أهالي الرقة يأكلون العشب وسط تناثر جثث القتلى
كتبت صحيفة التايمز البريطانية مقالاً بقلم ريتشارد سبنسر بعنوان “أهالي الرقة يأكلون العشب واجسادهم المتناثرة لا ينتشلها أحد”، قائلاً فيها: توجد في الرقة جثث لضحايا تم قطع رؤوسهم من قبل تنظيم داعش الارهابي أو من الذين استهدفوا من قبل قصف طائرات التحالف الغربي الغاشم أو من قُتل جراء تعرضهم للقنص من قبل الارهابيين.
وأضاف كاتب هذه المقالة أن مدينة الرقة السورية، إحدى أهم معاقل تنظيم داعش الإجرامي، تشهد هجمات شديدة، وهو أمر طبيعي لهذه المدينة غير الآمنة.
ويقول سبنسر: “في الموت الجميع متساو، فالجثث المتعفنة للضحايا التي قتلها تنظيم الدولة ملقاة إلى جانب جثث مقاتليه الذين ماتوا بسبب الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وهي ملقاة في الشوارع؛ بسبب كثافة القتال لاستعادة آخر معقل للتنظيم في سوريا، ومن الخطورة بمكان المغامرة والخروج من البيت لسحبها من الشوارع”.
وقال ريتشارد سبنسر نقلا عن الناشط تيم رمضان وهو اسم مستعار لصحافي سوري لا يزال في الرقة منذ اندلاع الازمة، انه لا يوجد من يدفن جثث القتلى المنتشرة في الشوارع أمام الأنظار العامة.
وأضاف أن مشاهد الجثث المقتولة موضوع طبيعي ولا أحد يهتم بها.
ويعتقد رمضان أن السبب وراء مقتل العديد من المدنيين في الرقة هو أن عددا من العوائل هربوا من الخطوط الأمامية للحرب وقرروا البقاء معا في الرقة، لذلك فإن غارة جوية واحدة تقتل العشرات هذه العوائل.
وكشف رمضان ان السكان لا يملكون إلا الإشادة بالتنظيم إذا ما سُئلوا عن ذلك، ولا يملكون إلا إخفاء شخصياتهم الأولى الحقيقية عن أطفالهم، ذلك أن المقاتلين يعمدون إلى التدقيق مع الأطفال في المزاج الحقيقي لأهلهم إزاء هذا التنظيم.
وتكاد الرقة تختفي من على خارطة التغطيات الإعلامية التي باتت تقتصر على بيانات تصدرها قيادة التحالف الدولي من حين إلى آخر. لكن حياة الناس اليومية وصراعهم من أجل البقاء ظل كامنا في طبقة سفلى لا يراها أحد.
وأكد صاحب المقال أن عدد المدنيين الذين قُتلوا في الرقة السورية هائل جدا وعددهم أكثر من الـ700 شخص الذي اُعلن عنه في نهاية الأسبوع الماضي من قبل المرصد السوري لحقوق الإنسان الكائن في المملكة المتحدة.
وتذكر الصحيفة أنه بعيدا عن القصف الذي دمر المدينة، التي لا يزال فيها 20 ألف نسمة، ولم يعد فيها ماء ولا كهرباء أو طعام، فإن نصف هؤلاء من الأطفال، بحسب مدير منظمة الطفولة العالمية (يونيسف) في سوريا فران أكويزا.
وأفاد رمضان أيضا أن الدواء في الرقة السورية نفذ منذ 34 يوماً، كما لا يوجد طعام في هذه البلدة منذ 10 ايام، إذ يتناول أهالي الرقة العشب أو أوراق الأشجار ويضيفون اليها الخيز الجاف ليتمكنوا بذلك من إشباع بطونهم الخاوية.
وأضاف: عليك ان تتفاجئ حينما ترى شجرة تحمل الأوراق.
وأضاف هذا الناشط في مدينة الرقة: أن بعض الناس يبحثون عن الطعام في كل مكان، حتى في المطابخ التي تركها الدواعش الارهابيون، في حين تم اعتقال العديد منهم واتهموا “بالسرقة”.
وقال تيم رمضان أيضا إن داعش لديها مستودعات للأغذية، وأعلنوا منذ اليوم الأول من الصراع ان لا يتوقع أحد أن يقوم عناصر التنظيم بتغذيتهم لأنه وفقا لمقولة زعيم تنظيم داعش الإرهابي: “حياة المجاهدين الذين يدافعون عن المدينة أهم من حياتكم، وقد تتخلون عن المدينة لو سنحت لكم فرصة، إلا أن المجاهدين كرسوا حياتهم لقتال الصليبيين”.
وتقول تقارير إن تنظيم داعش أغلق أبواب المدينة قبل أكثر من عام، ومن تسنّى له الخروج منها كان عليه أن يدفع مبلغا يقدر بـ800 دولار، ومن لا يملك هذا المبلغ لم يكن له خيار آخر سوى البقاء داخل المدينة بانتظار قدره.
وبحسب التقرير، فإن من يهرب من الرقة يجد نفسه في مخيمات في الصحراء، حيث أصبحت الحدود مغلقة وسط تقدم قوات الحكومة.
وتختم “التايمز” تقريرها بالإشارة إلى أنه تم تصوير الرقة بأنها مدينة صحراوية صغيرة، وليست مهمة إلا لأنها أول مدينة يسيطر عليها التنظيم، لكنها تظل مدينة تاريخية، حيث نقل الخليفة العباسي هارون الرشيد عاصمته إليها، وكانت قبل الأزمة معروفة بالتفكير الحر، رغم كونها مركز القبائل العربية في وادي الفرات.
المصدر / الوقت