التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

جديد الحرب السورية: الأزمة تنتقل الى صانعيها؟! 

يبدو أن الأزمة السورية تعيش تغيُّرات عدة، قد تؤسس لتحوُّلٍ في المشهد المتعلق بالحرب. غير أن هذا التحول، وإن كان حتى الآن لم يلد، فهو لن يكون في صالح الدول التي صنعت الأزمة وراهنت عليها. بل سيكون في مصلحة محور المقاومة، وبالتالي الجيش والشعب السوري. وهنا فإن عدة مسائل واضحة، جعلت القارئ للمشهد السوري، يلاحظ انتقالها من دائرة الإهتمام الأول الى الدائرة الثانية بعد أن طغت الأزمة الخليجية على المشهد السياسي الإقليمي والدولي. فكيف يمكن تحليل المشهد المتعلق بالأزمة السورية محلياً؟ وماذا به إقليمياً ودولياً؟

المشهد المتعلق بالأزمة السورية

يمكن تحليل المشهد السوري من خلال التالي:

أولاً: على الصعيد العسكري المتعلق بالأزمة السورية، مُني تنظيم داعش الإرهابي بهزيمة عسكرية في الموصل، وكذلك في الرقة. وهو ما لعب دوراً في قلب المزيد من المعادلات لصالح الجيش السوري المرتبط مباشرة بهذه النتائج. الأمر الذي نتج عنه تلاحم للجيشين العراقي والسوري عند معبر التنف الحدودي وهو ما يخدم الجيش السوري وحلفاءه استراتيجياً.

ثانياً: على الصعيد السياسي الدولي المتعلق بالأزمة، اختفى التداول بشرعية الرئيس الأسد، بل بات يُشكل رغبة دولية عبَّر عنها كل من الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والفرنسي ايمنويل ماكرون، مما يعكس تحولا في الموقف الدولي تجاه الأزمة.

ثالثاً: على الصعيد الميداني المحلي السوري المتعلق بالحرب على الإرهاب، يبدو أن نار الأزمة الخليجية أشعل الصراع بين الموالين لكل من قطر والسعودية من الجماعات الإرهابية، وبدأت تظهر علامات حرب الإلغاء بين الطرفين.

رابعاً: على الصعيد السياسي المحلي السوري، يبدو أن الرئيس الأسد يعمل وفريقه على الإنتقال نحو مرحلة ما بعد الأزمة وهو ما تظهره بوضوح، اللقاءات التي يُجريها، لا سيما مع رئيس الهيئة المركزية للرّقابة والتفتيش، والتي يجري العمل معها على وضع خطط لمعالجة الفساد الإداري، الأمر الذي يُظهر الدولة السورية بشكل متماسك وقادر على الحكم.

المشهد الإقليمي

عدة مسائل يمكن الإشارة لها فيما يلي:

أولاً: أمام احتدام الصراع بين الدول الأربع وقطر، يجري الحديث عن انفراج في الأزمة السورية. لتنتقل الأزمة الى صُناعها وتبدأ عملية التخطيط لما بعد الحرب السورية. في حين سيُساعد الخلاف داخل مجلس التعاون على فتح باب الحل في سوريا. خصوصاً أن البعض بدأ يعتبر الأزمة الخليجية من نتائج صمود الجيش السوري، والذي أفقد الدول الخليجية رهاناتها وأدخلها في لعبة تضارب المصالح.

ثانياً: انتقل الإهتمام السعودي الى الأزمة الخليجية، وصرفت الرياض نظرها عن الأزمة السورية وأهدافها. في حين تُعاني جماعاتها من أزمات التمويل والإفتقاد للحاضن السياسي الإقليمي. حتى أن تركيا لم تعد تولي الكثير من الإهتمام للملف السوري، على قدر اهتمامها بمساعدة الحليف القطري.

ثالثاً: انتقلت قطر الى موقع المتناغم مع إيران، حيث باتت طهران أحد الأطراف التي تلجأ لها الدوحة، بعد أن دخلت صراع وجود مع السعودية، بات يهددها في مقوماتها الأساسية. وهو ما قلب المعادلات الإقليمية، خصوصاً بعد المكالمة الأخيرة بين الشيخ تميم بن حمد والرئيس روحاني حول أفق التعاون المشترك. الأمر الذي أظهر الأمور وكأنها تتحوَّل لصالح محور المقاومة وبالتالي سينعكس على الأزمة السورية بشكل أو بآخر. في حين دخلت الجماعات المدعومة من قطر أيضاً حالة من الشعور بإفتقاد الحاضن الإقليمي.

رابعاً: يعيش الطرف الإسرائيلي أزمة ما بعد الحرب في سوريا وتطور الأوضاع لصالح النظام ومحور المقاومة. فقد أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية، استنادا إلى مصادر مطلعة، وجود مخاوف لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من استغلال بعض الأطراف (قاصداً إيران) للأوضاع الجديدة في الجنوب السوري لا سيما الإتفاق الأمريكي الروسي، حيث يعتقد العقل الإسرائيلي أن طهران دائماً ما تعيد توجيه الأمور بشكل يخدم مصالحها.

على الصعيد الدولي

على الصعيد الدولي، يستمر العمل بين كل من روسيا وامريكا على تحديد آليات مراقبة مناطق تخفيف التوتر، والتي تهدف بحسب الطرفين إلى تقليص أعمال العنف في سوريا، وتحسين الأوضاع الإنسانية لسكانها. وقد أثر الإتفاق الروسي الأمريكي الأردني الأخير بشأن وقف إطلاق النار في مناطق جنوب غرب سوريا وتحديداً في محافظات درعا، القنيطرة والسويداء إيجاباً على الأوضاع السورية. والتزمت كل من روسيا وأمريكا بمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في هذه المناطق، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. في حين ما يزال وضع ما يُعرف بالمعارضة محط تداول بين الطرفين، في ظل وجود خلاف حول مصير هذه المجموعات.

إذن، تغيَّرت معادلات الميدان، وتغيَّرت معها اصطفافات الدول وتحالفاتها. انقلبت الصورة، ليُصبح شركاء الأمس أعداء اليوم. وفي ظل هذه التبدُّلات، تعيش سوريا مرحلة يتمنى الكثيرون أن تكون انتقالية، نحو إعادة السيادة والإستقرار، لبلدٍ عانى من ويلات مؤامرةٍ كبيرة. فهل انتقلت نار المؤامرة الى صانعيها؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق