“المجلس القيادي السياسي لكردستان العراق” محاولة لإبقاء بارزاني في السلطة
قبل أيام أُعلن في أربيل عن تشكيل “مجلس القيادة” في إقليم كردستان العراق وحلّ المجلس الذي أشرف على “استفتاء الانفصال” الذي أجراه الإقليم في 25 أيلول/سبتمبر الماضي والذي رفضته الحكومة العراقية ودول الجوار ومعظم مكونات الشعب العراقي بما فيها أحزاب وحركات سياسية واجتماعية كردية داخل الإقليم تحسباً للمخاطر المترتبة على هذه الخطوة.
ووجهت انتقادات شديدة لرئيس إقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود بارزاني لتأسيس “المجلس السياسي لكردستان”، ووصفت “هيرو إبراهيم أحمد” عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني وعقيلة الرئيس العراقي السابق “الراحل، جلال طالباني” هذه الخطوة بأنها خطأ كبير.
وقالت هيرو أحمد في بيان إن تشكيل “المجلس السياسي لكردستان” تم دون استشارة قيادات الأحزاب السياسية في الإقليم، مشددة على أن مواطني الإقليم يدفعون ضريبة تحدي القيادة الكردية بإجراء “استفتاء الانفصال”.
كما وصفت حركة التغيير الكردية “كوران” في بيان إعلان “المجلس السياسي لكردستان” بأنه يرجع الإقليم مراحل إلى الوراء، ومن شأنه أن يدمر كل وجود ومعنى للمؤسسات الدستورية وفي مقدمتها البرلمان.
من جانبها اعتبرت الجماعة الإسلامية الكردستانية تشكيل المجلس السياسي بأنه لايحمل شرعية قانونية، كما أنه يسهم في تعميق المشاكل، ويقبر محاولات الوفاق السياسي بين الأحزاب المؤثرة في الإقليم.
وقالت الجماعة في بيان لها “كان الجميع بانتظار أن تكون الخطوة التي تلي الاستفتاء إعادة الهيبة والمكانة للمؤسسات الرسمية في إقليم كردستان والعمل على إجراء الانتخابات وتقوية العمل المؤسساتي في الإقليم، وليس تشكيل مجلس سياسي لا يحظى بتأييد أطراف مؤثرة في الإقليم”.
والتساؤل المطروح: ما هي الأهداف الحقيقية من وراء تشكيل المجلس السياسي في كردستان العراق؟ وماذا يجري في الكواليس لتحقيق هذه الأهداف، وهل ينجح هذا المجلس في الوصول إلى غاياته في ظل الظروف المعقدة التي يمر بها الإقليم والعراق والمنطقة بشكل عام في الوقت الحاضر؟
يمكن تلخيص الإجابة عن التساؤل الأول “الأهداف” بما يلي:
احتفاظ بارزاني بمنصبه
– يسعى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني “مسعود بارزاني” للاحتفاظ بمنصبه في رئاسة الإقليم بعد أن انتهت مدته القانونية لمرتين؛ الأولى في عام 2013، والثانية بعد انتهاء مدة التوافق الذي حصل بين قادة الأحزاب السياسية الرئيسية في برلمان الإقليم، والذي سمح بتمديد رئاسة بارزاني لسنتين أخريين على أن يتم إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد للإقليم بدلاً عنه عام 2015.
ورفض الحزب الديمقراطي وبارزاني إجراء هذه الانتخابات في موعدها المقرر بذريعة عدم توفر الظروف الأمنية المناسبة نتيجة هجوم الجماعات الإرهابية لاسيّما “داعش” في حزيران/يونيو 2014 واحتلاله لمدن عراقية بينها الموصل القريبة من إقليم كردستان.
ولهذا السبب يعتقد المراقبون بأن الحزب الديمقراطي والأحزاب الموالية له في الإقليم قاموا بتشكيل المجلس السياسي لكردستان لتهيئة الأرضية لبارزاني للبقاء في السلطة من خلال اختياره رئيساً لهذا المجلس.
التخلص من الخصوم السياسيين
يرى المتابعون لشؤون كردستان العراق بأن تشكيل المجلس السياسي سيتيح المجال لبارزاني وحزبه للتخلص من خصومهم السياسيين في الإقليم خصوصاً الذين رفضوا استفتاء الانفصال عن العراق وفي مقدمتهم “كوران” و”الجماعة الإسلامية”، باعتبار أن الهيئة الرئاسية للمجلس السياسي تضم قيادات الأحزاب الكردية الموالية لبارزاني والداعمة للاستفتاء.
الحد من قوة المؤسسات الديمقراطية
يعتقد معظم المراقبين بأن تشكيل المجلس السياسي في كردستان العراق يهدف أيضاً إلى الحد من قوة المؤسسات الديمقراطية في الإقليم وتحديداً البرلمان، وذلك من خلال منح صلاحيات أكبر للمجلس السياسي تفوق صلاحيات البرلمان خصوصاً فيما يتعلق بمراقبة عمل حكومة كردستان، وهذا يعني بالتالي حصر النفوذ والسلطة بيد بارزاني وحزبه باعتباره الشخص الأول في قيادة الإقليم عبر المجلس السياسي الحديث التأسيس.
من هنا يمكن الاستنتاج بأن إقليم كردستان العراق سائر باتجاه تقليص تأثير المؤسسات الدستورية إلى أقصى حد ممكن وحصر الصلاحيات فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية والمهمة بيد المجلس السياسي، خصوصاً فيما يرتبط بتداعيات استفتاء الانفصال وإدارة شؤون الإقليم السياسية والاقتصادية والمالية.
وأمّا فيما يتعلق بالإجابة عن التساؤل الآخر: هل ينجح المجلس السياسي لكردستان في الوصول إلى غاياته في ظل الظروف المعقدة التي يمر بها الإقليم والعراق والمنطقة بشكل عام؟ يمكن القول بأن جميع القرائن تشير إلى أن هذا المجلس سيواجه تحديات كبيرة داخل الإقليم وخارجه باعتباره يفتقد لدعم أحزاب وحركات كردية مؤثرة، فضلاً عن رفض الحكومة العراقية التعاطي مع هذا المجلس باعتباره غير دستوري كونه جاء في أعقاب حلّ المجلس الذي أشرف على “استفتاء الانفصال” والذي رفضته بغداد أيضاً والدول الإقليمية والمجتمع الدولي.
المصدر / الوقت