الإمارات ونهاية العلاقة السرية مع الكيان الاسرائيلي
لا يمكن لأحد أن يغفل الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في تأجيج الأزمات التي شهدتها وتشهدها المنطقة وكيفية سعيها لسحب البساط من تحت أصدقائها والتنافس على إظهار الوفاء للعم سام ولو على حساب قضايا قومية تضر شعوب كانت تدّعي أنها تدعمها في السر والعلانية وتدافع عنها إعلاميا ودوليا، وهنا نقصد بالطبع القضية الفلسطينية ولعبة الإغواء التي تتبعها الإمارات في هذا الملف.
وما فعلته الإمارات لكسب هذه المكانة في قلب الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقد الأخير لايمكن اختصارها بمقال واحد لذلك سنمر على ما تفعله الإمارات خلال هذه المرحلة والذي يعكس بشكل أو بآخر ما كانت تفعله في السابق خلال اجتماعاتها السرية مع قادة الكيان الاسرائيلي والأمريكان.
الإمارات العربية المتحدة لم تكتفي بالسعي لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بل تآمرت على الشعب الفلسطيني لخدمة مصالح الصهاينة ومساعدتهم في تهويد القدس وهذا ما كشف عنه الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة، والذي تحدث عن الدور الإماراتي المشبوه في مدينة القدس، حيث يتعمد الإماراتيين شراء العقارات القريبة جدا من المسجد الأقصى، ومن خلال البحث والتحري عن نشاط الاماراتيين في القدس تبين أن شركات وجمعيات إماراتية قامت بشراء عقارات المقدسيين لصالح الاحتلال “الإسرائيلي” وهذا بدوره كفيل بتقديم خدمة للصهاينة على طبق من ذهب ومساعدتهم على المضي بمشروعهم “الاستيطاني الاستعماري” وتهويد القدس.
وأظهرت التحريات بأن الإماراتيين يقومون بشراء بيوت المقدسيين عبر جمعيات يهودية أمريكية لها مقرات في الإمارات، ويأتون من الإمارات مباشرة إلى “إسرائيل”، من خلال سماسرة فلسطينيين يسهلون لهم شراء عقارات المقدسيين، وخاصة القريبة جدا من المسجد الأقصى المبارك، ومن خلال بعض مندوبيهم الذين كانوا يعملون في جمعيات إماراتية، وهؤلاء بمنزلة الطابور الخامس، وهذا ما أكده الشيخ كمال الخطيب.
واتبعت الامارات أساليب مختلفة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وساهمت بشكل أو بآخر في تسريع عملية الاستيطان من خلال شراء هذه العقارات وغلفتها بإطار دعمها الظاهري للفلسطينيين، فضلا عن كونها ستقوم بافتتاح ممثلية ديبلوماسية رسمية “علنية” تابعة للوكالة الأممية للطاقة المتجددة “IRENA”، في دولة الإمارات العربية، وتحديدا في إمارة أبوظبي، وبتعيين الديبلوماسي “رامي هاتان” ليكون رئيسا لها، وذلك في أعقاب الاتفاق الذي تم بين مدير مكتب الخارجية الإسرائيلية دوري غولد، مع مدير الوكالة دكتورعنان أمين، وذلك خلال زيارته السرية التي قام بها غولد للعاصمة الإماراتية، حيث شارك في مؤتمر الوكالة، الذي عقد دورته العاشرة يومي 24 و25 نوفمبر الحالي، ولم يخفي الكيان الاسرائيلي سعادته بهذا الأمر خاصة أنه جاء في إطار التطورات الأخيرة التي تشهدها العلاقات بين الكيان الصهيوني ودولة الإمارات والتي يرى البعض أنه كانت موجودة في السابق ولكنها كانت مخفية أم الآن فقد ظهرت للعلن من دون أي تستر أو محاولة لإخفائها بل على العكس تماما إذ أصبح الآمر مصدر فخر للعائلة الحاكمة في الامارات.
صحيح أن الإمارات حاولت جاهدة إظهار الأمر بأنه طبيعي كون المسألة تدخل في نطاق التنسيق مع (IRENA) كما هو الحال مع أي هيئة دولية أخرى، والتي تشارك إسرائيل في أنشطتها المختلفة ولا علاقة للإمارات بها، إلا أن الواقع عكس ذلك تماما وما هو إلا استمرارا لنشاطات سابقة بين الكيان الصهيوني والامارات، لكن ما حصل أمتع الاسرائيلي وجعله يشعر بالغبطة حيال هذا الأمر، خاصة أن فتح الممثلية في حد ذاته يعد اختراقا سياسيا عميقا في المنطقة العربية، وخاصة الخليجية منها، باعتبارها تأتي ضمن أهدافها الإستراتيجية باتجاه ترويضها ونسيانها الزمن الأول.
أمر آخر شكل صاعقة كبيرة في السياسة الدولية، حيث كشفت وثائق ويكيليكس أن لقاءاً جرى بين وزير الدفاع “الإسرائيلي” أفيغادور ليبرمان ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، قبل الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، أوصاه فيها الأخير بسحق حركة حماس، الغريب في الأمر كيف يمكن لدولة أن تضخ 15 مليون دولار شهريا لقطاع غزة المحاصر وفي نفس الوقت تطالب بسحق حركة حماس من داخل القطاع.
ختاما ليس بالغريب على دولة مثل الإمارات أن تلهث وراء تطبيع العلاقات مع الصهاينة خاصة وأنها تسعى لأخذ دور جديد في المنطقة أكبر من حجمها الطبيعي، فضلا عن كونها تريد أن تكون الطفل المدلل للأمريكي في المنطقة وهذا ما يتمناه الأخير.
المصدر / الوقت