من الإقامة الجبرية إلى “أمن الدولة”.. عاد “الهويريني” لطمأنة واشنطن
وكالات – سياسة – الرأي –
من الإقامة الجبرية إلى «رئاسة أمن الدولة».. هكذا تحول حال الفريق أول «عبدالعزيز بن محمد الهويريني»، الذراع الايمن لولي العهد المعزول «محمد بن نايف»، الذي تعرض لانقلاب أطاح به من ولاية العرش.
قرار التعيين الملكي الصادر يوم الخميس، بشأن «الهويريني»، زاد من علامات الغموض والاستفهام حول الرجل، الذي تردد أنه قيد الإقامة الجبرية، كونه أحد رجال الأمن المقربين من «بن نايف»، وكان حاسما في العلاقة الأمنية مع الولايات المتحدة، وتعتبره واشنطن أحد أبرز رجالها الموثوق بهم في المملكة، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
ويبدو أن قرار إسناد رئاسة الجهاز الجديد لـ«الهويريني»، جاء لنفي التقارير المتداولة عن وضع الرجل المحسوب على «بن نايف» قيد الإقامة الجبرية، فضلا عن طمأنة الإدارة الأمريكية، بشأن وجود رجل قوي على دراية بكواليس وأسرار ملف الإرهاب، الذي أسند بكافة تفاصيله إلى الجهاز الجديد.
اللافت في الأمر، تزامن مرسوم الترقية، مع مرسوم ثان يقضي بـ«إنهاء خدمة الهويريني (فريق أول) العسكرية»، وسط غموض يكتنف مغزى القرارين الصادرين بشأن الرجل، الموالي لـ«بن نايف».
ويعد «الهويريني» واحدا من أقدم ضباط وزارة الداخلية السعودية، وتولى العديد من المناصب الحساسة في المملكة، وأسندت إليه الكثير من المهام السرية التي أشرف على تنفيذها.
عاصر «الهويريني»، وزير الداخلية الراحل، الأمير «نايف بن عبدالعزيز»، وكان أحد أكثر الضباط الذين وثق بهم، قبل أن يصبح الرجل الأول في عهد نجله وزير الداخلية السابق، الأمير «محمد بن نايف»، حيث عمل معه مديرا للمباحث العامة ولا يزال في ذلك المنصب حتى الآن.
شارك «بن نايف» خلال تكريمه، في فبراير/ شباط الماضي، وتسليمه ميدالية «جورج تينت» التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب.
تعرض لمحاولتي اغتيال، على الأقل، خلال فترة عمله في المباحث العامة، الأولى في مطلع العام 2003 عندما تعرضت سيارة كان يستقلها برفقة شقيقه لإطلاق نار كثيف انتهى بمقتل شقيقه ونجاته، والثانية في نهاية العام ذاته، عندما تم تفجير عبوة ناسفة في سيارته الشخصية، لكنه لم يكن بداخل السيارة عند انفجارها.
ويعد جهاز «المباحث العامة» بمثابة جهاز استخبارات داخلية، وتوكل إليه مسؤولية المحافظة على الكيان السياسي والأمني للمملكة، ومكافحة العمليات الإرهابية وعمليات التجسس، كما أنه مسؤول عن متابعة جميع الأنشطة في المملكة، بما في ذلك الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والدينية، ومتابعة التنظيمات الاجتماعية ومطالبها وتطلعاتها وتفاعلاتها معاً، والمحافظة على أمن الدولة في جميع الجوانب، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو عقائدية، أو اجتماعية، وفق صحف سعودية.
وتقول تقارير أمنية متخصصة، إن أغلب الملفات الخطيرة التتي تتعلق بأمن المملكة، في يد «الهويريني»، وهو على دراية كاملة بتفاصيلها وأسرارها، الأمر الذي يجعل من التخلي عنه، أو عزله في ذلك التوقيت، قرارا يفتقد الكياسة والحكمة، وقد يسبب للرياض حرجا أمام الإدارة الأمريكية، التي لا تريد أن تفقد حلفائها في المملكة الواحد تلو الآخر.
يقول مراقبون، إن قرار تعيينه على رأس الجهاز الجديد، ربما جاء لينسف مصداقية التقرير الذي نشرته «نيويورك تايمز» الأمريكية، وأحدث صدى مدويا، بشأن تعرض «بن نايف» لـ«انقلاب قصر»، ووضعه برفقة «الهويريني» قيد الاقامة الجبرية.
المؤكد أن عددا من مساعدي «بن نايف» قيد الإقامة الجبرية، ربما كان ««الهويريني» أحد من تم التفاهم معهم، واستقطابه باتجاه الجناح الموالي لـ«بن سلمان» على طريقة سياسة «العصا»«إنهاء خدمة الهويريني(فريق أول) العسكرية»، و«الجزرة» ترأسه «أمن الدولة»، بمرتبة وزير، وأن يكون «عضوا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية»، مع استمراره مديرا للمباحث العامة.
وكان الملك السعودي «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، أصدر سلسلة أوامر ملكية، قضت فعليا بإنهاء نفوذ ولي العهد المعزول «محمد بن نايف»، وتعزيز سلطات نجله، ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان».
وشملت القرارات الملكية، التي أوردتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس»، 19 مرسوما، تصدرها أمرا ملكيا بتعديل الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية وفصل قطاع الشؤون الأمنية المتعلق بأمن الدولة في جهاز جديد باسم «رئاسة أمن الدولة»، برئاسة «عبدالعزيز بن محمد الهويريني»، بمرتبة وزير، وأن يكون «عضوا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية»، مع استمراره مديرا للمباحث العامة.
وشملت القرارات المتعلقة بالجهاز الجديد تعيين «عبدالله عبدالكريم عبدالعزيز العيسى» مساعدا لرئيس «أمن الدولة» بمرتبة وزير.
وأوضح الأمر الملكي أن «إنشاء رئاسة أمن الدولة يهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية على أكبر قدر من الجاهزية والقدرة على التحرك السريع لمواجهة أي طارئ، بالإضافة إلى ما يحققه هذا القرار من تطوير للقطاعات الأمنية في المملكة».
وفي ما اعتبر تحجيما لنفوذ وسلطات وزارة الداخلية السعودية، قضت الأوامر الملكية، بـ«تفصل من وزارة الداخلية كل من المديرية العامة للمباحث، قوات الأمن الخاصة، قوات الطوارئ الخاصة، طيران الأمن، الإدارة العامة للشؤون الفنية، مركز المعلومات الوطني، وكافة ما يتعلق بمهمات الرئاسة بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتمويله والتحريات المالية، وتضم إلى رئاسة أمن الدولة».
و«ينقل إلى رئاسة أمن الدولة، كل ما له علاقة بمهامها في وكالة الشؤون الأمنية وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة بوزارة الداخلية من مهام وموظفين (مدنيين وعسكريين ) وميزانيات وبنود ووثائق ومعلومات».
و«على جميع القطاعات والأجهزة والإدارات التابعة لوزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة التعاون فيما بينها، بما يكفل تقديم الدعم اللازم بما في ذلك الإسناد الميداني، وبما يضمن مباشرة كل جهاز كافة اختصاصاته بكفاءة عالية»، وفق المرسوم الملكي.
وتم استبدال «محمد بن نايف» كوزير للداخلية وحل محله ابن شقيقه البالغ من العمر 33 عامًا، الأمير «عبد العزيز بن سعود بن نايف»، الذي كان مستشارا لعمه، والذي يعتقد بأنه مقرب من «محمد بن سلمان».
وتأتي هذه القرارات الملكية بعد نحو شهر من إعفاء الملك «سلمان» للأمير محمد بن نايف (57 عاما) من مهامه كولي للعهد ووزير للداخلية، وتعيين نجله الأمير «محمد بن سلمان» (31 عاما) وليا للعهد، في ما اعتبر تقليصا كبيرا لنفوذ الوزارة الأقوى في المملكة، وإجهازا على إمبراطورية ولي العهد السابق.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق