الكمالات الإلهية في ثورة الحسين (ع)
متى يفهم من لا عقل له ان حرارة قتل الحسين (ع) باقية في قلوب المؤمنين لا يطفئها اتباع يزيد وآل سفيان ولا ابن تيميه وابن الباز من ائمة النفاق وحكام الجور في القتل، وسيبقى الحسين رمز الشموخ والكبرياء مهما فعل اعداء الله وسيذيقهم جل علاه سعير النار ويخزيهم في الدنيا قبل الآخرة. كما نشاهدهم اليوم كيف يهربون كالجرذان امام جحافل المجد من القوات المسلحة المشتركة والحشود الجماهيرية والتي تمثل كل اطياف الشعب العراقي دون تمييز في المذهب او الدين او القومية الذين اعتصموا بالله واختاروا طريق الحسين واهل بيته عليهم السلام .
التاريخ يثبت ذلك فعندما حاربوا الحسين ومنعوا الناس من زيارته وهدموا قبته والسجون امتلأت بشيعته فماذا حصدوا من افعالهم الدنيئة غير الذل والهوان. ان مغزى ثورة الامام الحسين (ع) بقوله: اذا كان دين محمدا (ص) لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني. لذلك كانت نهضة الحسين مشروع ثورة بوجه مشروع الفساد السياسي ونبراس لكل الشعوب على امتداد العالم لمواجهة الظلم والظالم اينما كان، فالاسلام لا يرضى بالموقف الحيادي والسلبي انما التصدي للظالم، واستمر المشروع الحسيني النهضوي الى يومنا هذا والوقوف بوجه الظلم هو نبراس للكل، ولا يمكن اعتبار نهضة الإمام الحسين خاصة بمذهب معين كونها من مدرسة رسول الله محمد (ص). فكان رائد المدرسة الإمامية الإمام جعفر الصادق (ع) حفيد الإمام الحسين (ع)، والمدارس الفقهية ظهرت في زمنه (ع)، لم تكن مدارس ليتخندق فيه الناس لمواجهة بعضهم البعض. فيجب علينا ان ننطلق وفق مشروع جديد ومتجدد يتعاطى المسلمون اليوم مع بعضهم البعض على مختلف مدارسهم كتعاطي الإمام علي (ع) والإجماع على نبذ الأفكار ألوهابية المنحرفة التكفيرية التي تسود العالم ليصبح سلوك المجتمع عصريا متحضرا يحافظ على الصورة ألمشرقة للإسلام.
لقد ضرب لنا الامام الحسين (ع) ضربا من ضروب الفكر العالي المقام لا يسمو به اي شخص بنهضته لقد جعل الحسين(ع) من حركته مدرسة ينتهجها كل الثوار الأحرار حيث اثبت للعالم انه يجب مواجهة الظلم مهما كانت المخاطر.
كان سلوك الامام الحسين (ع) في معركة الطف مليئ بالكمالات الانسانية، وكان مرغما عليه لأنه كان اما ان يقبل الذلة ويبايع من كان يلاعب الكلاب والقرود والفهود وشرب الخمر ومرتكب الآثام ويتحمل مسؤولية تلك البيعة امام الله ومثل الحسين(ع) لا يمكن ان يذل وهو القائل «فوالله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد» فهيهات منا الذلة او خيار المواجهة مع اعداء الله ورسوله فاختار المواجهة من اجل استقامة وتثبيت الدين بعد ان القى الحجة على الاذهان القاصرة، ورغم ذلك فقد استخدم الامام (ع) عنصر الاقناع امام اعداءه والقاء الحجة على الاذهان القاصرة فاستعان بالمبررات والعبارات والتذكرة الا انها بقيت لا اثر فيهم ولم ينفعهم ذلك فكان عليه السلام اشفق عليهم من انفسهم لأنه يدرك بأن اعداءه سيدخلون النار بسببه، وبعد تحطم كل هذه الآمال فصار القرار للسيوف وكانت معركة الطف بين معسكر الحسين ومعسكر يزيد عليه اللعنه والذي افتتح دولته بقتل سيد شباب اهل الجنة ورفعه الراية ضد اهل البيت فستذله وتلعنه الاجيال على مدى التاريخ لانه من سفك الدماء الذي ارتوت بها ارض الطفوف. ولو كان يدرك بأن الحسين شهيدا هو اخطر عليه من الحسين حيا لما فعل ذلك والايام قد ثبتت ذلك .
فالسيف الذي قتل به والقوم الذين استباحوا دمه الطاهر وظلموه انهم على اثر القوم الذين استباحوه دم ابيه عليه السلام وأن الذين يقتلون الآن من شيعته هم على اثر القوم الذين استباحوا دم الحسين(ع) في كربلاء وظلموه ظنا منهم انهم قادرين على انهاء عاشوراء الحسين وكربلاء الحسين وتاريخ الحسين ولكنهم اصطدموا بصدور لا تلين وقلوب مليئة بحب الحسين وما زادهم ذلك الا سموا وشموخا وتحديا وما اصاب اعداءهم الا الهلع وهم ينظرون الى الملايين من المسلمين وهم يمشون حفاة من اجل زيارة مرقد الامام الحسين (ع) والذي قال فيه الرسول (ص): «حسين مني وانا من حسين حسين سبط من الاسباط)» وأن «الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة» وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ان الحسين اعظم ما في السماوات اكثر من الارض».
ولكن هناك من ائمة الكفر والظلالة امثال الوهابيين والتكفيريين لم يتعاملوا مع هذا الحدث التاريخي من مصادره الثابتة كالقرآن والسنة النبوية او النسب او العقل وانما تعاملوا مع الحدث وفق متبنياتهم وما يحبون ووفق لموازين ومعايير ضالة كافرة تعبر عما يحملونه من حقد تجاه اهل بيت النبوة عليهم السلام .
من المستغرب ان ائمة الكفر والضلاله الموازين والمعايير التي يتعاملوا مبنية على تشريع عدم الخروج على الحاكم وحتى ان كان ظالما او من يقتل شيعيا فإنه سيكون مع محمد (ص) في مائدة طعام واحدة وتحريضهم الجهلاء في تنفيذ ذلك فأي عقيدة تلك التي تحرض على القتل وأن تضع اقوال ابن تيميه والباز ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم فوق اقوال النبي (ص). ولا يكتفون بذلك بل نرى الحملات المسعورة والمسمومة في المواقع والفضائيات ضد اهل البيت وشيعتهم وتكفيرهم والتحريض على قتلهم. ولكن لقد زرع الحسين (ع) في القلوب حب الشهادة والثقة والاخلاص وهذه المفاهيم لها الدور البارز في اي انتصار يحقق الاهداف الاساسية التي ثاروا من اجلها.
بقلم / عبدالخالق الفلاح