الانتخابات في ألمانيا والتحديات التي تواجه المستشار المقبل
بعد تقريبا ثلاثة اسابيع من الان ستبدأ الانتخابات الألمانية. ووفقا لاستطلاعات الرأي العديدة التي أجرتها مختلف المؤسسات ووسائل الإعلام، فإن الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني (Christlich Demokratische Unio Deutschlands)، بقيادة أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية الحالية، لديه أكبر فرصة للفوز في الانتخابات الوطنية في ألمانيا، ويبدو أنها قادرة مرة اخرى وبوصفها مستشارة الاقتصاد الأكبر في أوروبا، ان تتولى زمام المبادرة في البلاد.
وبالنظر إلى مسيرة السيدة ميركل السياسية على مدار فترة توليها للحكم، ندرك تماما أن هذا البلد تحت قيادتها تمكن من عبور العديد من الأزمات التي كانت أكبرها الأزمة الاقتصادية في سنين 2007-2012، ومن بين الدول الأوروبية التي تأثرت بنتائج هذه الأزمة، كان الاقتصاد الألماني هو الأقل تضررا قياسا بالدول الأخرى.
في الواقع،استطاع الاقتصاد الالماني خلال فترة حكم ميركل ان يأخذ مكانه باعتباره أكبر اقتصاد في قارة اوروبا من بين دول الاتحاد الاوروبي، بل سيكون اقتصادها داعما بقوة لدول أخرى مثل اليونان وإسبانيا، حيث كانت آثار الأزمة الاقتصادية عميقة وواسعة عليهما.
في سياق القضايا السياسية على المستوى الدولي، من الممكن الإشارة إلى دور ألمانيا المؤثر في الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية، وحرب العراق، ونشر قوات عسكرية في افغانستان، وجعل السياسة الألمانية أقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي. تلك هي من أهم مواقف المانيا السياسية على المستوى الدولي.
ومع ذلك، في حين تم إعادة انتخاب ميركل مستشارة ألمانيا أو مجيء شخص آخر مكانها، ستواجه ألمانيا العديد من التحديات في السياقات السياسية والاقتصادية.
ربما كانت إحدى سياسات حكومة ميركل، التي سببت لها موجة واسعة من الانتقادات، سياسة الأبواب المفتوحة لطالبي اللجوء.
تسببت الحروب في منطقة الشرق الأوسط، بأكبر قدر من زعزعة الأمن في العراق وسوريا وأفغانستان، والتي بدورها ادّت الى هجرة ضخمة من قبل اللاجئين من المنطقة إلى أوروبا.
رحبت حكومة ميركل بوصول اللاجئين، على عكس سائر الدول الأوروبية التي واجهت حالة من عدم اليقين بشأن اللاجئين، حيث وصل نحو 900،000 من طالبي اللجوء إلى البلاد، وبحلول نهاية عام 2016 بلغ عدد اللاجئين السوريين فقط في ألمانيا أكثر من 600 ألف شخص.
في البداية، بيَّنت حكومة ميركل ان سبب ترحيبها بهذه الخطوة كونها اضافة الى انها قضية انسانية، لكن القضايا الاقتصادية لهذا البلد واحتياجهم الى طاقات شبابية نظرا الى ارتفاع أعمار نسبة السكان العاملين دفعتهم الى اجراء ذلك.
وأثار اتساع الأعمال الإرهابية في البلاد، التي غالبا ما كان ينفذها أشخاص دخلوا بهيئة اللاجئين الى هذا البلد، انتقادات لقرار حكومة ميركل.
ويعتقد النُقّاد أن فتح حدود ألمانيا سيسبب انعدام الأمن في البلاد، بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي إلى تغييرات ثقافية واسعة النطاق وتقلص الثقافة والقيم الأوروبية في ألمانيا.
وفي هذا الإطار حاولت “ميركل” التغلب على تلك النقطة وتفادي الوقوع في هذا الخطأ عبر تعهدها بتخفيض عدد اللاجئين هذا العام بمساعدة شركاء دوليين كتركيا، وبالفعل أبرمت اتفاقًا مع ائتلافها من اليسار في مواجهة اليمين المتطرف لتشديد سياسات اللجوء وبالأخص تجاه القادمين من شمال أفريقيا.
وقد أدى انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أجري في البلاد عن طريق إجراء استفتاء، أدى مرة أخرى إلى الضغط على القيادة الألمانية لقيادة الاتحاد الأوروبي وتقليل العواقب الاقتصادية والسياسية لهذا القرار البريطاني على أوروبا.
في الواقع، يجب على ألمانيا أن تحاول الآن بشكل من أشكال قيادة الاتحاد الاوروبي، وعليها ان تسعى ان لا تسبب الحركات التي شُكّلت في بلدان أوروبية مختلفة، مثل هولندا وفرنسا لأجل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من ان تخطو هذه الدول خطى بريطانيا والذي سيسبب بالتالي انهيار الاتحاد الاوروبي.
وفي ضوء ما سبق، ينبغي للحكومة المقبلة والمستشار الألماني التالي، أن يبذلا كل جهد ممكن لحل مشاكل البلد، التي تدور بشكل عام حول محورين هما السياسة واللاجئين.
ان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي على الرغم من كل المشاكل التي خلقتها للاتحاد، هو على الارجح فرصة لألمانيا لاستيعاب أموال المستثمرين الأوروبيين والأجانب حيث ان بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون مصير هذه الاموال تائهة، وإستثمار تلك الأموال ستجعل ألمانيا عاصمة الاقتصاد الأوروبي.
المصدر / الوقت