سوريا فشل العدوان وعلامات الإنفراج
تتناقل الأنباء وتتداول هذه الايام عن قرب انتهاء القتال في سوريا وانهيار المجموعات الارهابية، هناك الكثير من المفاجآت في الملف السوري بدأت تتحقق الواحدة تلو الأُخرى وأخذت تطفح الى السطح..
ويظهر ان هناك حال قادم في ظِل التغييرات الجذرية الفريدة من نوعها وتطورات متسارعة، فبَعد الانتصارات العسكرية المختلفة في الساحة السورية وإستيلاء الجيش العربي السوري مؤخراً على مدينة السخنة في مُحافظة حمص، وبعدها السيطرة على منطقة نصيب الحدودية مع الأردن لأول مرّة منذ خمس سنوات، بعد ان كانت الحُدود مُغلقةً كُليّاً بين البلدين.
في ظل ذلك زادت التكهنات في هذا الصدد من تسرب المعلومات التي تشير الى عزم بعض الدول التي كانت تدعم المجموعات الإرهابية والمعارضة «المعتدلة» كما تسمى للتراجع عن مطالبتها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة وآخرها تصريحات عادل الجبير وزير خارجية الرياض والمطالبة من المعارضة السورية التي تعمل في ظل حكومة المملكة العربية السعودية او ما تسمى منصة الرياض، بالتخلي عن مطلب رحيل الأسد، والإستعداد للتحاور مع النظام وفقاً لرؤية جديدة، وهذا يعني موقف جديد .
لا نستبعد أن تكون هذه الخُطوة جاءت لعدّة أسباب، أبرزها تخفيف التوتّر في الجنوب السوري تطبيقاً لتفاهمات مؤتمر الآستانة، وتوصّل قناعةٍ بأن الولايات المتّحدة اعترفت بفشل سياستها في سورية وكذلك ان الأردن استلمت الرسالة وفهمت التطورات الجديدة في ارض شقيقتها وجارتها، وبعد قرار الاولى بوقف برنامج دَعم المعارضة السورية وتسليحها، غَسلت يَديها من المعارضة السورية، وسلّمت الملف السوري بالكامل لروسيا تقليصاً للخسائر، واعترافاً غير مُباشرٍ بالهزيمة، وقد كتبت صحيفة نيوزويك الأمريكية بعد ان نقلت عن رئيس قيادة العمليات الخاصة في الجيش الاميركي الجنرال «ريموند توماس» قوله إن القوات الروسية المتواجدة في سوريا إلى جانب نظام الأسد منحها نفوذاً واسعاً يصل لحد القدرة على طرد القوات الأميركية الموجودة في ذاك البلد مشيرا إلى تواجد القوات الروسية في سوريا بشكل قانوني حسب تعبيره.
وتشير المعلومات والتحليلات الى ان وفود المجموعات السورية «المعارضة» للمباحثات غير منسجمة ولم يصلوا الى نقاط مشتركة بمنصاتها الثلاث وتبدو اليوم الحلقة الأضعف بين مكونات النزاع في المحادثات التي تجري لحل القضية وخاصة في محادثات جنييف الأخيرة وقبلها آستانا، وهناك شكوك في تمددها وبقائها وضعف امكانتها المادية والمعنوية على الأرض السورية وحيث تتعرض لضغوط متزايدة من بلد الدعم والاقامة مثل انقرة والرياض وموسكو والقاهرة وعليها ان تتهيئ لضرورة التعامل مع بقاء الرئيس بشار الأسد، ويرجح ان يكون جدول أعمال مؤتمر الرياض القادم للمنصات الثلاث من نقطة واحدة وهي استكمال الترتيبات ضمن الاتفاق الأمريكي الروسي، وبالتزامن تشهد المعارضة المسلحة المعتدلة من جيش حر وجيش عشائر وغيرها تغيرات مصحوبة بضغوط لإعادة إنتاجها بما يتوافق مع الاتفاق في البادية السورية والمناطق الجنوبية، وللحقيقة إن من أسمتهم بقادة للمتمردين السوريين يشعرون بخيبة الأمل بعد قرار إدارة الرئيس ترامب وقف برنامج السي آي إي السرية لتسليح وتدريب المسلحين الارهابيين، الذي بدأ تحت رئاسة الرئيس باراك أوباما ولكنه سرعان ما انهار بسبب الخسائر التي تعرضوا لها على الأرض ومخاوف بشأن التطرف داخل صفوفهم. غير ان المتغير النوعي الذي ستترتب عليه تبعات كثيرة كان الدخول المصري بقوة على خط الأزمة، من خلال مناطق خفض التوتر في حمص. وتشير المعلومات الى ان الموقف المصري مع بقاء الدولة السورية برئاسة الاسد. لا ننسى الدور العظيم الذي قلب موازين الحرب في سوريا وكاد أن يقلب النظام في سوريا من دونه وعلينا ان تقول الحق لولا التعاون الكبير للجمهورية الاسلامية الايرانية في تقديم الدعم غير المحدود للحكومة السورية وشعبها وتقديم الإستشارة والمشاركة في قتال الإرهاب وتماسك الجيش السوري ورد الجميل من طرف حزب الله في القتال وتقديم الشهداء والدخول الروسي سياسياً وعسكرياً بالصواريخ العابرة للقارات والبوارج الحربية ومختلف ما أنتجته الماكنة الحربية الروسية ولكان الإرهاب قد اجتاح الكثير من بلدان المنطقة. أما بخصوص السعودية التي تتفن في سياساتها ولا يهمها سوى مصلحتها فلا بأس من تغيير موقفها بحيث كانت مجبرة وليس اختيارا منها وهذا يدخل في مصلحة سوريا الجريحة التي تطالب فقط من دول الخليج (الفارسي) وقف التمويل وضبط الحدود بين الأردن من جهة وتركيا من جهة أخرى.
بقلم / عبدالخالق الفلاح