الأمم المتحدة وفشل الدفاع عن حقوق الشعوب؛ الأسباب والتداعيات
على مر التاريخ كان دور الأمم المتحدة نقطة فاصلة في حياة كثير من الدول، وجميع شعوب الأرض كان تنتظر هذه المنظمة حتى تحمي حقوقها وتدافع عن المظلومين فيها وتساهم في انقاذ العالم من الفوضى والظلم، ولكن يبقى هذا الكلام للأسف “حبرا على ورق”، لمجموعة من الأسباب التي تظهر حجم الضعف الذي يتغلغل في أركان هذه المنظمة ومراكز صنع القرار فيها.
وبما أننا ذكرنا صنع القرار لابد لنا من المرور على آلية عمل هذه المنظمة ومن هي الدول التي تفرض آراءها الخاصة وتمرر من خلال الأمم المتحدة قرارات على مقاسها بما يتناسب مع مصالحها الشخصية، وما هي الأسباب وراء ضعف هذه المنظمة وانحيازها في بعض الحالات تجاه دول دون أخرى؟!.
أولاً: يوجد داخل الأمم المتحدة منظمة تدعى “مجلس الأمن” ويتكون هذا المجلس من 15 عضوا، بينهم 5 دائمون هم الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وتتمتع الدول الخمسة بحق النقض (فيتو) ما يعني أن اعتراض أي من تلك الدول على قرار ما يحول دون إصداره، ومن هنا نجد أن هذه الدول الخمسة وعلى رأسها الولايات المتحدة تستطيع إيقاف أي قرار يتنافى مع مصالحها، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي لها باع طويل في هذا الأمر كونها الداعم الأساسي للأمم المتحدة وأكثر الممولين لها، لهذا السبب نجد أن واشنطن تمارس ضغوطا مستمرة على الأمم المتحدة وتؤثر في الكثير من قراراتها حتى لو كانت على حساب حياة شعوب أخرى كما هو الحال في فلسطين.
ثانياً: تعتبر الولايات المتحدة المساهم الأكبر في ميزانية الأمم المتحدة وتقدم حوالي 27% من إجمالي ميزانيتها، كما أن واشنطن تقدم الدعم الجيوسياسي للمنظمة لذلك نجد أن أغلب قرارات المنظمة تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة، ما دفع دولا بأكملها للتشكيك بمصداقيتها، وهناك أمثلة كثير في هذا المجال، سنذكر منها موضوع القضية الفلسطينية وكيفية تعامل الأمم المتحدة مع هذه القضية.
في الفترة الأخيرة قامت الأمم المتحدة وبطلب من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بسحب تقرير وصف الكيان الاسرائيلي بـ”دولة الفصل العنصري”، وحذفه من موقع اللجنة الإلكتروني، وعلى اثر هذا الأمر وبالتحديد في 17 مارس/آذار الماضي أعلنت ريما خلف الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا”، استقالتها من منصبها، ويجب أن نذكر بأن هذا التقرير لايزال يلقى تأييدا “إيسكوا” ويحظى بتأييد 18 وزيرا للخارجية ممّن يمثلون 18 بلدا عربيا، أوصوا أيضا باعتماد التقرير في أجزاء أخرى من منظومة الأمم المتحدة، ونفس هذا التقرير أغضب الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة ما دفع بهما لسحبة بكل السبل المتاحة.
ثالثاً: لم تقتصر هذه النظرة تجاه الأمم المتحدة على الدول التي تتعرض للظلم اليومي بسبب قرارات هذه المنظمة بل تعدت ذلك إلى قلب أكبر دولة داعمة للأمم المتحدة “الولايات المتحدة الأمريكية”، حيث تحدث خبير أمريكي في القانون الدولي وحقوق الإنسان قبل عدة أيام عن دور الأمم المتحدة وكيف تتحكم بعض الدول بقراراتها وقال الخبير الأمريكي ريتشارد فولك “إن الأمم المتحدة “ضعيفة” بشأن قضايا النزاهة القانونية والأخلاقية، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر من كونها “منحازة”.
وأضاف فولك ” ليس هناك شك في أن ضعف الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضايا النزاهة الأخلاقية والقانونية قد أضعف مصداقيتها” معتبرا أن ضعف الأمم المتحدة يرتبط ارتباطاً مباشراً بالطريقة التي يتم بها التلاعب بالجغرافيا السياسية.
رابعاً: ينتهك الكيان الاسرائيلي حقوق الفلسطينين في كل يوم فضلا عن اتباعه سياسة الفصل العنصري، ما يعني أن موضوع حل الدولتين أصبح في خبر كان، كون سياسة الكيان الصهيوني قائمة على التوسع وربما الذهاب بسياستها التوسعية حتى السيطرة على كامل فلسطين، وما يفعله الساسة الصهاينة في الوقت الراهن هو استغلال الدبلوماسية من أجل توسيع مستوطناتهم للتعدي على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية، حتى أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تفعل أي شيء حيال هذا الأمر سوى التستر عليه والحديث عن دعم فكرة الدولتين في الإعلام والمحافل الدولية.
خامساً: مع وصول ترامب إلى السلطة تأزمت الحياة السياسية في العالم ككل وزادت حدة العنف في جميع الدول التي تشهد صراعات داخلية، واستخدم ترامب اسلوب التهديد والوعيد للدول حتى أن الأمم المتحدة لم تسلم منه، حيث سبق أن اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخفيض التمويل عن الأمم المتحدة، مادفع الأخيرة للسعي لثني ترامب عن قراره، وهذا ما يثبت لنا بالدليل القاطع كيف تخضع الأمم المتحدة لقرارات البيت الأبيض وكيف أنها ضعيفة وهشة أمام من يساهم في تمويلها.
المصدر / الوقت