التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

كردستان والخيارات الخاطئة للنخب 

إن كان الحل الوحيد لجملة الملفات الساخنة في المنطقة، ومنها القضية الكردية، يقوم على الاعتراف المتبادل في الحقوق فان الكرد في النظام الجديد بعد عام 2003 توفرت لهم نسبة كبيرة منها اهمها المشاركة في امتيازات ادارة الحكم واللغة وحتى الجغرافية، ومن هنا كان يجب التنبه إلى مخاطر الإقدام على أية مغامرة جديدة لانها ستحرق اليابس والاخضر.

لا سيما انهم يعيشون في جغرافيا لها وزن جيوسياسي كبير في العلاقات الدولية كلها، مما يعني أن التعاطي مع القضية الكردية من وجهة نظر حقوقية مجردة، هو ضرب من ضروب قصر النظر السياسي، لاسيما وان دول وشعوب المنطقة جميعها مبتلية بأزمات متعددة، في الواقع ان خطوة الاستفتاء اعتبرها البعض تأريخية وسوف تحقق لهم كل ما حلموا به في اقامة الدولة الكردية المستقلة، ولكنهم في الحقيقة لم يذهبوا الى اعمق من ذلك ودراسة التجارب المماثلة التي تُشير الى توقع فشل التجربة فشلاً ذريعاً وستصبح كردستان بعد ان عاشت سنين بناء وتقدم وازدهار في ظل العهد الجديد تبقى تجاهد في المحافظة على هذا القرار بصعوبة كبيرة وسيدفع ثمنها الشعب الكردي بالدرجة الاولى، ونتوقع في بروز قيادات في العمق الكردي جديدة تسعى الى التخلص من عُقد الصراع مع المركز وصولاً الى حلول واقعية لعموم القضية.
أنه من حق الشعب الكردي مثله مثل شعوب الأرض قاطبة، نيل حقوقه القومية، لا سيما في حال تطبيق سياسات إنكار الوجود والاقصاء والتهميش بحقه. عكس ما نشاهده في العراق الاتحادي فقد لعبت الاحزاب الكردية في العراق دورا كبيرا في اسقاط الدكتاتورية، الأمر الذي اكسبها موقعاً بارزاً بعد سقوط النظام. وبذلت جهوداً لتثبيت حقوقها في حكم نفسها بالطرق و الأساليب المناسبة للتطورات التي تشهدها دول المنطقة، حتى صارت منطقة اقليم كردستان الفدرالي اكثر مناطق العراق استقراراً وازدهاراً، ولكن ظهور مشكلة الزعامات التي يرى المحللون انهم سبب لأنواع المشكلات والمطبّات وبالتالي الى تواصل عدم الاستقرار والنزاعات وعملت بشكل محموم على ترسيخ الخلافات والفتن وتعميقها، متناسين إن وحدة البيت الكردستاني في العراق سيكون اساساً هاماً لبناء اتحاد او فدرالية قوية .
واعتقد ان الكثير من القيادات فهمت اللعبة الاخيرة بشكل غير واضح واخطأت في حسابتها تحت راية الحقوق المشروعة للشعوب، واِجراءَ الاستفتاءِ في كردستان كانت له آثارٌ وتداعياتٌ خطيرةٌ بين الحكومةِ الاتحادية وحكومةِ منطقة كردستان.. رغم المواقف والمطالبات الكثيرة من دول العالم بعدم الاجراء والعواقب التي برزت بعدها، بما فيها تلك الدول التي يرتبط معها الإقليم بعلاقات وثيقة، وكان لها دور في وصول الإقليم الى ما وصل إليه. وكان على الحكومة الاتحادية اجراء الحق القانوني وتطبيق الدستور للمحافظة على وحدة الوطن. وجميع قضايا الخلافات يمكن حلها على طاولة الحوار ضمن الاطر الدستورية، والتفاهم، منعاً لإشعال بؤر توترات جديدة، بعيداً عن سياسات إنكار الوجود، وبعيداً عن الاستعانة بأية قوة دولية لا تريد خيراً لأي طرف من اطراف النزاع لانها متى ما وقعت سوف تطال كل «إنسان» بغضّ النظر عن دينه أو عرقه أو قوميته، ودم الإنسان مُقدس وحقه مقدساً أيضاُ، فالمس بحق من حقوقه سيدفع العالم وكل إنسان حر الوقوف الى جانبه ونصرة قضيته أو الدفاع عنه في حال حدوث ضرر. ولا توجد في الحقيقة قضية كردية بعد الان انما هناك شعب يعيش على بقعة من الارض وله حقوق وواجبات واخلاصه يكمن بمجرد العودة الى «تطبيق الدستور» وخاصة المادة الأولى منه التي تصف النظام في العراق بـ «الإتحادي»، والذي شهد العالم انعطافاً حاداً اتجاه حياته التي تغيرت بشكل كامل، منذ سنوات، ولا يمكن تبرير موقف من جهة واحدة من بين احزابه، بسبب ضعف الاملاءات السياسية عند بعض الساسة، وتراجع دورها القيادي بسبب الاحداث الاخيرة واهمها الاستفتاء غير المبرر في الوقت الحالي وتهديم كل البنى التي تشكلت في ظل استقرارها طوال السنوات الماضية فإنها لم تعد تستطيع التشدق بهذه المظلومية بعد الان ولن تستطيع أن تفعل شيئاً، غير العودة الى الحوار البناء لاصلاح الخطأ الكبير الذي وقعت فيه القيادات العشائرية في الحزب الديمقراطي الكردستاني والتي لن تكون في صالح القضية الكردية في الوقت الحالي مهما كانت الذرائع والحجج، لاسيما وأن التوتر الاقليمي، والتوتر الداخلي في العراق، يترك هامشاً واسعاً لقوى الفوضى الخلاقة، والكيان الصهيوني تحديداً، وهذا ما يفسر حمية دولة الكيان الصهيوني في التعاطف مع القضية الكردية مؤخراً، ومحاولة دفع الجميع إلى مآزق جديدة . وكم من الشعوب كانت ضحية الخيارات السياسية الخاطئة لنخبها؟
بقلم : عبدالخالق الفلاح

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق