كيف يخطط الكيان الإسرائيلي وأمريكا لإضعاف حماس؟
بعد زيارته للضفة الغربية وقطاع غزة توجه رئيس المخابرات المصري اللواء “خالد فوزي” إلى الكيان الصهيوني والتقى مسؤولين كبار بينهم رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك”، حسبما كشفت تقارير صحفية إسرائيلية والتي أشارت إلى أن هذه اللقاءات قد أحيطت بسرية بالغة.
وجاءت هذه الزيارات بعد سلسلة من المحاولات الرامية لإنهاء الانقسام بين حركتي “حماس” و”فتح” وتحقيق المصالحة الفلسطينية خلال لقاءات جرت في القاهرة بوساطة مصرية.
والتساؤل المطروح :ماذا يخطط الكيان الإسرائيلي وحليفته أمريكا لإضعاف حماس، وذلك بعد فشلهما في إخضاع الحركة رغم الضغوط التي واجهتها لاسيّما العدوان المتكرر على قطاع غزة في الأعوام 2008 و2011 و2014، وقيام واشنطن بإدراج عدد من قادة حماس على لائحة الإرهاب بينهم “يحيى سنوار” و”روحي مشتهى” و”محمد ضيف” من أجل الضغط عليهم في إطار مساعيها لثني الحركة عن مواصلة نهجها المقاوم ضد الكيان الصهيوني، ما يؤكد انحياز واشنطن لتل أبيب ويتطلب وقفة شعبية وفصائلية تجاه كل من يلهث وراء أمريكا.
ومن المعلوم أن حماس ترفض الاعتراف بالكيان الإسرائيلي وتعتبر المقاومة الخيار الاستراتيجي الوحيد لمواجهة الكيان الصهيوني وتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة من براثن هذا لكيان.
في مقابل ذلك تسعى حركة فتح بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لإقناع الكيان الإسرائيلي بوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة وتمهيد الأرضية لاستئناف مفاوضات التسوية بين الجانبين برعاية أمريكا والتي تعثرت منذ سنوات بسبب إصرار كيان الاحتلال على مواصلة الاستيطان.
ومن المعلوم أيضاً أن فتح كانت قد اعترفت بالكيان الصهيوني ولازالت تطالب حماس بالتخلي عن المقاومة والقبول بمفاوضات التسوية، الأمر الذي ترفضه حماس باعتباره يمثل خيانة لمبادئ الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في الأرض والوطن وفي مقدمتها حق العودة.
وبعد أن أيقن الكيان الإسرائيلي وحماته الغربيين وفي مقدمتهم أمريكا بأن حماس لا يمكن أن تتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، ونظراً للانتصارات المهمة التي حققها محور المقاومة في عموم المنطقة لاسيّما في سوريا والعراق، عاودت تل أبيب وواشنطن السعي لإحياء مفاوضات التسوية مع السلطة الفلسطينية بهدف تضييق خيارات حماس التي تأتي في مقدمتها اعتماد المقاومة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبة.
وكان رئيس الوزراء الصهيوني “بنيامين نتنياهو” قد وضع خلال جلسة لحزب الليكود ثلاثة شروط للموافقة على المصالحة الفلسطينية تتمثل باعتراف حماس بـ”إسرائيل” وتفكيك الجناح العسكري للحركة وقطع علاقاتها مع إيران الداعم الأساسي للمقاومة التي تتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
وتحظى حماس بتأييد كبير لدى الفلسطينيين خصوصاً بعد النتائج التي أفرزتها انتخابات المجلس القيادي للحركة حيث تم اختيار 17 شخصاَ من أصل 19 على صلة وثيقة بالفصائل الفلسطينية المقاومة لاعتقادهم بأن هذا يمثل انتصاراً بارزاً للتوجه المقاوم في الحركة والذي تُرجم بشكل واضح في السنوات الماضية من خلال التصدي للعدوان الصهيوني المتكرر على قطاع غزة.
وكانت تصريحات محمود عباس بخصوص اعتقال كل من يحمل سلاحاً في غزة، وعدم رفع الإجراءات العقابية ضد القطاع قبل أن تتمكن حكومته من استلام المعابر والوزارات والأجهزة الأمنية بشكل كامل، قد أثارت غضباً كبيراً في صفوف الفلسطينيين لاسيّما في غزة.
ومما لاشكّ فيه أن حماس تدرك جيداً إن إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح من شأنه أن يعزز وحدة الصف الفلسطيني وموقفه تجاه الاحتلال، وتدرك في الوقت ذاته ضرورة الوقوف بوجه المخططات الإسرائيلية والأمريكية الرامية إلى استغلال المصالحة الفلسطينية من أجل تفعيل مفاوضات التسوية، وهو ما ترفضه الحركة باعتباره يتناقض مع مبدأ المقاومة من جهة، ويمثل اعترافاً بكيان الاحتلال من جهة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن حماس كانت قد أعلنت في وقت سابق حلّ اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وموافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة، وكذلك استعدادها للحوار بشأن آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه كافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على الاتفاق، في خطوة عدّها المراقبون دليلاً أضافياً على حسن نيّة الحركة من أجل تحقيق المصالحة مع حركة فتح وإنهاء الانقسام، والتحرك باتجاه تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشعب الفلسطيني بعيداً عن أي إملاءات خارجية لاسيّما من قبل إسرائيل وحماته الغربيين وتحديداً أمريكا.
من خلال هذه المعطيات يمكن الاستنتاج بأن المصالحة الفلسطينية لايمكن أن تعطي ثمارها ما لم تتوحد كافة الفصائل المؤثرة لاسيّما فتح وحماس تحت راية الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفض الاستسلام للمخططات الصهيوأمريكية والتمسك بخيار المقاومة والكفّ عن التسوية الوهمية مع كيان الاحتلال والتي أثبتت التجارب والأحداث بأنها ليست سوى سراب لن يجني منه الشعب الفلسطيني أي نتيجة لصالح استرجاع حقوقه المغتصبة.
المصدر / الوقت