التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024

نصر الله لإسرائيل والعالم: ولّى زمن توازن الردع 

سياسة – الرأي –
التهديد الذي أطلقه السيد حسن نصرالله ضد “إسرائيل” وحلفائها، قد لا يكون ردّاً على تحركات إسرائيلية تمهيداً لشن حرب على لبنان والمقاومة، لكنه بمثابة إعلان عن تثبيت معادلات وموازين قوى جديدة نتيجة لهزيمة حلف وانتصار محور.

ما اكتسبه حزب الله من فائض قوة مضاعفة في مشاركته بالحرب على “داعش” في سوريا والمنطقة، يلقى إجماعاً في معظم الدراسات العسكرية والاستراتيجية الإسرائيلية والغربية.

ولعل الأبعاد الاستراتيجية لهذه التجربة القتالية، هي التي يُشار إليها ببنانٍ مرتعد كأكثر المخاطر التي تهدد إسرائيل والتحالف الأميركي، وقد يكون بينها تراكم آليات التناغم والتنسيق على أرض المعركة بين حزب الله والجيش السوري وقوى أخرى تنتمي إلى محور المقاومة من بلدان متعددة وتحت غطاء جوي روسي. فالمعيقات التي تعترض “قوى مشتركة” من جيوش متفاوتة، قد لا يعوّضها زيادة حجم العديد والعتاد، لكن التغلّب على هذه المعيقات يُفضي إلى توسيع مساحة خطوط الجبهة وإلى موارد بشرية وقتالية لا تنضب.

على طول خطوط الجبهة أبعد من الحدود اللبنانية وأوسعها، كان يهدّد الأمين العام لحزب الله بالرد على أي عدوان إسرائيلي، وأرسى معادلة توازن الرعب في قصف خزانات “الآمونيا” وقصف الموانىء ومصانع توليد الكهرباء الإسرائيلية وغيرها، رداً على قصف بيروت أو الضاحية والمطارات…. إلخ، لكنه كان يثبّت توازن الردع في الدفاع لمنع إسرائيل من الهجوم وشنّ الحرب.

وفي تهديده الأخير بمناسبة عاشوراء ينتقل السيد من الدفاع إلى الهجوم في الذهاب إلى جذر العدوان الإسرائيلي الذي تأسس على احتلال الأرض العربية الفلسطينية. وفي هذا الانتقال إلى الهجوم تتوسّع مساحة المواجهة وحجمها على امتداد القوى الرافضة للاحتلال “فلا يعرف نتانياهو القوى التي تشارك فيها ولا المواقع التي تتلقى إسرائيل منها الضربات”.

على قاعدة هذا الجذر الصهيوني في احتلال فلسطين وهو الأساس المؤسّس لتفتيت المنطقة وانهيارها بالحروب والانقسامات العصبية، يعرض السيد نصر الله لتطبيع الدول الخليجية مع إسرائيل ولمحاولة تقسيم العراق وللفكر التكفيري، لكنه يذهب إلى مواجهة النبع محذراً المصبات من تداعيات تجفيف المنابع.

وهي هذا الإطار الرحب يحذّر اليهود من مغبّة بقائهم في إسرائيل ووقوعهم في مطب ضحايا الصهيونية.

ولا ريب أن إسرائيل تستشعر الخطر الداهم نتيجة تمدد الأبعاد الأقليمية في المواجهة وتوسّعها ونتيجة المعادلات الجديدة بعد دحر “داعش” وهزيمة “التحالف الأميركي” في المنطقة. وربما تأمل التخفيف من هذه المخاطر، في البحث عن تحركات استباقية هروباً إلى الأمام.

الضغط الأميركي في مجلس الأمن لتغيير مهمة “اليونيفيل” لردف إسرائيل بما لا تستيطع القيام به ضد المقاومة، أفشله مندوب روسيا فلاديمير سافرونكون في منع إدراج حزب الله بالاسم.

وفي السياق نفسه أجرت إسرائيل مناورات على جبهتي الشمال والجنوب بمشاركة 40 ألف جندي من القوات البحرية والبرّية والجوية، فوصفتها مجلة “نيوزويك” بأنها مناورات هجومية لاحتلال لبنان، كما وصفها المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت احرونوت” يوآف زيتون، “لأن هذه المناورات لم يقم بها الجيش الإسرائيلي إلاّ عندما كان يجهّز لاحتلال سوريا وسيناء”، كما يقول.

وفي هذا الصدد يدعو الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي غيورا آيلاند إلى احتلال لبنان “لأن الغارات الإسرائيلية في سوريا لم تمنع حزب الله من حرية الحركة في نقل الأسلحة وزيادة العديد والعتاد”، لذا يتوجب على إسرائيل شنّ حرب على لبنان وليس فقط على حزب الله، كما يقول.

وفي حفرة هذا التخبط يدعو آخرون إلى “توجيه ضربة قوية قاضية إلى الحزب قبل عودته من سوريا”، لكن جنرالات إسرائيل يتجنّبون الغوص في بحث هذه الترهات غير القابلة لوضعها موضع التنفيذ كمن يبحث عن معالجة الرمضاء بالنار.

العقدة الكأداء التي تعلق في بلعوم إسرائيل، هي مصانع إنتاج الصواريخ التي يكشف عنها في سوريا ولبنان؛ فهو يفصح في مؤتمر “هرتسيليا” للدراسات الأمنية والاستراتيجية أن هذه المصانع تنتج صواريخ يصل مداها إلى نحو 500 كلم منها صواريخ أرض بحر وصواريخ مضادة للدروع، ولا تعرف إسرائيل طريق الوصول إليها.

وقد يكون هذا الإنتاج الصاروخي بيد المقاومة سنداً للانتقال من الدفاع في توازن الردع، إلى الهجوم في معادلة تعدد الجبهات وتوسيعها لمواجهة الجذر المؤسس لاحتلال الأرض والحروب.

لكن العامل الحاسم في هذا الانتقال، هو تغيير المعادلات في الانتصار على التحالف الأميركي في المنطقة. ولكل هزيمة أثمانها.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق