التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024

جدل في الانتخابات 

عبدالرضا الساعدي
منذ 2003 وإلى اللحظة ، والخلافات والتقاطعات السياسية مع تعدد الآراء والأفكار حول أمور كثيرة داخلية وخارجية ، كانت حاضرة على الدوام ، وهذا أمر طبيعي في ظل مناخ ديمقراطي يسمح بذلك ، ولكن من غير الطبيعي أن الجهة التشريعية للبلد لم تستفد من التجارب السابقة ولم تتعلم الدرس الديمقراطي إلى الآن .. أحيانا يكون ذلك بقصد ربما وأحيانا أخرى بالتناسي أو الجهل في كثير من مفاصل الحياة السياسية والديمقراطية ، سواء في القوانين أو الدستور وغيره ، لكن أن ينسى بعضهم أو معظمهم أن الديمقراطية هي حكم الشعب ، فهذا أمر غريب فعلا ، ويتنافى مع أول وأهم مبدأ فيها ، ولتأخذ مفهوما آخر وهو أن الديمقراطية هي حكم الأقوى والأكثر مالاً ونفوذا وتسلطا ووجاهة ، ولتذهب مطالبات الناس وحاجاتهم واحتجاجاتهم إلى الجحيم ..!!!
الشعب هو المرجع الأول لأي قرار ، وهو يختصر جلّ القضية كما أنه يحلّ معظم المشاكل القائمة والعالقة في البلد ، ويختصر أيضا هذا الجدل العقيم المستمر بين الكتل حول أمور عديدة ومعقدة ، وليس آخرها طبعا الانتخابات القادمة ،والنظم التي ينبغي اعتمادها في ذلك .
لكن هذا المبدأ الأساس أو المرجع _ نعني الشعب _نسيه كثير من العاملين بالسياسة والبرلمان اليوم ، فانشغلوا بأمورهم وهمومهم ومنافعهم الخاصة وتركوه خلف ظهورهم ، وهم بالأمس رفعوا أيديهم بالإجماع موافقين على الإصلاح والتغيير ومطالب الناس المحتجة ، حين تعالت أصواتهم في الشوارع ، ولكنهم اليوم يعيدون الأيدي إلى مواضعها التي تصوت بالضد من كل ذلك ..!!
جدل في الانتخابات حول اختيار نظام انتخابي مناسب ، يصل مشحونا بالخلافات والتقاطعات إلى اعتماد ( سانت ليغو ) بين مؤيد ومعارض على النسبة التي تعتمد في هذا النظام ، أي من ( 1،9) إلى ( 1،7) ، ولكن القضية أكبر من هذا الموضوع ، فهناك قوى تريد إعادة الوجوه وبقاء الحال على ما هو عليه ، رغم الفساد والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة ، وهناك من يطمع بالوصول إلى الحكومة والبرلمان بأي وسيلة بعد أن أخفق في المرات السابقة ، ويعتقد أن آليات الانتخابات لم تسمح له بذلك ، وهناك من يأمل بالتغيير وبالإصلاح فعلا ليدفع بوجوه وكفاءات جديدة ، ولكنه لا يجيد التعامل مع الحدث السياسي الراهن ، وربما يفتقر إلى الحنكة والذكاء والخبرة .. وهناك أيضا من يتربص بكل ما يجري ليسوق الأمر من موضوع انتخابي إلى موضوع شخصي ضيق لا يمت للعملية بصلة حقيقة أو مصلحة عامة ، كما أن هناك الأطراف الخارجية اللاعبة على أوتار الخلاف والتقاطعات والمشاحنات .. وفي النهاية فإن الانتخابات شأن داخلي لا يجوز التدخل فيه من أية جهة خارجية ، كما أن الرجوع إلى رأي الشعب والمنطق والحكمة هو الحل بدلا من أن تتحول الانتخابات إلى ساحة عراك وصراع أو فتيل أزمة يشعل ما حوله في ظل مطالبة واسعة واضحة بإجراء الإصلاحات الحقيقية وليست الشكلية ، وفي ضل أجواء ما بعد داعش في الموصل ومواصلة الحرب على ما تبقى من إرهاب في مناطق أخرى من العراق.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق