«مات الملك، عاش الملك»، في مملكة هالكة
تُحاول وسائل الإعلام الدولية معرفة حقيقة ما يحصل في السعودية من تطورات متسارعة، منذ إقصاء ولي العهد محمد بن نايف ووضعه في الإقامة الجبرية وتعيين محمد بن سلمان مكانه.
حاولت منظمة «هيومن رايتس» الإستيضاح عن مصير بن نايف، لكنها لم تلقَ جواباً، لأن ما يحصل داخل جدران القصور السعودية هو ملك العائلة المالكة، وليست هناك منظمة أو دولة في العالم لها حق السؤال في أمور مرتبطة بآل سعود، خاصة أن كل معضلة داخلية لها حلّ بالمال، وإزاحة بن نايف عنوةً، اقتضت إرضاءه بما يفوق ال 100 مليار دولار أي خمس الموازنة السنوية للمملكة.
وبما أن محمد بن سلمان قد ابتُدِع له بدايةً مركز ولي ولي العهد، وأُزيح من أجله مقرن بن عبد العزيز لتعبيد الطريق أمامه الى العرش، فهو يتصرَّف وكأنه الملِك منذ خلافة والده للملِك الراحل عبدالله، وهو الذي سعَّر نار العدوان على اليمن، وهو الذي هدَّد بنقل الحرب الى الداخل الإيراني، واستعرت مذ ذاك تغريدات السعوديين التي تتحدث عن الأمير المتهوِّر المغرور، الذي اشترى العرش من الأميركيين كأول حفيدِ في تاريخ المملكة يسعى الى العرش، ولو اقتضى الأمر فرض الإقامة الجبرية على محمد بن نايف بالنظر الى شراسة هذا الرجل، وحجم الصفعة التي تلقاها كآخر إبن لعبد العزيز له حق الحلم بالعرش، قبل أن تدخل المملكة عصر الأحفاد وبداية الصراعات العائلية القادمة.
ومن خلال تغريدات أنصار محمد بن نايف على مواقع التواصل، يتَّضح استهزاء الشباب السعودي بالنظام الملكي العائلي والمراسيم الملكية، ويتساءل المغرِّدون: ما الذي يمنع محمد بن سلمان عندما يعتلي العرش من تعيين ولي عهده من غير أخوته، تنفيذاً لمرسوم أصدره والده لإرضاء الأجنحة العائلية الأخرى والقاضي بأن يكون ولي العهد مستقبلاً من جُبٍّ آخر من سلالة عبد العزيز، ثم يُصدر لاحقاً مرسوماً ملكياً ينقض مرسوم والده ويُبيح له عزل ولي عهده وتعيين أحد أشقائه مكانه، فيما ذهبت آلاف التغريدات الساخرة لتتناول قُدرة محمد بن سلمان على الإستمرار في التدمير الجنوني غير المجدي لليمن، خاصة أن السعودية لم تجنِ من «عاصفة الحزم» سوى عواصف يمنية على جنوبها، وستجد نفسها مُلزمة قريباَ بمفاوضة اليمنيين للإنسحاب من مناطق احتلوها في جيزان ونجران وعسير وسواها.
ما أوردته صحيفة «الإندبندنت» من أن محمد بن سلمان ينوي جدياَ وقف الحرب الفاشلة التي لا طائل منها على اليمن، تزامن مع أخبار غير مؤكدة عن نيَّته عزل وزير الخارجية عادل الجبير وتعيين الإبن الثاني للملك سلمان، خالد، الذي يشغل منصب السفير في واشنطن، مكان الجبير، الذي اقترن إسمه بالجبروت السعودي الفارغ في الملفات الإقليمية، لتغطية الهزيمة السعودية التي باتت واضحة وقريبة في اليمن وسوريا وحتى في الأزمة مع قطر.
في مسألة وقف العدوان على اليمن، وخلال اتصال أجرته إذاعة «بي بي سي» منذ يومين مع صحفي سعودي قال: «لا أعتقد أن الأمير محمد بن سلمان سينسحب من اليمن قبل أن يكون هناك بدائل أخرى»، وبدا من حديث هذا الصحفي أن محمد بن سلمان يبحث فعلاً عن بدائل وحجج لإعلان وقف العدوان.
وفي سوريا، أُعلِنَت الهزيمة السعودية على لسان عادل الجبير، عندما أبلغ «المعارضة السورية» أن عليها بناء رؤية جديدة مبنية على أساس أن الرئيس الأسد باقٍ، وكان قد سبقه بثلاثة أيام المعارض السوري ميشال كيلو عندما قال: «طلب منا الأميركيون أن لا نُتعِب أنفسنا، لأن سقفنا الأعلى هو الحصول على بضع وزارات».
لكن المفاجئ في الهزائم السعودية المتلاحقة، ما تتداوله وسائل الإعلام، بأن الكويت ربطت مبادرتها لتسوية الخلاف بين دول مقاطعة قطر «السعودية والإمارات والبحرين» ومعها مصر، بالتجاوب السعودي الكامل مع هذه المبادرة، تحت طائلة إحتمال تفكُّك ما يُعرف بدول مجلس التعاون الخليجي، وتقِف سلطنة عمان خلف الكويت في استخدام هذه الورقة الضاغطة، التي سوف تقضي على ما بقي من حجم إقليمي لمملكة مُتجبِّرة سائرة الى الهلاك…
بقلم / أيمن ابو راشد