التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

لماذا تخشى “إسرائيل” التقارب الإيراني التركي ؟ 

اعتقدت “إسرائيل” أنّها تعيش فترتها الذهبية منذ اندلاع الأزمة السورية. ينطوي هذا الاعتقاد على الكثير من الصحة، إلا أنّه في الوقت عينه تشوبه جملة من المغالطات.
ورغم انشغال محور المقاومة بثالوثه الإيراني السوري اللبناني (حزب الله) في الميدانين السوري والعراقي خلال السنوات الست الماضية، إلا أنّه نحج في اكتساب خبرات عسكرية ستكون بمثابة نقطة الانطلاق في أيّ مواجهة مقبلة مع الكيان الإسرائيلي.
اليوم، ومع انفراج الأزمة السورية شيئاً فشيئ إضافةً إلى الانتصارات المتلاحقة في الميدان العراقي، برزت خشية إضافية لدى الكيان الإسرائيلي تتمثّل بالتقارب التركي الإيراني غير المسبوق، الأمر الذي أدّى إلى صياغة آليات مشتركة للتنسيق في سوريا، بدءاً من مؤتمر الأستانة، مروراً بملامح خطّة تركية روسية إيرانية مشتركة في إدلب كعملية استباقيّة للتحرك الأمريكي-الكردي، وليس انتهاءً بما كشف عنه الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان عن احتمال تنفيذ عملية مشتركة مع إيران ضد حزب العمال الكردستاني، وذلك بعد محادثات في أنقرة الأسبوع الماضي بين رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري والقادة الأتراك، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها مسؤول عسكري إيراني بهذا المستوى إلى أنقرة منذ انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979.
التطوّرات الإيرانية التركية، إضافةً إلى مستجدّات الميدان السوري دفعت برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التوجّه شرقاً نحو روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي. نتنياهو قال قبيل مغادرته اليوم الأربعاء: “سأغادر غدا البلاد لإجراء لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسينضم إليّ رئيس الموساد، ورئيس هيئة الأمن القومي.. سأبحث معه المحاولات الحثيثة التي تقوم بها إيران بهدف التموضع عسكريا في سوريا”. ما لم يتحدّث عنه نتنياهو إعلامياً وسيكون موضع بحث أساسي مع الرئيس الروسي يتعلّق بالتعاون الروسي الإيراني التركي، وتحديداً التعاون الإيراني التركي في سوريا، بعد خلاف سابق بين أنقرة وطهران تجاه الوضع السوري.

ولعل الخشية الإسرائيلية من تجاوز الخلافات وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين الإيراني والتركي، رغم وجود عقبات محتملة قد يتجاوز عنها الطرفين لمصالح استراتيجية كبرى، كونها تفضي إلى إحداث تحوّل سلبي على بيئة “إسرائيل” الإقليمية، وفق وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، المدير العام لـ”مركز يروشليم لدراسة الجمهور والدولة”، دوري غولد.

هناك أسباب عدّة تفسّر الخشية الإسرائيلية من التقارب الإيراني التركي، يمكن الإشارة إليها بجملة من النقاط:

أوّلاً: اعتاد الكيان الإسرائيلي على انتهاز فرص “التناقضات” الإقليمية لتجييرها إلى صالحه، ولعله قائم بحدّ ذاته على هذه التناقضات، وبالتالي لا يريد تسوية الأوضاع الإقليمية، وتحديداً تلك التي تتعلّق بإيران بغية إشغالها بملفات إضافيّة. لا شكّ أن وجود قوّة إقليمية فاعلة يعدّ تهديداً للبيئة الاستراتيجية التي يسعى الكيان الإسرائيلي إلى تكريسها. هذا الحال بقوّة واحدة، فكيف إذا أصبحت قوّتين؟ وماذا لو تكاتفت هذه القوى الإسلاميّة؟

ثانياً: لا تقتصر الخشية الإسرائيلية على رفض التقارب، بل هناك خشية أكبر من حلّ الملفات الإقليمية العالقة في سوريا والعراق، فالسنوات الست الماضية كانت بمثابة فترة ذهبية للكيان الإسرائيلي. هناك سعي إسرائيلي للإبقاء على الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، وإغراق شعوب هذه المنطقة بأنهر من الدم تصب في مستنقع المصلحة الإسرائيلي. لكن مرحلة جفاف هذا المستنقع قد قطعت شوطاً طويلاً نحو الجفاف شبه التام.

ثالثاً: ما رفع من منسوب القلق الإسرائيلي هو التعاون بين قوّتين إقليميتين كبيرتين مثل إيران وتركيا. ففي حين تمتلك إيران مواقف واضحة من الكيان الإسرائيلي واغتصابه لحقوق الشعب الفلسطيني، وكذلك دعمها لحركات المقاومة في المنطقة، تعود خطورة هذا التقارب إلى “كراهية” الرئيس التركي طيب رجب أردوغان لـ”إسرائيل”، وفق صحيفة “ميكور ريشون”.

رابعاً: إن التقارب الإيراني التركي سينعكس بشكل إيجابي على القضيّة الفلسطينية في الساحتين العربية والإسلاميّة، الأمر الذي قد يشكل عقبة كبيرة امام مشروع التطبيع القائم مع بعض الأنظمة. هذا التقارب سيحدّ من الطابع الطائفي والمذهبي الذي عمل الكيان الإسرائيلي على تكريسه. وهذا أيضاً ما يفسر الدعم الإسرائيلي لاستفتاء إقليم كردستان كونه قد يثير حرباً عرقية تخدم المصلحة الإسرائيليّة.
ومما زاد من حدة القلق الإسرائيلي، أن الأنباء الواردة من واشنطن تؤكد أن الوفد الأمني الإسرائيلي الذي يزور واشنطن حالياً بهدف اقناع إدارة دونالد ترامب بتغيير موقفها من التواجد الإيراني في سوريا، لم يحقق حتى الآن نجاحات تُذكر في هذه المهمة. ونقل موقع “والاه” الإسرائيلي عن مصدر في الوفد الذي يرأسه رئيس جهاز “الموساد” يوسي كوهين، قوله إنه لم يحدث أي تغيير في موقف الولايات المتحدة وروسيا من التواجد الإيراني في سوريا، على الرغم من المباحثات التي أجراها.

“اسرائيل” قلقة جدّاً هذه الأيام، هذا القلق تفسّره زيارة نتنياهو والوفد المرافق إلى روسيا، وقبلها زيارة رئيس الموساد يوسي كوهين مع وفد رفيع إلى أمريكا للقاء مع مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الجنرال اتش ارماكمستر، فهل سيصل نتنياهو من التوجّه شرقاً وغرباً إلى مبتغاه؟ نستبعد ذلك، لأن جزء كبير من مفاتيح الإجابة بيد إيران وتركيا قبل أيّ طرف ثالث.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق