التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

الطريق المسدود امام الاستفتاء الكردي 

تذهب مجمل المؤشرات الى ان الاستفتاء الكردي المزمع اجراؤه بعد ايام يسير في طريق مسدود، وانه كلما اقترب موعده، اتسعت مساحات التشنج والاحتقان والتصعيد والتأزيم، بين رئيس اقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود البارزاني من جهة، ومختلف القوى السياسية الكردية وغير الكردية العراقية، والاطراف الاقليمية ومنها الاطراف الدولية الرئيسية، من جهة اخرى.

حتى الآن فشل البارزاني في اعادة تفعيل برلمان الاقليم، الذي يفترض انه يعطي الشرعية ويدفع باتجاه اجراء الاستفتاء، ولعله لم يكن متوقعا ان يعود برلمان الاقليم الى الانعقاد بعد ما يزيد على عامين من التعطيل، جراء خلافات وتقاطعات حادة بين البارزاني وخصومه في حركة التغيير (كوران) وقوى سياسية اخرى.
وحتى في حال التئام البرلمان الكردي، فانه على الأرجح ان لا يحضر نوابه من حركة التغيير والجماعة الاسلامية، وبعض من نواب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
الى جانب ذلك فان مطالبة المعسكر الذي يقوده رئيس حكومة الاقليم نيجرفان البارزاني بتأجيل الاستفتاء قليلا الى ان تتهيأ ارضياته المناسبة، جعل موقف البارزاني الرئيس يزداد ضعفاً.
ويرى نيجرفان، بحسب مصادر كردية خاصة، انه حتى لو اجري الاستفتاء في هذه المرحلة، فانه لن يعود على الاكراد بمكاسب حقيقية، بل على العكس من ذلك، سوف يفتح عليهم بابا واسعا لمشاكل وازمات اخرى، بعضها مع الحكومة الاتحادية، وبعضها الاخر مع القوى الاقليمية المجاورة والاصدقاء الدوليين للشعب الكردي.
وقد تسبب موقف رئيس حكومة الاقليم ونائب رئيس الحزب الديمقراطي من الاستفتاء، بغيابه عن الاضواء خلال الاسابيع القليلة الماضية، بطلب من عمه البارزاني، مع تصاعد الازمة والتنافس بينه وبين ابن عمه، مستشار امن الاقليم مسرور البارزاني.
وفي داخل المشهد الكردي ربما كانت هناك تفاعلات كثيرة لم تنعكس في الاعلام، ولم تصل كل اصدائها الى الرأي العام، مثلما راحت التفاعلات في المشهد العراقي العام بشأن الاستفتاء تأخذ منحى خطيرا ومقلقا جدا لدعاة الاستفتاء وانفصال الاكراد، ومن لديهم مصالح معهم.
فمن المواقف الرافضة للاستفتاء التي عبرت عنها مختلف الشخصيات والقوى السياسية والعشائرية والدينية الفاعلة والمؤثرة، وكذلك الاتحادات والنقابات المهنية، كنقابة المحامين، ونقابة الصحافيين، ونقابة المعلمين، الى انزال اعلام كردستان من مبانٍ عديدة في بعض المناطق المتنازع عليها، الى الخروج بتظاهرات جماهيرية حاشدة في اكثر من مدينة ترفض شمولها بالاستفتاء، الى تحضيرات ميدانية لقوى عسكرية لمواجهة قوات البيشمركة الكردية في حال قررت التقدم في بعض المناطق وضمها للاقليم بالقوة.
وفي ظل كل ذلك يبقى موقف مجلس النواب العراقي الرافض لاجراء الاستفتاء، الذي عبر عنه بجلسة تصويت علنية قبل ايام قلائل، هو الاكثر وضوحا في التعبير عن التوجه الوطني العام، الامر الذي اثار حفيظة واستياء البارزاني الى حد كبير، ودفعه الى مطالبة مجلس النواب بمراجعة قراره، مدعيا مرة اخرى ان قرار الاستفتاء ليس شخصيا وحزبيا وانما هو قرار للشعب الكردستاني.
وفي خطاب له قبل يومين في قضاء عقرة التابع لمدينة اربيل انتقد البارزاني اصدقاء الاكراد المطالبين بتأجيل الاستفتاء، في اشارة ضمنية الى الولايات المتحدة الاميركية بالدرجة الاساس، التي أكدت من جديد، عبر المبعوث الخاص للرئيس الاميركي، بريت ماكورك خلال زيارته الاخيرة للاقليم، رفضها اجراء الاستفتاء والتوجه نحو الانفصال.
وتشير اوساط كردية، الى ان البارزاني، وبعدما سمع الحديث الصريح والواضح لماكورك، رد عليه بانفعال وعصبية شديدة، واتهم الاميركيين بخذلان اصدقائهم الاكراد، كما فعلوا قبل اكثر من اربعين عاما، ومحاباة اعدائهم وخصومهم من الشيعة والسنة.
ورغم ان رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ما زال يؤكد اجراء الاستفتاء في موعده، الا ان هناك تحركات واشارات توحي بأنه يبحث عن مخرج مناسب يحفظ ماء الوجه، فمن جهة يقال انه طالب بضمانات وتعهدات دولية بحصول الاكراد على كامل حقوقهم من الحكومة الاتحادية مقابل تأجيل الاستفتاء، ومن جهة اخرى راح يهيئ لارسال وفد كردي من كل الاحزاب والقوى السياسية الى بغداد من اجل التباحث والسعي للتوصل الى صيغة توافقية، او ما يسمى بالحل الوسط.
اغلب الظن ان الاسبوع المقبل سيشهد تطورات ومستجدات مهمة، قد تنتهي الى تأجيل الاستفتاء الى موعد اخر، دون اسقاط اسوأ الاحتمالات والخيارات من الحسابات.
بقلم / عادل الجبوري

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق