تبادل الأسرى.. تحدي خطير يواجه الكيان الإسرائيلي
عادت إلى الواجهة من جديد أزمة تبادل الأسرى بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي في أعقاب إعلان منسق الأسرى والمفقودين في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية “ليئور لوتن” استقالته من منصبه.
وأوضح لوتن أنه قدّم استقالته لعدم تعاون رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” معه من أجل إطلاق سراح الإسرائيليين لدى حماس.
وجاءت هذه الاستقالة اثر انتقادات شديدة وجهتها عائلتا الجنديين الإسرائيليين “أورون شاؤول” و”هدار غولدين” لحكومة الكيان الإسرائيلي لكونها لا تعمل بما في الكفاية لاستعادة الجنديين المحتجزين في قطاع غزة.
ويحظى موضوع تبادل الأسرى بأهمية خاصة لدى تل أبيب خصوصاً وأن حماس كانت قد أعلنت بأنها تحتجز أربعة جنود إسرائيليين وليس اثنين كما تزعم السلطات الإسرائيلية. وقد نشرت حماس صوراً لهؤلاء الجنود للبرهنة على صحة أقوالها.
وأثارت استقالة لوتن الكثير من ردود الأفعال الغاضبة في الأوساط الإسرائيلية، حيث صرّح وزير الحرب السابق “موشيه يعلون” بأن هذا الأمر يدعو إلى القلق ويثير الكثير من علامات الاستفهام بشأن تعامل الحكومة مع قضية الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
ويتهم العديد من المسؤولين الإسرائيليين نتنياهو بعدم المصداقية والشفافية في التعاطي مع قضية الأسرى، وبإطلاق تصريحات كاذبة من أجل خداع الرأي العام وتحقيق مصالح سياسية على حساب خصومه ومنافسيه في أحزاب المعارضة.
ويعتقد نتنياهو بأن تبادل الأسرى سيشكل هزيمة له ولحكومته ونصراً استراتيجياً لحماس، في وقت يسعى فيه إلى إظهار الحركة على أنها تنظيم إرهابي بسبب عدم اعترافها بالكيان الإسرائيلي ولرفضها الاستسلام لجرائمه وترجيحها لخيار المقاومة على مفاوضات التسوية المتعثرة بين هذا الكيان والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس بسبب إصرار تل أبيب على مواصلة بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب التقارير الإسرائيلية قالت عائلة الجندي “هدار غولدين” بأنها تشعر بأن الحكومة قد تخلت عنها، واصفة استقالة لوتن بأنها لائحة اتهام ضد عجز نتنياهو ووزير الأمن “أفيغدور ليبرمان” عن إعادة “أورون شاؤول” و”هدار غولدين” إلى منزليهما”. وأضافت أن كل يوم تأخير يؤكد أن الحكومة لا تضع هذه القضية على رأس أولوياتها.
التحديات التي تواجه الكيان الإسرائيلي في عملية التبادل:
– اعتراض البعض على العملية، واتهام آخرين للحكومة بالتقصير
على الرغم من حساسية الملف لدى الكيان الإسرائيلي، إلاّ أن البعض أظهر قلقه من تكرار تجربة “جلعاد شاليط” الذي خرج مقابله 477 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.
ويمكن الإشارة أيضاً إلى اعتراض “ليبرمان” الذي تحدث في مقابلة مع القناة السابعة في التلفزيون الإسرائيلي، عن رفضه تكرار تجربة صفقة شاليط، مشيراً إلى أن 202 من الفلسطينيين المفرج عنهم، أُعيد اعتقالهم بسبب مشاركتهم بـ”أعمال إرهابية” على حد قوله. وتحدث عن مساهمة بعض المفرج عنهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في مقتل سبعة إسرائيليين.
في ظل هذه الأجواء، والسعي الإسرائيلي لعدم منح حماس انتصاراً آخر، ومن جهة أخرى الضغط الذي يمارسه الرأي العام، باتت المهمة صعبة للغاية على حكومة نتنياهو.
– المشكلة الأخرى التي يواجهها الكيان الإسرائيلي، هي الأفضلية الواضحة لحركة حماس في مسار المفاوضات، فقد أخفت الأخيرة مصير الجنود المفقودين وأكدت ضرورة الحصول على امتيازات مقابل الكشف عنه.
وفي حين اعترف نتنياهو بطريقة مبطنة أن الأسرى لا زالوا أحياء، سعى بعض الوزراء والقادة الإسرائيليين للترويج إلى فكرة مقتل الجنود بغية تمرير عملية التبادل بطرق أخرى، إلا أن هذه الادعاءات لم تثمر أي فائدة خصوصاً بعد عرض حماس لفيلم عن أحد الأسرى حيّاً.
انتخاب يحيى السنوار على رأس المكتب السياسي لحماس في غزة
انتخب “يحيى السنوار” أوائل العام الحالي خلفاً لـ”إسماعيل هنية” كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، كما انتخب “خليل الحية” نائباً له. والسنوار أسير محرر أفرج عنه في صفقة شاليط، وقد عيّن فور تحرره مستشاراً لهنية، ومسؤولاً عن ملف الأسرى الصهاينة لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام، وبالتالي فإنه سيقود أي مفاوضات قد تجري بشأن تبادل الأسرى. وبرأي محللين صهاينة، فإن تواجد السنوار في ملف الأسرى سابقاً، بالإضافة إلى قيادته للمكتب السياسي في غزة قد صعّب المهمة على حكومة نتنياهو.
في هذا الصدد، كان “ليبرمان” قد تحدث عن السنوار معتبراً إياه يعقّد مسار المفاوضات ويطرح مطالب كثيرة لإتمام التبادل، فيما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن حماس تريد تحرير ما يزيد عن 1000 أسير فلسطيني من السجون “الإسرائيلية”.
التجربة السلبية للكيان الإسرائيلي في صفقة “شاليط”
بعض الأسرى الفلسطينيين الذين أُفرج عنهم في صفقة شاليط، وأعيد اعتقالهم في العام 2014 وما بعده، يشكّلون عقبة أمام كيان الاحتلال الذي أبدى موافقته على التفاوض على 27 شخصاً منهم فقط، في وقت تريد حماس إطلاق سراحهم جميعا.
بناءً على ما تقدم، يمكن القول بأن حماس متقدمة على كيان الاحتلال في ملف التفاوض، في حين ينقسم الداخل الإسرائيلي بين رافض لعملية تكون لحماس اليد العليا فيها، ومتسائل عن أسباب التأخير في إجرائها، في وقت يسعى نتنياهو لحل الأزمة بطريقة لا تحمله وزراً كما فعلت صفقة شاليط عام 2011.
المصدر / الوقت