التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

دير الزور، بلدة ترزح تحت ظل التطرف! 

دير الزور بلدة سورية لها حدود مشتركة مع العراق. تقع هذه البلدة التي تكون في اقصى شرق سوريا على ضفاف نهر الفرات. هذه المنطقة هي واحدة من أهم المواقع الأثرية، وقيل ان تاريخها يعود إلى الألف السابع قبل الميلاد.

يبلغ عدد سكان المدينة ما يقارب المليون ومئتان وثلاثة وتسعون نسمة ويُشكّل المذهب السني الغالبية الدينية لسكان هذه المدینة. ورغم الاكثرية السنية في هذه المنطقة لكن ايضا يتواجد هنالك سكان يعتنقون الطائفة الشيعية الاثنى عشرية كبلدة “حطلة”. كذلك توجد في هذه مدينة وفي منطقة دورا ابوس على حافة نهر الفرات آثار قديمة قيل انها تعود الى اقدم كنيسة بالعالم. واستنادا لبعض الوثائق التاريخية التي اظهرت ان هذه المدینة كان يعيشها مجموعة من الأرمنيين لكن مع جميع الاختلاف السكاني الموجود في دير الزور الّا انها حاليا مدينة ذات اغلبية سنية. تتكون مقاطعة دير الزور من ثلاث مدن هي دير الزور، البوكمال والميادين اضافة الى 11 ريف و128 قرية.

مدينة دير الزور هي مركز مقاطعة دير الزور الواقعة في شرق سوريا قرب الحدود العراقية وتنقسم الى قسمين شمالي وجنوبي عبر نهر الفرات. هذه المدينة دائما ما كانت ارضا للتطرف الديني ومركزا لتنمية النشاطات الارهابية لأسباب عدة منها قربها من مركز تنظيم القاعدة الارهابي الكبير على الحدود العراقية، هيكلية اجتماعية عشائرية وقبلية، بعدها عن المركز وحرمان شبابها من دول الخليجیة.

تعزيز ونمو الفكر الوهابي في هذه المنطقة ادى في بدايات الاشتباكات والنزاعات الداخلية السورية الى انضمام اعداد كبيرة من السكان لتنظيم داعش الارهابي الى ان تم فقدان السيطرة عليها من قبل الجيش السوري. في الوقت الراهن يسيطر الجيش السوري على اجزاء قليلة من مركز المدينة (بلدة دير الزور) اضافة الى المطار وهذه الاجزاء القليلة هي الاخرى محاصرة ولا سبيل للحكومة السورية لإيصال المساعدات والامدادات سكانها الّا عن طريق المظلات الجوية وقوات الجيش. أما المناطق الأخرى في المحافظة، باستثناء الأجزاء الشمالية وشبه الشمالية من محافظة ديرالزور، ومقاطعة حسكة، ومنطقة أبو شهاب، فهي تخضع لسيطرة تنظيم داعش الارهابي.

مطار دير الزور الاستراتيجي والقواعد العسكرية ومخازن ومستودعات الاسلحة في بلدة دير الزور كانت سببا لترسل الحكومة السورية عددا من الضباط الخاصين الى هذه البلدة للحفاظ على المراكز العسكرية الهامة فيها بأي ثمن.

انتقال داعش الى دير الزور

وفقا لبعض التقارير، بعد ان تلقى الارهابيون هزائم فادحة في حلب فقد الدواعش ايضا قواعدهم ومقراتهم المهمة في شمال غرب سوريا ونقلوا على اثرها كبار ضباطهم من الرقة والموصل الى دير الزور. وحدث ذلك بعد أن فقدت داعش مراكزها الحيوية في مدينة الباب والجزء الكبير من ضاحية الرقة الشمالية وشرق هذه المدينة، وخرجت اجزاء كبيرة من الموصل من سيطرتهم. وعلى هذا النحو، فإن هاتين المدينتين باعتبارهما مركزين حاسمين وحيويين لداعش لم تكونا آمنتين لهم، ويجب عليهم السعي للحصول على بديل لنقل مركز سلطته هناك.

وفي هذا الصدد، نقل تنظيم داعش اضافة الى كبار قادته المئات من الشاحنات المُحمّلة بالمعدات والذخائر الحربية. المركبات الصغيرة، الاسلحة، المعدات و القنابل المدفعية تأتي ضمن البضائع المشحونة بتلك الشاحانات. كما هاجر المئات من عوائل الدواعش الاجانب من مناطق الاشتباك في الرقة والموصل الى الميادين والبوكمال واطراف نهر الفرات في منطقة دير الزور.

مما عقّد المشهد اكثر في دير الزور، الموارد النفطية والغازية والموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة والتي لفتت مطامع العديد من المجاميع الارهابية. اضافة الى تنظيم داعش والجيش السوري تسعى جبهة النصرة الارهابية ايضا للسيطرة على الموارد النفطية ومعبر البوكمال على الحدود العراقية وبطبيعة الحال فإن هدف جبهة النصرة اضافة الى الاستيلاء على النفط هو منع داعش من السيطرة على مقراته في هذه المنطقة.

بعد الاختلاف العقائدي الذي حصل بين تنظيم داعش بزعامة ابو بكر البغدادي وجبهة النصرة بزعامة الجولاني الذي فضّله ايمن الظواهري على البغدادي اتجهت الانظار الى صراع على السلطة بين هذين الجماعتين يهدف إلى تجاوز الآخر وإثبات افضليته في شرق سوريا، وخاصة في ديرالزور.

لكن الاطراف المتصادمة في هذه المنطقة لا تقتصر على داعش والنصرة وسوريا فقط. حيث يتطلع كل من محور التحالف الايراني والتحالف الامريكي ايضا الى تنفيذ عملياتهم في هذه المنطقة.

الادارة الامريكية ترى روسيا شريكة لمساعي سوريا وايران في شرق البلد لإفشال المخططات الامريكية. وفي هذا السياق ذكرت صحيفة الوطن السورية قبل فترة قليلة عن تكثيف التواجد السوري والروسي في المناطق الصحرائية بسوريا لإستعادة دير الزور.

كذلك تصل الى المسامع اخبار تفيد بوجود مساعي اردنية لإقامة التنسيق بين المندوبين الروس والأمريكيين. مع ذلك لا يزال الامريكيون يسعون لإقامة منطقة آمنة في شمال الحدود السورية والاردنية بغية شن هجمات اكثر ضد القوات التي يدعمها بشار الاسد.

الهجوم الصاروخي على دير الزور

لدير الزور اهمية الستراتيجية لدى تنظيم داعش ولا تخفى هذه الاهمية عن احد. بعد ان قام تنظيم داعش بتنفيذ عمليات ارهابية داخل العاصمة طهران وذلك في يونيو من العام الحالي، قامت القوات الجوية للحرس الثوري في الدقائق الاخيرة من يوم الاحد المصادف لأخر ليالي القدر لشهر رمضان المبارك بقصف مواقع داعش (مركز القيادة ومراكز الدعم) في منطقة دير الزور السورية من مقرات الحرس الكامنة في مدن كرمنشاه وكردستان (مسافة تبعد تقريبا 650 كيلو متر) بعمليات حملت اسم “ليلة القدر” واطلاق 6 صواريخ باليستية متوسطة المدى.

وفقا للتفسيرات الآنفة الذكر، أصبحت منطقة دير الزور الآن مقر قيادة تنظيم داعش الارهابي ، وسكان هذه المنطقة محاصرون حاليا. ولهذا السبب، فإن تحرير هذه المنطقة له أهمية كبيرة. في هذه اللحظة، يصب كامل تركيز محور المقاومة والجيش السوري في الوصول إلى الحدود الإدارية لمقاطعة دير الزور وفك الحصار عن المدنيين وعن القوات المحاصرة. وتتواصل عملية دخول هذه المحافظة من شرق وجنوب محافظة حمص جنوب غرب محافظة الرقة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق