إستفتاء إقليم كردستان العراق في ملعب امريكا
بغض النظر عن مصادقة برلمان اقليم كردستان العراق والرئاسة المنتهية مدتها لـ (مسعود بارزاني) وحتى مطالبات الشعب الكردي، فليس هناك سبب مشروع وقانوني لاجراء الاستفتاء والدعوة للانفصال عن العراق.
بغض النظر عن مصادقة برلمان اقليم كردستان العراق والرئاسة المنتهية مدتها لـ (مسعود بارزاني) وحتى مطالبات الشعب الكردي، فليس هناك سبب مشروع وقانوني لاجراء الاستفتاء والدعوة للانفصال عن العراق.
وهناك أدلة ووثائق قانونية عديدة على عدم مشروعية خطوة مسعود بارزاني، لكن المجال لا يتسع هنا للخوض فيها، وسيشار فقط الى الدور الهدّام ومتعدد الأوجه الذي تلعبه امريكا في هذا الشأن.
فالجدير ذكره انه ليس هناك شك في انه لو خالفت كافة بلدان المنطقة ومن خارج المنطقة وحتى المنظمات الدولية أيضاً، اجراء استفتاء اقليم كردستان للإنفصال عن الجسد الموحّد للعراق، وأكثرها مخالف، لكن امريكا والكيان الصهيوني هما موافقان ومشجعان بكل معنى الكلمة لهذه الخطوة الناسفة لوحدة أرض العراق. واستراتيجية امريكا هنا تعتمد طريقة اضاعة الوقت وانتهاز الفرص والاستفادة من الحالة الامنية الشرق أوسطية.
ان فكرة تقسيم البلدان ليست بالفكرة الجديدة لدى امريكا، واذا لم تحرز هذه الفكرة المشؤومة النجاح لحد الآن في بلدان المنطقة، فليس لأن امريكا لم ترد لها ان تنجح، بل لأنها لم تقدر على تنفيذها، وذلك لعدم امتلاكها الارضية والمقومات اللازمة. لكن اليوم، مع الأخذ بنظر الاعتبار التصدعات الأمنية الحاصلة في المنطقة واستغلال امريكا لها ورفعها الشعار المضلل (الكرامة الوطنية) للشعوب والقوميات، فانها (امريكا) في صدد تنفيذ تلك الاهداف المشؤومة.
ان امريكا ترى ان الاجواء مهيئة للانفصال وتقسيم العراق، وهي بحاجة لمؤامرة جديدة لإحلال عصر آخر بعد (داعش) بالمنطقة، ومن هنا فان مؤامرة امريكا الجديدة تتمثل في الدعوة للانفصال في العراق.
ان كل ما تطالب به امريكا دبلوماسيا بعدم تنفيذ أو تعليق وتأجيل الاستفتاء، انما يشير الى رغبتها الباطنية في تقسيم العراق. واذا كانت تتحدث اليوم عن التعليق فسببه هو استغلالها للفرص والامكانيات للإعداد لأهداف مستقبلية لها في مشروع تقسيم العراق والعديد من بلدان هذه المنطقة. وهي بدعوتها لتعليق الاستفتاء انما تسعى وراء تحويل بعض التهديدات الى فرص، ولهذا الغرض تريد نيل فرصة زمنية لبضعة سنوات أخرى.
في الحقيقة ان هدف امريكا في اقتراحها تعليق الاستفتاء في اقليم كردستان العراق، هو هدف أكثر خطورة وسميّة من نفس الاستفتاء، والسبب؟ لأنها تسعى وراء نيل مزيد من التنازلات من الحكومة المركزية في بغداد، وتريد استحصال المزيد من التنازلات لحكومتها العميلة في كردستان العراق من الحكومة المركزية العراقية. وهذه التنازلات على قدر كبير من الخطورة. ومن بين ما تسعى اليه امريكا هو احداث الفرقة والانفصال بين الحكومة المركزية في بغداد وبين جبهة المقاومة والجمهورية الاسلامية الايرانية. وان احدى النوايا الكامنة لمبعوثي امريكا الى القادة العراقيين هي ابعادهم عن ايران، والابتعاد عن محور المقاومة، واعداد الارضية لمحور الشر، أي (اسرائيل) المحتلة لأراضي المسلمين وخاصة في العراق. حيث ان مقترح الدبلوماسية الامريكية للحكومة المركزية العراقية وراء الابواب المغلقة هو اعطاء الدولة الصهيونية الفرصة لتصول وتجول، او الاعتراف بـ (اسرائيل) والتعاطي معها سياسياً وتجارياً.
كما تسعى امريكا وراء نيل امتياز بيع نفط كردستان العراق لزيادة مقاعد الجماعات والفئات في البرلمان (العراقي). واذا ما ترجمت هذه المطالبات على أرض الواقع، أي خلال فترة التعليق المذكورة، فمن البديهي ان تتعاظم قوة وقدرات البارزاني. وبمعنى آخر، فان التأجيل والتعليق ستوفر فرصاً كبيرة لفائدة امريكا والبارزاني. وستتحقق خلال سنتين من تعليق الاستفتاء كافة الاهداف التي تسعى من ورائها امريكا والبارزاني، اي انفصال العراق عن محور المقاومة، وأيضاً انفصال كردستان عن جغرافية العراق الموحد.
بقلم / حسين حاجي
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق