وجاء في الوثائق المسربة معلومات تفضح مراحل التقارب بين السعودية وكيان الاحتلال، إذ بدأت بإلحاح سعودي على طرح مسألة التطبيع مع إسرائيل ومبادرة السلام السعودية عام 2002 التي تبنتها جامعة الدول العربية في قمة بيروت في العام نفسه.
وأورد موقع ويكيليكس: إن شخصيات سعودية نافذة بدأت عام 2006 بالحديث علانية بأن إسرائيل لم تعد ضمن قائمة أعداء الولايات المتحدة بل هي أقرب لحليف غير رسمي، ليتطور الأمر إلى مبادرات سعودية للتقارب مع الاحتلال عام 2008، وفعاليات التقارب مستمرة منذ ذلك التاريخ.
حليف غير رسمي
وكشفت إحدى البرقيات المؤرخة بـ27 أبريل 2005، والمرسلة من وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية والثقافية، إلى وزير الخارجية السعودي، عن حجم التطبيع الذي وصلت إليه السعودية مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفضحت البرقية المذكورة تلقي وزارة الخارجية السعودية برقية من رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء السعودي لاستبيان الموقف القانوني والدبلوماسي بشأن تعامل المملكة مع شركات أجنبية وثيقة الصلة بإسرائيل.
وجاء في البرقية المسربة إن وكيل وزارة الخارجية السعودية أشار إلى قرار مجلس الوزراء السعودي رقم (5) المؤرخ بـ13يونيو 1995، الخاص بإيقاف مقاطعة إسرائيل من الدرجتين الثانية والثالثة، والاكتفاء فقط بالدرجة الأولى التي بموجبها تقاطع المملكة الشركات الإسرائيلية بالكامل، دون أن تقاطع التي تملك فيها إسرائيل أو أشخاص يحملوا الجنسية الإسرائيلية حصة معينة، أو الأجنبية التي تتعامل مع الشركات الإسرائيلية.
علاقات اقتصادية فاضحة
وكشفت هذه البرقية أن آل سعود سمحوا منذ منتصف التسعينيات، للشركات التي لها علاقة بإسرائيل بالعمل داخل المملكة في مختلف المجالات، وأن المراجعة فقط تتم في حالات خاصة متعلقة بأمن المعلومات.
وتابع موقع ويكيليكس في تقريره: إن اللواء ركن نايف بن أحمد بن عبد العزيز، أحد أهم القادة العسكريين السعوديين، متخصص في مجالات العمليات الخاصة والحرب الإلكترونية، قام في منتصف 2012 بكتابة مقال في إحدى المجلات التابعة للقوات المشتركة الأمريكية، تحدث فيه بإيجابية عن إسرائيل وعن ضرورة تقوية علاقات بلادها معها.
وأكد الضابط السعودي البارز في المقال ذاته، على ضرورة أن تدفع كل من السعودية والاحتلال الإسرائيلي إلى تقوية أواصر التعاون والتلاقي بين الفلسطينيين والعرب عموما والإسرائيليين.
وسلّط الجانب السعودي حينها الضوء على رد الفعل الصهيوني على مقال اللواء السعودي، بحسب ما تظهر برقية من وكيل وزارة الخارجية لشؤون المعلومات والتقنية إلى سعود الفيصل.
الى ذلك ورد في برقية أخرى نص مقالة للكاتب الإسرائيلي في صحيفة هآرتس، أمير أورن، دلل فيها الأخير بمقالة نايف على أن الرياض تغازل إسرائيل بعلاقات طبيعية وفقا لشروط معينة، كما أن هناك برقية أخرى من وكيل الوزارة إلى سعود الفيصل، حول اهتمام وسائل إعلام عربية بمقالة الكاتب الإسرائيلي وتعليقها على الأمر برمته، ما يؤكد أن مقال نايف كان بالونة اختبار لجس ردود فعل إسرائيل والإعلام العربي.
ومايثير العجب أن وثائق ويكيليس المسربة أكدت أن الرياض لم تكتف بتطبيع العلاقات مع إسرائيل على المستوى الرسمي فقط، إذ سعت إلى خلق علاقات وروابط مع الاحتلال على المستوى الشعبي أيضا.
وعلاوة على ماسبق فضحت إحدى الوثائق “بروتوكول” غير رسمي بوساطة أمريكية ترعى علاقات بين المملكة وأيضًا الإمارات تحت غطاء أكاديمي، وهو ما يأتي في إطار ما يسميه خبراء العلاقات الدولية بـ”تأسيس علاقات طبيعية متجذرة من أسفل”.
علاقات وطيدة
هذا وطالبت الخارجية السعودية أيضا استكمال معلومات عن وفد من عشرات الطلاب السعوديين، استضافتهم السفارة الإسرائيلية في واشنطن في إطار برنامج تدريبي لإعداد القادة تحت رعاية الحكومة الأمريكية، وبحسب البرقية المرسلة في أغسطس 2008 تشير إلى طلب الخارجية فحوى وهدف الزيارة والاستبيانات التي ملأها الطلبة ومحتوى المواد المكتوبة والمطبوعة والمرئية التي أهدتها السفارة الإسرائيلية للطلبة، كما تشير إلى السعودية بالاستعلام عن غرض الزيارة وما دار فيها.
وذكرت الوثيقة: إن الطلاب السعوديين استمعوا إلى شرح من موظفي السفارة الإسرائيلية وطرحوا الأسئلة والتقطوا الصور التذكارية هناك.
جدير بالذكر أن الخارجية السعودية لم تبد أي اعتراض أو تحذيرات في البرقية حول هذه الزيارة السعودية للسفارة الصهيونية، وأنها تعاملت معها بشكل روتيني كما يحدث عند طلب استعلام الوزارة من سفاراتها حول العالم عن حدث بعينه، وهو ما يشي بأن هناك أنشطة مماثلة تحدث بشكل روتيني، وليس تصرفا فرديا من شخص أو مجموعة أشخاص.