التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

العوائق السياسية والأمنية والقانونيّة أمام استفتاء كردستان 

رغم وجود عوائق قانونيّة وأمنيّة عدّة أمام استفتاء كردستان العراق، إلا البارزاني يصرّ على هذه “الخطوة السياسيّة”. لم تفلح كافّة التحذيرات السابقة، العراقيّة والإقليمية والدولية، في ثني رئيس إقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود البارزاني عن خطوة الاستفتاء التي قد تشكّل تهديداً لوحدة العراق وأمنه.

من الناحية السياسيّة، لا يعد العراق في أحسن أحواله بسبب الأوضاع الأمنيّة الصعبة، رغم كافّة النجاحات التي حقّقتها القوات العراقيّة المشتركة، وبالتالي لا بدّ من وجود أرضيّة استقرار سياسي تساعد على التباحث بين بغداد وأربيل لحلّ المشكلة.

في الشقّ القانوني، هناك عوائق دستوريّة عدّة يضاف إليها تصويت مجلس النواب العراقي، قرار نيابي يمنع الاستفتاء، ويوعز لرئيس الوزراء باتخاذ كافّة الإجراءات للحفاظ على السيادة العراقيّة. لا تقتصر العوائق القانونيّة على أصل الاستفتاء، بل إن ضمّ كركوك إلى الاستفتاء زادت من طينة الوضع بلّة كونها تعدّ من المناطق عليها أساساً بين أربيل وبغداد وتحتاج إلى قوانين خاصّة تختلف عن تلك المناطق التي تقع تحت سلطة الإقليم. والأنكى من ذلك كلّه، هناك مناطق أخرى سيطر عليها الأكراد بعد طرد داعش منها، ويحاولون اليوم ضمّها لمناطقهم رغم أنها لا تقع تحت سلطة الإقليم، ولا حتّى من المناطق المتنازع عليها. اليوم تملك الحكومة تفويض شعبي عبر البرلمان يسمح لها باستخدام شتّى الطرق القانونية والدستورية لمنع إقامته.

قضاء الحويجة

لا تقتصر عوائق الاستفتاء على الأمور الآنفة الذكر، بل هناك عوائق امنيّة تحول دون إجراء الاستفتاء، تلك التي تتعلّق بعملية تحرير قضاء الحويجة جنوب غربي محافظة كركوك.

اليوم، وبعد تحرير الموصل وبعدها تلّعفر، توجّهت القوّات نحو قضاء الحويجة التابعة لمحافظة كركوك، مع استكمال التحضيرات النهائية، وبالتالي ستؤثر العملية على اجراء الاستفتاء من الناحية الأمنيّة، الأمر الذي سيمنع الكثير من الأصوات، الرافضة والراضية، من التوجّه إلى صناديق الاقتراع، فضلاً عن المراقبين الأمر الذي يُفقد الاستفتاء أي شرعية دولية، لاسيّما بعد عشرات الشكاوى التي تحدّثت عن تهديدات للرافضين، إضافةً إلى شكاوى التهجير السابقة التي تقدّم بها عرب كردستان وبعض التركمان.

رغم إصرار البارزاني على إجراء الاستفتاء في الوقت المحدّد، إلا أن الظروف غير مناسبة لإجراء الاستفتاء وتسهّل الطعن به، وبالتالي قد يلجأ إلى العدول عن الأمر مقابل تنازلات من بغداد في الساعات الأخيرة، وهنا تجدر الإشارة إلى جملة من النقاط:

أوّلاً: إن مشروع بارزاني السياسي يقوّض على الأكراد أي فرصة حلّ سياسي للأزمة مع بغداد. الأكراد الذين نجحوا في طرد تنظيم داعش الإرهابي من العديد من المناطق العراقية، يبدو أنّهم سيقعون فريسة البارزاني الذي يسعى لإدخالهم في مواجهات عسكرية مع بغداد لتحقيق مآرب خاصّة.

ثانياً: هناك تحذيرات من حصول صدام مباشر بين القوّات العراقيّة والقوّات الكرديّة خاصّة بعد تهديد قوات البشمركة الكرديّة بمنع مرور القوات العراقية نحو بلدة الحويجة التابعة لكركوك، في حال عدم وجود تنسيق واتفاق معها، كما أن النائب التركماني عن محافظة كركوك حسن توران كشف عن انتشار لواءين من البيشمركة وعدد من عناصر الـPKK في كركوك إضافة إلى قوة أخرى في طوز خورماتو. الأوضاع الراهنة تسير نحو الصدام العسكري، إلا أنّه في حال حصوله سينعكس بشكل سلبي كبير على كافّة الأطراف العراقيّة، بما فيها الأطراف الكردي، وسيصبّ في صالح تنظيم داعش الإرهابي.

ثالثاً: إذ إنّ مجرد وجود عمليات عسكرية في منطقة ما، سيجعلها غير مهيأة لأي تصويت، في حين أن الحياديّة والشرعية ستُفتقد بسبب غياب المراقبين الدوليين عن متابعة الاستفتاء، وبالتالي تكون قد ضُربت أجندة الاستفتاء قانونياً. إن معايير الانتخابات تنص على ألا انتخابات من دون أمن، لأنّها تتطلب لجاناً خاصة ومديرين عامين وخبراء من دول أخرى للإشراف عليها، وكل ذلك يتطلب أجواء أمنية مستقرة لا أجواء معركة. في حال سقطت كركوك من نتائج الاستفتاء ستسقط نهائياً من أي مفاوضات لاحقة بين بغداد وأربيل، لتصبح من ضمن المناطق التابعة لبغداد.

رابعاً: هناك من يتحدّث عن رفع بارزاني للسقف السياسي في هذه المرحلة الحرجة الحصول على مكاسب جغرافية، فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها، ليتراجع قبل موعد الاستفتاء الذي لن يمر بسهولة في ظل معارضات إقليمية ودولية وإشكاليات قانونية ودستورية تتعلق بالصلاحيات الحصرية للسلطة الاتحادية فيما يتعلق بالقضايا السيادية. البعض يتحدّث عن شروط ربما يتمسك بها بارزاني، كوجود البيشمركة في مناطق حررت من تنظيم “داعش” الإرهابي في الفترة الأخيرة، في كركوك وسهل نينوى ومناطق في ديالى.

إن الظروف السياسية والأمنية والمسوّغات القانونية القائمة تمنح بغداد فرصة كسب القضية بشكل قانوني سليم، وعدم إعطاء الطرف المقابل فرصة سياسية باستثناء فرصة التراجع عن الاستفتاء وتأجيله، كونه يرتّب أزمات سياسية وصراعات قومية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق