تحدّيات جديدة للجبهة الداخليّة في اليمن.. فما هي سبل المواجهة؟
دخلت الجبهة الداخليّة اليمنيّة في أزمة سياسيّة تكاد تكون الأعمق منذ بدء العدوان على اليمن. لا نقصد هنا بالأعمق وصولها أطرافها إلى الصدام، لا سمح الله، بل ظهور الخلاف بشكل علني سمح للأعداء والمتربّصين باللعب على حبال الخلاف، لاسيّما أنّ كافّة المحاولات السابقة قد باءت بالفشل.
كلام زعيم حركة أنصار الله السيّد عبد الملك الحوثي في خطابه لحكماء وعقلاء اليمن كان واضحاً، لناحية تعزيز جبهة المواجهة العسكريّة والتضحية “بهذا الرأس في سبيل الله وفداء لهذا البلد، وفداء لهذا الشعب”، أو الجبهة الداخلية بما يتعلّق “بمواجهة الفساد في سبيل الله وفداء لهذا البلد، وفداء لهذا الشعب”، باعتبار أنّ “هناك خطة جديدة لدول العدوان للخروج من إخفاقاتها تسعى دول العدوان من خلالها حسم المعركة وهي المسار الآخر الموازي للمسار العسكري لاستهداف الجبهة الداخلية وتفكيكها وإشغالها بأمور ثانوية”، وفق السيد الحوثي.
لا شكّ أن الملف اليمني يعيش اليوم فترة بالغة الحساسيّة، ولعلّها الأكثر خطورة منذ بدء العدوان بسبب السعي السعودي لأن يحصد في السياسة ما فشل عنه في الميدان، وبالأخص بعد الإحاطة الأخيرة التي قدّمها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أمام مجلس الأمن والتي تضمّنت جملة من المغالطات بغية التسويق للمخططات السعوديّة وتبرير غطاء دولي لعدوانها عبر توظيف المعاناة الإنسانية لليمنيين بما يخدم دول العدوان، لا الشعب اليمني.
ويدرك الجميع أن اللعب على وتر الخلاف لتأزيم وتقسيم الجبهة الداخلية خطّة سعوديّة قديمة، بدأت معالمها منذ الأفول العسكري للعدوان بعد أشهر قليلة على بدئه، أي منذ عامين ونيّف تقريباً، ليستقرّ الأمر لاحقاً على اتهام البعض بأنّهم تجّار حرب، فلا أنصار الله، ولا المؤتمر الشعبي ولا كل من وقف في وجه العدوان بتاجّر حرب، بل وقفوا بوجه العدوان انطلاقا من مسؤوليتهم الانسانية والوطنية. وبالتالي من يعمد اليوم إلى صبّ الزيت على النار سيكون أكبر خائن لليمن وشعبه المظلوم، بل سيكون شريكاً في كافّة الدماء التي سالت، وتسيل لتروي أرض الوطن.
هذه التطوّرات تستوجب من كافّة الأطراف اليمنية التكاتف والتعاضد بما يخدم مصالح الشعب اليمني، لاسيّما أنّنا نعيش اليوم بحقّ الأيّام الأخيرة للعدوان، فلم يكن الصمود والانتصار اليمني ليحصل لولا الوحدة الوطنية التي أظهرها هذا الشعب، وبالتالي إن أي صدام سياسي سينعكس بشكل سلبي كبير على الداخل اليمني من كافّة النواحي، ولن تقوم بعدها لهذا الشعب قائمة. هذا ما أرادته السعودية من الشعب اليمني حقّاً.
إلا أن التكاتف والتعاضد لا يعني السكوت أو التهاون بحقوق الشعب اليمني الاقتصادية، كما لم تتهاون الأطراف اليمنيّة كافّة بحقوق الشعب العسكريّة. وبالتالي لا بدّ من محاسبة الفاسدين، لأن الشعب اليمني الذي أظهر بأساً منقطع النظير في الميدان، يعاني من أوضاع اقتصاديّة صعبة، وبالتالي إن أي مفسد يعد شريكاً حقيقياً في العدوان الاقتصادي. لا بدّ من بناء دولة مؤسسات في اليمن، تلفظ غبار سنين الفساد السابقة.
لا نتّهم احد بالفساد، لا المؤتمر الشعبي ولا حركة أنصار الله، وكل من يتورّط بالفساد هو خائن ويجب أن يحاسب ضمن المراجع القانونيّة، بصرف النظر عن انتمائه السياسي والحزبي، فمن قدّم الدماء دفاعاً عن الوطن، لن يبخل في محاسبة الفاسدين الذين يلحقون الضرر الاقتصادي بالشعب، تماماً كما تفعل دول العدوان أمنيّاً وسياسياً، وأمّا على الصعيد الانساني فيعدّ الطرفين (المفسد والعدو) شركاء في السمار والمصير.
وأمّا فيما يتعلّق، بالزيارة التي أجراها بعض البرلمانيين إلى السعوديّة ولقاء ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان تعدّ طعنة بالظهر، لا لأنصار الله فحسب، بل لكافّة أطياف الشعب اليمني، وقبلهم للشهداء والجرحى. ومن يطعن في الظهر لا بدّ أن يحاسب ضمن الأطر القانونيّة. بن سلمان يريد أن يحصل من هؤلاء في السياسة، على ما عجز عن تحقيقه في الميدان، فهل يرضى اليمنيون، المؤتمر وأنصار الله، السكوت عن هؤلاء؟
لا ريب في أن أغلبية الشعب اليمني تريد السلام لا الاستسلام، ولكن بما يحفظ دماء الشهداء التي سالت لتروي تراب الوطن فاحذروا مخطّطات العدو في تشويه الجبهة الداخلية والنيل منها سياسيا ومجتمعيا. ولعل السبيل الوحيد لإفشال هذه المخطّطات هي الوحدّة وتعزيز الجبهة، لا أيّ شیئ آخر.
المصدر / الوقت