التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, سبتمبر 22, 2024

انعكاسات الأزمة الخليجية على الخريطة الملاحيّة 

بعد ثلاثة أشهر على الحصار الجوي والبري والبحري الذي فرضته 4 دول عربية على قطر، نجحت الأخيرة أمس الثلاثاء في افتتاح ميناء حمد الدولي أكبر وأحدث مواني قطر وأحد أكبر المواني الخليجية.

رسائل عدّة حملها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في جعبته أثناء مراسم الافتتاح، خاصّة أن عمليّة الافتتاح هذه تأتي قبل 6 أشهر من ميعاد افتتاحه المقرر وبكلفة إنشاء أقل من الكلفة التقديرية التي كانت مخصصة له والبالغة 7.5 مليار دولار.

انعكاسات الميناء الجديد تتنوّع ما بين داخلية وخارجية، لاسيّما مع تنشيط الدوحة لخطوطها الملاحية مع دول العالم ونجاحها خلال الحصار بتدشين 8 خطوط ملاحية جديدة من وإلى الميناء الذي يقع على بعد 40 كيلومترا جنوبي العاصمة الدوحة.

على الصعيد الداخلي، يلعب هذا الميناء الذي يأتي ضمن رؤية 2030 القطرية دورًا بارزًا في التغلب على صعوبات الحصار من خلال توفير خطوط نقل بحرية عالمية متعددة وتنشيط حركة الاستيراد من دول أخرى غير دول الحصار، آخرها خط ملاحي مع الكويت في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، وقبلها خطوط ملاحية مع الهند وعُمان وتركيا وإيران التي تم الاتفاق معها مؤخرًا على نقل السلع التركية عبر إيران برًا ثم عبر خط ملاحي إلى قطر، إضافةً إلى3 خطوط بحرية مباشرة مع كل من ماليزيا وباكستان وتايوان سيتم افتتاحها في شهر سبتمبر/أيلول الحالي.

ويأتي هذا الميناء في إطار الاستعدادات القطرية التي تجري على قدم وساق لانجاز المشاريع المتعلّقة باستضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، باعتبار أن تعطيل الامدادت قد يؤدي إلى تاخير إنجاز هذه المشاريع، وبالتالي خسارة قطر الاستضافة لأسباب لوجستيّة بعد فشل السعودية ودول عدّة في حرمان الدوحة من المونديال لأسباب سياسيّة.

وتسعى الإمارة “الغازيّة” من خلال هذا المشروع أن تحذو حذو الإمارات في تنويع الاقتصاد الوطني وتحسين قدراتها التنافسية عن طريق تحويلها إلى مركز تجاري إقليمي، الأمر الذي سيؤمن وظائف جديدة للمجتمع القطري الذي تسعى السعودية للعب على أوتاره عبر ورقة الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني وفرضه كمرشح بديل للأمير تميم بن حمد آل ثاني.

ولعلّ الرسالة الداخليّة لهذا الميناء تتلخّص في كونه يحصّ قطر أمام أيّ حصار خليجي، وبالتالي يؤدي دوراً بارزا في التغلب على الحصار المفروض على قطر، وإفشال المخطط السعودي الذي يهدف لتركيع الدوحة. توضح وزارة المواصلات القطرية إن الميناء سيسهم في خفض كلفة الاستيراد ورفع قدرة البلاد على تخزين المواد الأساسية ويضم مشروعًا لتخزين السلع الغذائية ليوفر مخزونًا استراتيجيًا يكفي 3 ملايين نسمة لمدة عامين، وهي نفس المدّة التي تحدّث عنها وزير الخارجية السعودي.

انعكاسات خارجية

وأما على الصعيد الخارجي و الخليجي تحديداً، يحمل ميناء حمد الدولي في منطقة أم الحول جنوبي الدوحة جملة من الانعكاسات التي سترخي بظلالها على الخريطة الملاحيّة الخليجية، أبرز هذه الانعكاسات:

أولاً: تعوّل الدوحة على ميناء حمد الدولي للاستحواذ على أكثر من ثلث تجارة الشرق الأوسط (يستحوذ حاليا على 27% من التجارة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وفق جاسم بن سيف السليطي، وزير المواصلات والاتصالات القطري)، وبالتالي يمتلك ميناء حمد حظوظاً أكبر لمنافسة ميناء جبل علي في دبي، على الرغم من أنّ الطاقة الاستيعابية لميناء حمد الدولي ستصل إلى 7.5 مليون حاوية سنويًا ( قالبة للتوسعة) بينما ميناء جبل علي في دبي قدرته الاستيعابية ستصل إلى 22 مليون حاوية سنويًا بحلول عام 2018. إنّ مهمّة ميناء حمد الدولي لن تكون سهلة في منافسة ميناء جبل علي في دبي وشركة مواني دبي العالمية، إلا أنّه سيشكّل حجرة عثرة على أقبل تقدير أمام ميناء جبل علي، من خلال الحد من مكانة دبي كمركز إقليمي ودولي للتجارة الدولية وكذلك تحويل مركز التجارة والاستثمار إلى مناطق أخرى.

ثانياً: وفي ظل محاولات الإمارات لتثبيط أعمال المواني كي لا يخرج ميناء ينافس ميناء جبل علي، يشكّل هذا التنافس، حافزاً أساسيّاً لبقيّة الدول الخليجية، سلطنة عمان والكويت بدرجة أقلّ للدخول في المنافسة البحريّة مع الإمارات وقطر الطامحة لنيل حصّة من التجارة الإقليمية والعالمية عبر ميناء حمد الدولي. لعلّ الموقع الاستراتيجي لسلطنة عمان على مضيق هرمز وبحر عمان يجعلها منافسة حقيقية للإمارات التي لا تربطها مع السلطنة علاقات جيّدة. ويبرز هذا الأمر من خلال حضور وزير النقل والاتصالات العماني أحمد بن مُحمد بن سالم الفطيسي في حفل الافتتاح الرسمي لميناء حمد بناءً على تكليف من السُّلطان قابوس.

ثالثاً: يشكّل هذا الميناء حافزاً أساسيّاً لقطر في مواجهة الحصار وحتّى لو طال الأمر ليس عامين، كما قال وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير في تصريحات صحافية من مقر السفارة السعودية بلندن، بل عشرين عاما. قطر التي لم تترك لها دول الحصار سوى خيار المواجهة بسبب الشروط التعجيزيّة، قادرة اليوم على المواجهة بقوّة، التفاوض بقوّة، بل حتّى الردّ بقوّة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق