبيرة في كركوك وأهمية نفط المحافظة للاقليم السني -لو تشكل- فإن التيارات السنية ترفض استفتاء كردستان.

– المعارضة الشيعية

أعلن عمار الحكيم الذي يقود اكبر تحالف شيعي، التحالف الوطني أن “فقط “اسرائيل” ستعترف بكردستان” مطالبا المجتمع الدولي بالتصدي الصريح لمخطط الانفصال الكردي؛ كما طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، البارزاني بتأجيل الاستفتاء.

ثالثا: المعوقات والتحديات الاقليمية

وعلى مستوى المنطقة أعلنت إيران وتركيا رفضهما للاستفتاء، مما سيجعل كردستان بلدا صغيرا محاصرا وجافا لو استقلت دون موافقة البلدين، كما ان الخلاف بين البارزاني وحزب PKK الكردي عميق. بالإضافة الى ذلك ترفض السعودية استقلال كردستان إذا كان سيضم كركوك الى الاقليم وتفضل ضمها الى الاقليم السني الذي قد يتشكل.

رابعا: المعوقات والتحديات الدولية

ويُضاف الى ما مر أن القوى العالمية مثل الولايات المتحدة، روسيا، والاتحاد الأوروبي ترى أن الظروف غير مناسبة حاليا لاستقلال الاكراد وتقسيم العراق، واعلنت هذه القوى عن رفضها الصريح لهذه الخطوة. ورغم أن البارزاني كان يامل الحصول على الدعم الأوروبي لمشروع الانفصال خلال جولته الأوروبية إلا أنه واجه استقبالا باردا من القادة الأوروبيين.

بالتالي فإن محصلة هذا الرفض تكشف أن البارزاني والمسؤولين السياسيين الأكراد يمضون عن وعيٍ نحو نهاية مسدودة، حيث رغم علمهم باستحالة الانفصال -حاليا على أقل تقدير- إلا أنهم يريدون استخدامه کورقة للضغط على بغداد وهذا ما اعترف به ممثل اقليم كردستان لدى طهران، ناظم الدباغ.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق