التقارب الايراني التركي يثير مخاوف اسرائيل!
حذر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي من التقارب المتنامي في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية وتركيا.
ووفقا لميدل ايست مونيتور، حذر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي من أن التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة ودور تركيا في هذه التطورات، لا تخدم المصالح الإسرائيلية. واشار المركز في تقريره الأخير، بوجه خاص الحالات التي يكون فيها التقارب بين تركيا وإيران أقرب من الحالات الاخرى. على سبيل المثال، دعم أنقرة لقطر في الأزمة التي حدثت في الدول العربية مؤخرا، اضافة الى علاقات تركيا الهشة جدا مع مصر، وايضا موقف أنقرة ضد إسرائيل في الأحداث التي وقعت في مسجد الاقصى، كل تلك المواقف تبين حجم القلق الاسرائيلي من تركيا.
وذكر تقرير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، ان الزيارة التاريخية الهامة جدا التي قام بها “محمد باقري”، رئيس الاركان العام للقوات المسلحة الإيرانية، إلى أنقرة في آب / أغسطس هي أول لقاء يحدث بهذا المستوى بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية. وبالإضافة إلى الأمثلة المذكورة حول تقارب العلاقات الإيرانية التركية، أشار مركز الدراسات إلى لقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش محادثات أستانا للسلام التي جرت في 9 سبتمبر / أيلول.
كما أن وجود العديد من الاتفاقيات المشتركة بين إيران وتركيا وروسيا بشأن القضايا الإقليمية هي أيضا جزء آخر من مخاوف تل أبيب. وقد تمكنت تركيا وإيران، بمشاركة روسيا من التوصل إلى اتفاق هام بشأن إنشاء منطقة خفض تصعيد في الأحياء الفقيرة في إدلب السورية. كذلك من المقرر أن يتوجه أردوغان إلى إيران في أكتوبر / تشرين الأول، في اشارة إلى العلاقات الوثيقة بين البلدين.
وبالاضافة الى ذلك، وقع كل من تركيا وايران وروسيا في المجال الاقتصادي، اتفاقا ثلاثيا في مجال النفط والغاز الايراني وهو الامر الاكثر اهمية بالنسبة لتركيا لانها لا تملك موارد طاقة ذات اهمية وتأثير في حكومتها.
وجاء في تقرير مركز الأمن الداخلي: ان العامل الأهم وراء قرب العلاقات الإيرانية التركية، هو العامل الروسي، فضلا عن نجاح إيران في الحفاظ على نظام حكم بشار الأسد في سوريا ودعمها للقوات الكردية. وفي هذه الحالة، أدركت تركيا أنه ليس هناك أي سبيل سوى التعاون مع التحالف الروسي الإيراني للحد من عواقب فشل أنقرة في إنهاء الحرب الأهلية السورية.
ويبدو في تحالف إيران مع روسيا، أن كلا البلدين بحاجة إلى التعاون مع تركيا، لأن لتركيا القدرة على أن تضر بخطط إيران وروسيا، مثل عندما دعمت تركيا القوات المسلحة المعارضة لـ “بشار الأسد” الرئيس السوري.
وتصب تركيا الآن كافة تركيزها على قضية الاكراد، كي لا يكوّن لهؤلاء كيانًا مستقلًا شمالي سوريا، وسيما على خلفية التعاون العسكري الوثيق القائم بين الأكراد وبين الولايات المتحدة في الحرب ضد “داعش”، والتي تركز هذه الأيام على احتلال الرقة.
وفي إطار إجراء الاستفتاء الرامي الى الاستقلال والانفصال في اقليم كردستان العراق، فإن لإيران وتركيا مواقف مشتركة حيث يعارضون بشدة تقسيم العراق . وقد حذرت ايران من انها ستتخذ موقفا خطيرا ضد اي مخطط لتقسيم العراق. ويبدو أن تركيا هي الاخرى مترددة في اتخاذ إجراء حاسم تجاه الانفصال بسبب أنه تقرر إجراؤه في المناطق محل الخلاف مع الحكومة المركزية في بغداد، وعلى رأسها كركوك، لكن وبسبب منظومة العلاقات المقربة بين أنقرة وأربيل يبدو أنها ستتردد أكثر في اتخاذ خطوات صلبة كبيرة من أجل منع إجراء الاستفتاء.
وفي سياق المخاوف والقلق إزاء توسيع المصالح المشتركة بين إيران وتركيا، تشير هذه المقالة أيضا إلى الأزمة القطرية. حيث وجدت إيران وتركيا نقاط مشتركة بينهما في مواجهة الأزمة القطرية مع الدول العربية، إذ قدم الطرفان مساعدات غذائية الى قطر التي تم فرض عقوبات عليها من خلال ارسال شحنات من الطعام اليها. واعلنت تركيا ان علاقاتها مع قطر كانت احدى العلاقات الثابتة والوثيقة في السنوات الاخيرة. وشددت الدراسة على أن القرار التركي بالإسراع بتدشين القاعدة العسكرية في قطر يدل على الجدية التي تبديها أنقرة في الوقوف إلى جانب الدوحة، وتعكس عزمها على إفشال أهداف الحملة عليها.
ووفقا لمركز الدراسات الصهيوني هذا، فإن التقارب بين العلاقات الايرانية – التركية، يتماشى تماما مع توسيع العلاقات بين تركيا وروسيا. حيث تم تعزيز هذه العلاقات عندما اعلن اردوغان ان تركيا ستشتري نظام صواريخ اس -400 الروسية.
وقوضت هذه الصفقة العلاقات بين انقرة وادارة واشنطن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشكلة واشنطن مع أنقرة لم تحل بعد حول قضية المساعدة التركية لتجاوز العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.
من جهة إسرائيل، بالإضافة إلى القضايا الخلافية التي ما تزال تظلل العلاقات مع تركيا، وسيما في السياق الفلسطيني، فكلما اقتربت العلاقات بين تركيا وإيران، ستزداد التوترات بين إسرائيل وتركيا أيضا. وفي هذا السياق، فإن الاختلافات بين تل أبيب وأنقرة ستصل أيضا إلى أعلى نقطة ممكنة، ولا سيما في قضايا مثل كيفية إقامة علاقة مع فلسطين، وعلاقات أنقرة مع حماس، وموقف تركيا العدائي ضد إسرائيل بشأن قضية النزاعات التي تحدث في المسجد الأقصى.
استُنتج في نهاية هذا المقال: في الحقيقة أنه وفي أغلب المواضيع التي تتصدر جدول الأعمال الأمني الإسرائيلي، الوضع المستقبلي في سوريا، وسيما استمرار التواجد الإيراني هناك، والعلاقات بين دول الخليجیة وقطر والعلاقات مع مصر التي تعيش أزمة مستمرة وانقطاع عن تركيا والتوتر مع إيران في مجمل القضايا؛ لكن مع كل هذا، اضطرت تركيا في بعض القضايا إلى تغيير سياستها بسبب التطورات على الأرض، ولا تعكس هذه التغيرات هوية المصالح العميقة مع إيران، لكن وإلى يومنا هذا فلا يوجد التقاء مصالح بينها وبين إسرائيل.
المصدر / الوقت