التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

أوروبا ومصير الأسد؛ تحوّل كبير بحكم تطورات الواقع الميداني 

اتسم النهج الأوروبي إزاء الأزمة السورية منذ بدايتها عام 2011 بدور المحرض الذي يمشي وبشكل أعمى خلف الموقف الأمريكي الداعم للجماعات المسلحة، ولكن ومع التقدم الأخير للجيش السوري من جهة، وتمدد جذور الارهاب الى قلب العواصم الأوروبية من جهة ثانية، بدأت أغلب تلك الدول تقرأ الملف السوري ومصير الرئيس السوري بشار الأسد من زاوية مختلفة.

جديد المواقف الأوروبية هذه المرة اعتراف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء الماضي بتنامي قوة الرئيس السوري بشار الأسد في بلاده، وهو ما لا يروق للغرب، وقالت ميركل أثناء مؤتمر صحفي سنوي عقدته في برلين إن “الأسد أقوى مما أرغب”، مشيرة في الوقت نفسه أن هذه الواقعة لا تلغي ضرورة تحقيق الانتقال السياسي في البلاد، وذكرت المستشارة أن الانتقال السياسي قد يسهم في تحقيق المصالحة داخل البلاد، محذرة من أن المفاوضات بهذا الشأن تتقدم ببطء.

وسبقت تصريحات المستشارة الألمانية، تصريحات مشابهة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أكد الشهر الماضي، خلال حديثه لصحف أوروبية أنه لا يرى أي بديل شرعي للرئيس السوري بشار الأسد، وأن أولوية باريس هي الالتزام بمحاربة الجماعات الإرهابية وضمان ألا تصبح سوريا دولة فاشلة.

واضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ان فرنسا لم تعد تعتبر رحيله شرطا مسبقا لحل الصراع المستمر منذ ستة أعوام، متابعا “منظوري الجديد بشأن هذه المسألة هو أنني لم أقل إن رحيل بشار الأسد شرط مسبق لكل شيء لأني لم أر بديلا شرعيا”، وأضاف أن الأسد ليس عدوا لفرنسا. وأن أولوية باريس هي الالتزام التام بمحاربة الجماعات الإرهابية وضمان ألا تصبح سوريا دولة فاشلة.

الى ذلك أكد وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريانإن أن فرنسا تريد كسر حالة الجمود في الأزمة السورية، وأنه “ليس هناك شرط مسبق لرحيل الأسد”، واعتبر أن الأولوية في سوريا هي الحرب ضد داعش.

ومن لندن، ألمح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لحدوث تغيير في موقف بلاده اتجاه الأزمة السورية، وقال في حديث صحفي: “اعتدنا أن نقول إن على الأسد الرحيل كشرط مسبق. الآن نقول إن عليه الرحيل ولكن كجزء من عملية انتقالية. والخيارات مفتوحة أمامه في حال أراد الترشح لخوض انتخابات ديمقراطية”.

كذلك كشفت صحيفة التايمز البريطانية، أن الدول الغربية أبلغت جميع فصائل المعارضة السورية عجزها عن الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وهو موجود وباق وسيشارك بأي انتخابات قادمة.

وأضافت الصحيفة في تقريرها، أن هناك تحولاً غربياً واضحاً اتجاه سوريا، مشيرة الى تغير جذري في موقف بريطانيا وحليفاتها تجاه الحرب السورية بعد تخليهم عن مطلبهم الذي تمسكوا به لفترة طويلة بتخلي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة بل وربما قبلوا بانتخابات يسمح له بالمشاركة فيها.

وأشار تقرير التايمز إلى أن الحلفاء الغربيين أبلغوا زعماء المعارضة السورية خلال اجتماعهم أخيرا في الرياض أنه ليس أمامهم سوى قبول وجود الأسد في دمشق، وبالتالي ليس هناك مجال للتمسك بضرورة تنحيه قبل خوض مفاوضات حول مستقبل سوريا، وذكرت الصحيفة في تقريرها أن السعودية أيضا بدورها أبلغت المعارضة السورية التي تدعمها أن “لا خيار أمامهم إلا بقبول بشار الأسد في السلطة”، مضيفة الصحيفة أن الرياض أبلغت منصة الرياض للمعارضة السورية أنه “لم تعد هناك أي جدوى لعرقلة المحادثات حول مستقبل سوريا من خلال الإصرار على تنحي الأسد”.

الى ذلك نقلت وكالة اسوشييتد برس الامريكية، عن دبلوماسيين امريكيين وعرب، تأكيدهم أنهم طلبوا من المعارضة السورية أن تتصالح مع الوقائع الجديدة والقبول ببقاء الأسد الذي بات يعوض خسائره العسكرية في مناطق ذات أهمية استراتيجية، ونقلت الوكالة عن السفير الأمريكي السابق لدى سوريا روبرت فورد تأكيده بعدم وجود أي ترتيبٍ عسكري يستطيع الإطاحة بالرئيس الأسد، مشيرا الى أن الجميع أدركوا، ومن بينهم واشنطن، أنَّ الأسد باقٍ.

اذاً وبعد أن كان معظم السياسيين الغربيين متمسكين بفكرة أن “الصراع في سوريا” لا يمكن حله إلا إذا تمت إزالة الرئيس بشار الأسد من السلطة انطلاقا من اعتقادهم أن الأسد سوف ينهار في غضون فترة زمنية قصيرة غير مدركين لقوة الجيش السوري وتماسكه، يتسابق الزعماء الأوروبيون حاليا الى تغيير مقولتهم السابقة “أيام الأسد معدودة” بتنبي مقولة جديدة “الأسد باقٍ وعلينا القبول بذلك”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق