سورية تنهض: من يتأخر يخسر
أي إنجاز عظيم ان يزور وزير لبناني دمشق ليبحث قضايا مشتركة وملحة تتجدد كل يوم؟ وأي حدث جلل ان تقوم علاقة توسعت واستمرت على مدى الدهور والعهود رغم معاندة ومكابرة من صمموا على الارتباط بأعداء العروبة وقلبها النابض من العرب والأجانب؟
أحيانا تتهاوى في السياسة اللبنانية ادعاءات الشطارة والفهلوة امام اعتياد العيش على إدمان الأوهام التي يعممها السفراء والقناصل حتى لو أسقطتها التطورات واعترفت بخيبتها مراكز القرار الغربي التي دفعت المرتبطين بها في أتون العداوة والتواطؤ، وحين انهزمت واشنطن حجرت عليهم أي اتصال بالدولة السورية قبل ان تقرر هي ذلك في حاصل مساوماتها المزمعة مع دمشق مباشرة وبالواسطة وكما حصل من قبل في ثمانينات القرن الماضي بعد الاجتياح الصهيوني واتفاق 17 أيار المشؤوم.
أولا: على الرغم من الوقائع العنيدة التي تمخضت عنها احداث عاصفة ودامية خلال سبع سنوات جرفت حصيلتها خرافات كثيرة عن إسقاط سورية وتدمير دولتها والنيل من رئيسها ما يزال بعض الموتورين في لبنان يديرون ظهورهم للتحولات الدراماتيكية المتلاحقة .
لا يتعلمون من التجارب ولا يحفظون أيا من دروسها ولا يقرأون إلا البريد القادم لمعاونيهم بالتعليمات من واشنطن وباريس ولندن واحيانا من الرياض او اسطنبول. من يراجع التاريخ القريب يعرف انه لم يسبق ان صمدت قطيعة بين سورية ولبنان على مر التاريخ ومع موج التحولات الدولية والإقليمية الهادرة كانت حقيقة الحياة تنتصر وتحتم تواصلا لبنانيا سوريا وثيقا هو سنة والوجود والتاريخ والثقافة والاقتصاد والعائلات العابرة للحدود وشبكة العلاقات الإنسانية المعقدة والمتشعبة بين البلدين الشقيقين، وحيث تعلو الحاجة اللبنانية في حجمها وقيمتها عن المقادير المتخيلة للمصالح السورية فيها والتي لخصتها نصوص اتفاق الطائف بصياغة «كف الأذى» من خلال عبارة «الممر والمقر» التي خرقها الساسة اللبنانيون بغواية تجارة الحروب وبارتهانهم للخارج وبابتعادهم عن الحساب الفعلي لمصالح لبنان الاقتصادية والوجودية، فكيد هذا البعض وارتهانه احضر التكفيريين وويلاتهم إلى لبنان للنيل من سورية وفي الحصيلة ها هم يستغرقون في إحباطات الفشل والهزيمة.
ثانيا: في المشهد السوري حقائق صارخة لمن يريد ان يفهم اتجاه التطورات السياسية والعسكرية المتلاحقة وقد أرادت الدولة الوطنية السورية الدلالة على اتجاهها الفعلي بتظاهرة معرض دمشق الدولي الحاشدة والهادرة وبفرح الاحتفال لاقت دمشق زوارها الأشقاء والأصدقاء تعبيرا عن إرادة الحياة المتجددة.
الجيش العربي السوري يحصد انتصارات متلاحقة في الميدان ويحرر مساحات جديدة من تراب الوطن كل يوم ويسطر ملاحم تستحق التنويه والاحترام الذي تبديه مراكز ومواقع وجهات متزايدة الاتساع في العالم كله. وفي قلب الولايات المتحدة ودول الغرب التي قادت العدوان على سورية.
تفككت وانفجرت احلاف الدول التي جمعتها الولايات المتحدة لقيادة العدوان، فالمحور الإقليمي للعدوان تفجرت خلافات اطرافه وتكرس انشقاقه عن حسابات حصاد الخيبة والفشل، وكرست واشنطن تلك الحقيقة بينما تسجل تراجعات متلاحقة في الموقف الدولية وتقف بعض الحكومات الأجنبية واجفة امام حاجتها للتنسيق مع دمشق بعدما انكسرت حربة العدوان وارتد الإرهاب إلى اعناق رعاته وداعميه.
وسط كل ذلك تفككت واجهات الحرب المسماة معارضة ويكفي ان يتصفح أي كان جريدة سعودية ليطالع فيها مرثيات الائتلاف وانهياره وانفصامه عن الأرض لارتهانه وبكائيات انكشاف خرافة الثورة عن عصابات القاعدة وداعش وتفجع بعض المرتزقة على سير السوريين في مناطق التمرد إلى المصالحات التي ترعاها الدولة الوطنية السورية وحيث تتردد عبارة “العودة لحضن الوطن ” في أرجاء العواصم الأجنبية والعربية التي جعلتهم مطايا لتخريب سورية ولغزوها.
ثالثا: لأن ملحمة الصمود وحرب الاستقلال التي خاضتها الدولة الوطنية المقاومة تؤسس لغد جديد لاحتفال معرض دمشق الدولي اكثر من مغزى وقيمة حضارية وثقافية واقتصادية وسياسية فسورية تستعد لانتصارها وهي تشبك شراكات عملاقة مع الشرق الصاعد ممثلا بالصين وروسيا وإيران والهند وتفتح الطرق والمعابر التي حررها الجيش العربي السوري وحلفاؤه نحو العراق والأردن بينما تكفلت المقاومة والجيش اللبناني والجيش العربي السوري بالحدود مع لبنان وجميعها خطوات تسترد شرايين الحياة الإقليمية لموقع سورية الحاسم في قلب الشرق والعروبة.
رصيف الانتظار لن يفيد احدا وقطار الأحداث يشق الدروب بسرعة إلى نصر حاسم لم يفت أوان الاعتراف به للرئيس بشار الأسد وللشعب العربي السوري وللجيش العربي السوري بقيادته التي باتت في حجم تاريخي دولي وإقليمي سيجعل منه رمزا كبيرا لمقاومة الاستعمار ولمقاتلة الإرهاب وللصمود ولخيار المقاومة والاستقلال في هذا الشرق والعالم كله وهو اليوم محط الإعجاب والتقدير والاحترام من جميع شركائه الكبار الذين عرف كيف ينسج معهم الشراكة الاستراتيجية القاهرة لقوى الهيمنة.
نصيحة مجانية لمن ينتظرون: هذا مسار النصر تحضر ومن يتأخر يخسر.
بقلم / غالب قنديل