معهد أمريكان انتربرايز: إيران أحترفت صناعة الصواريخ البالستية
أكد تقرير لمعهد أمريكان انتربرايز أن الخبرات الإيرانية في صناعة الصواريخ البالستية لا تقتصر على الهندسة العكسية، بل أن إيران وصلت مرحلة الابداع في صنع الأسلحة والبنى التحتية العسكرية. لطالما حاولت الحكومات الأمريكية المتعاقبة فهم العقيدة العسكرية الإيرانية، ونشر معهد أمريكان انتربرايز مئات التقارير لمساعدة حكومة بلاده في هذا الصدد لعل البيت الأبيض يتمكن من تحجيم الدور الإيراني في المنطقة، إلا أن الكثير من الخبراء الأمريكان أقروا علنا أن العقيدة العسكرية الإيرانية مُعقدة ويصعب فهمها ومواجهتها.
ونشر أمريكان انتربرايز مؤخرا تقريرا تحت عنوان “مستقبل السياسة الأمنية الإيرانية” أشرف عليه كبير خبراء الشأن الإيراني في القيادة المركزية الأمريكية السابق، ماك اينيس، أشار فيه الى تاريخ صناعة الصواريخ البالستية الإيرانية لافتا الى أنها انطلقت في عام 1981 من دون استيراد الصواريخ من أمريكا وأوروبا.
وأكد المعهد أن صناعة الصواريخ البالستية هي من المجالات التي بلغت فيها إيران حد الاحتراف، فأصبحت هذه الصواريخ أداة للانتقام واستراتيجية ردع، فيما لم تركز إيران على أي مجال من مجالات الصناعات العسكرية بقدر ما ركزت على صناعة الصواريخ.
وتطرق المعهد في تقريره الى نمو الانفاق العسكري الإيراني، مضيفا: “يبدو إن ايران تسعى لاجراء تغيير في رؤيتها تجاه الحرب مما سيؤدي الى حصولها على قدرات وعقيدة هجومية الى جانب قدراتها وعقيدتها الدفاعية بما يتناسب مع ما تراه مشروعا ويطابق معتقداتها”.
ويقر المعهد بأن ايران ستحصل على المزيد من التمويل مما يُترجم الى المزيد من التقنيات والأسلحة، وهذا قد يؤدي الى تغيير حقيقي في القدرات العسكرية الإيرانية، فيما أشار الى أن إيران متقدمة على دول المنطقة في في مجال التصنيع العسكري المحلي والدراسات والبنى التحتية العسكرية.
وحول الحركة الإيرانية المتسارعة نحو توطين الصناعات العسكرية يكتب المعهد: “على الأرجح لا توجد أي قدرة متوسطة في العالم تركز على توطين صناعاتها العسكرية بقدر ما تفعل إيران ما عدا كوريا الشمالية؛ وإن هذا النوع من التوطين يعد شبه مستحيل من دون امتلاك دعم من قوى عالمية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، الصين و ورسيا، رغم ذلك فإن أيران تسؤر نحوة الاكتفاء الذاتي في المجالات العسكرية من منطلقات عقائدية تدعوها للاستقلال ورفض النفوذ الأجنبي”.
ويوضح التقرير أن الصواريخ البالستية هي المجال الذي تبرع إيران فيه، حيث أصبحت هذه الصوريخ اداة للانتقام واستراتيجية دفاعية رادعة تتخذها طهران التي لم تنفق على أي مجال عسكري آخر بقدر ما أنفقته في هذا المجال. وقامت في بداية الأمر بشراء أنظمة Scud-B و Scud-C لتصبح الأساس لانتاج صواريخ “فتح” قصيرة المدى بالإضافة الى صورايخ شهاب 1 و شهاب 2 القصيرة والمتوسطة المدى على الترتيب.
وكذلك كان النظام الصاورخي الكوري الشمالي No-Dong ۲ نقطة الانطلاق لانتاج إيران صواريخ شهاب 3 متوسطة المدى، حيث تنتج إيران صورايخها محليا وتعمل على تطويرها باستمرار. على سبيل المثال في عام 2015 اختبر حرس الثورة الإسلامية صواريخ “عماد” التي تعتبر نوعا مطورا لصواريخ شهاب 3، وبلغ مدى هذه الصواريخ 1700 كلم، كما تنتج إيران صواريخ “سجيل 2” التي تعتبر بشكل عام محلية الصنع وتعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، ويبلغ مدى هذه الصواريخ 2200 كلم. ويضيف التقرير: “وربما تكون إيران قد اشترت من كوريا الشمالية صواريخا ذات مديات أبعد، وتبذل جهودهخا من أجل صنع صواريخ بالستية عابرة للقارات”.
المهارات الإيرانية في الهندسة العكسية وتوطين الصناعات العسكرية
وفي النهاية يتطرق كاتب التقرير، ماك اينيس، الى بعض ميزات تطور الصناعات العسكرية الإيرانية، حيث يؤكد أن طهران دائما ما تحاول توطين صناعة الأسلحة والبنى التحتية العسكرية الاخرى، معتبرأ أن السبب في اصرار طهران على توطين هذه الصناعات هو العقوبات الغربية ضد إيران بالإضافة الى الدوافع الأيديولوجية الإيرانية ورغبتها في الاستقلال وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات العسكرية تنفيذا لأصول الاقتصاد المقاوم.
ويضيف الكاتب: هنا يجدر طرح سؤال مهم ورئيسي؛ هل ستصر إيران على توطين الصناعات العسكرية بعد رفع العقوبات الدولية ضدها والسماح لها بشراء الأسلحة التقلديدية، أم أنها ستستمر بهذه السياسة؟ واعتبر كاتب التقرير أن الهندسة العكسية واقتناء التقنيات هي اهم الأساليب الإيرانية في توطين الصناعات العسكرية والتقنية والبنى التحتية ذات العلاقة، ويقول: “إن المهندسين الإيرانيين يمتلكون مهارات كبيرة في اعادة تصنيع أجزاء من الانظمة الدفاعية أو اعادة تصنيعها بالكامل، وهذا ينطبق على الانظمة الصاروخية التي حصلوا عليها من ارث الجيش الإيراني قبل الثورة كما ينطبق على الأنظمة التقنية التي اشترتها إيران أخيرا”.
واكد التقرير أن حرس الثورة الإسلامية يركز بصورة خاصة على اضافة قدرات الاصابة الدقيقة واضافة تعديلات أخرى على أنظمته الصاروخية وأنظمة القوة البحرية، عن طريق الحصول على التقنيات واستخدام الهندسة العكسية.
ولفت المعهد في تقريره الى أن مهارات المهندسين العسكريين الإيرانيين لا تقتصر على الحصول على التقنيات والهندسة العكسية، بل أنهم يقومون بالابداع في مجالات الدفاع والهجوم، واختتم بالقول: إن لإيران تاريخ طويل من الابداع وصنع المعدات العسكرية، حيث عد الطائرات المسيرة عن بعد مثالا على ذلك، بالإضافة الى الأسلحة الصغيرة والزوارق السريعة التابعة لحرس الثورة الإسلامية”.
المصدر / الوقت