هل ينقذ بن سلمان بلاده اقتصاديا وماذا وراء “مشروع البحر الأحمر”؟!
السعودية تعيش حاليا “عصر المغامرات” الاقتصادية، تاركة ابنها المدلل بن سلمان يقود عجلتها الاقتصادية عله يغير نظرة الناس عن المملكة، ويفتح صفحة جديدة في تاريخها الحديث، خاصة أن بن سلمان يطرح نفسه على أنه الشاب المنفتح الطموح الذي يحمل في جعبته مشاريع ستدفع بالعجلة الاقتصادية للمملكة إلى الأمام وتضعها في مصافي الأمم، ولكن هل تصدق رؤية بن سلمان 2030 وماهي غايته من هذا الانفتاح في هذا الوقت بالذات؟!
نبدأ من أبرز مشروع طرحه بن سلمان ضمن رؤية 2030 والذي يتمثل بـ “مشروع البحر الأحمر” السياحي العملاق، وبحسب وسائل إعلام سعودية، فإن المشروع “يُقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوّعاً في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة؛ لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي “أملج” و”الوجه”، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة “حرة الرهاة”.
وتعود ملكية هذا المشروع إلى صندوق الاستثمارات العامة ويترأس مجلس ادارته محمد بن سلمان، وبحسب خبراء سعوديون فإن المشروع يستهدف استقبال مليون زائر سنوياً بحلول 2035، وزيادة الناتج المحلي السعودي بحوالي 15 مليار ريال سنوياً، وتعظيم إيرادات صندوق الاستثمارات العامة، وتوفير أكثر من 35 ألف فرصة عمل.
ولكن كل ما سبق ذكره لا يعدو كونه توقعات وأرقام تتمنى الرياض تحقيقها، أم الواقع فيختلف عما يتم تداوله على شاشات التلفزة والمواقع الالكترونية، وقد تأتي الحقيقة صادمة لأبناء السعودية لأن بن سلمان يقود اقتصاد بلاده إلى المجهول للأسباب التالية:
أولاً: هذا الانفتاح الذي يسعى له بن سلمان لا يتناسب مع عادات وتقاليد المملكة ولا مع بنية المجتمع السعودي الذي يعاني الكثير بسبب التشدد وفرض قيود قاسية على المرأة وتطبق المملكة نظام “الولاية”، الذي يعني أن المرأة لا بد لها من الحصول على إذن أحد الأقارب الذكور من أجل مغادرة السعودية، أو الدراسة، أو الحصول على العديد من الخدمات الحكومية والطبية. ويفترض بالرجال كذلك أن تكون ملابسهم مُحتشمة، كذلك يمنع على النساء قيادة السيارات.
بعد كل هذه القيود التي تفرضها السلطات السعودية كيف يمكن لـ”بن سلمان” أن يتجاوز جميع رجالات الدين والمحافظين من داخل الأسرة ويسمح للنساء بارتداء البكيني في منتج الشاطئ على ساحل البحر الأحمر، حسب ما ذكرت صحيفة التايمز يوم الأربعاء الماضي.
أمر آخر يعد بالغ الأهمية، كيف يمكن للسعودية أن تتوقع استقطاب السياح الأجانب، بعد هذه النظرة السوداوية التي شكلتها شعوب الأرض عن المملكة، فهي بنظرهم مركز لـ”الوهابية” وأكبر داعم للإرهاب، وبلد لا يحترم الحريات المرتبطة بالملف السياحي.
ثانياً: يعرف عن بن سلمان أنه متسرع في قراراته ومتهور ولا يملك أي رؤية واضحة لمستقبل المملكة على عكس مشروعه “رؤية 2030” الذي سيكلف السعودية الكثير لما يحمله من مخاطر اقتصادية تؤثر على حياة المواطنين اليومية كـ “اجراءات التقشف”، وخصخصة القطاع العام، وبيع أسهم من شركة النفط العملاقة “أرامكو”، ما يعتبره البعض بداية توالي التنازلات في ملكية أهم ثروة تملكها السعودية على الإطلاق.
إذاً ماذا يريد محمد بن سلمان من هذا المشروع؟!
لا شك بأن محمد بن سلمان يسعى للانفتاح من خلال هذا المشروع بغية تثبيت حكمه الذي يقترب من الوصول إليه.
ثالثاً: يحتفي الإعلام السعودي بالمشروع الجديد “مشروع البحر الأحمر” ويقوم بتغطية مكثفة له، ولا أحد يعلم لماذا تتناسى السعودية التعويضات التي يطالبها بها أهالي الضحايا والمتضررين من هَجمات الحادي عشر من سبتمبر. التعويضات المَطلوبة من السعوديّة وحدها قد تصل إلى 4000 مليار دولار، إن لم يكن أكثر، وهذا مبلغ ضخم قد يكون من الصّعب توفيره في ظِل تراجع أسعار النفط، وتآكل الاحتياطات الماليّة في ظِل العُجوزات الضخمة في الميزانيّة، وربّما تضطر الحُكومة السعوديّة إلى بيع كل أسهم شركة أرامكو، إلى جانب عدّة شركات حُكوميّة أخرى لتسديد نصفه فقط إذا صحّت تقديرات الخُبراء.
رابعاً: من المرجح جدا أن تتعمق الخلافات داخل العائلة الحاكمة في السعودية، وبالتالي انعكاس هذه الخلافات على الداخل والخارج، خاصة بعد حالة الغضب التي ضجت بها المملكة بسبب التعتيم الإعلامي المقصود والمتعمد على قضية ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود والأنباء التي تحدثت عن وضعه تحت الإقامة الجبرية، ومن ناحية أخرى سيصطدم محمد بن سلمان لا محالة مع رجال الدين المتنفذين داخل المملكة بسبب مشاريعه الجديدة التي يدعو من خلالها للإنفتاح على الخارج، ولكن أي انفتاح لا يسري على الشقّ السياسي الذي سيبقى حكراً على العائلة الحاكمة وخطّها السياسي، وهذا الأمر سيجعله عرضة للمشاكل مع أبناء عمومته وأفراد الأسرة الحاكمة.
المصدر / الوقت