الولايات المتّحدة الأمريكية: عجزٌ في الميزانيّة وإصلاحات مثيرة للجدل
الوقت- صعد عجز الميزانية الأمريكية للسنة المالية الماضية إلى 666 مليار دولار، بنسبة 13.6٪ مقارنة مع السنة السابقة لها، بحسب تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية.
وأضافت الخزانة الأمريكية في تقريرها، الصادر مساء الجمعة، أن العجز المسجل في السنة المالية الماضية هو الأعلى منذ 2013، “لكنه أقل من المتوقع بنحو 80 مليار دولار”.
وتبدأ السنة المالية في الولايات المتحدة الأمريكية مطلع تشرين الأول حتى نهاية أيلول من العام التالي، بحسب قانون الموازنة.
وفاقت النفقات المسجلة خلال السنة المالية الماضية الإيرادات الضريبية المحققة خلال العام ذاته، الأرقام والنسب المسجلة يجب أن تكون إنذاراً للإدارة في واشنطن، بحسب مكتب مدير الإدارة والميزانية في الوزارة “ميك مولفاني”.
وقال “مولفاني” في التقرير: إن “الأرقام المسجلة يجب أن تتبعها إعادة ترتيب للبيت الداخلي، بإعادة تنظيم وإدارة الإيرادات الضريبية، وضبط الإنفاق”.
من جهته قال وزير الخزانة ستيفن منوشين إن “نتائج الميزانية اليوم تؤكد على أهمية تحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام. ومن خلال الجمع بين الإصلاح الضريبي والتخفيف من اللوائح التنظيمية، يمكن لهذا البلد العودة إلى مستويات أعلى من نمو الناتج المحلي الإجمالي، مما يساعد على القضاء على عجزنا المالي”.
تمرير الموازنة الفيديرالية لعام 2018
على صعيد متّصل، مرّر مجلس الشيوخ الأمريكي بفارق ضئيل أول من أمس، الموازنة الفيديرالية لعام 2018، ما يفسح المجال أمام الإصلاح الضريبي المثير للجدل الذي طرحه الرئيس دونالد ترامب ويتضمن خفضاً للضرائب بقيمة 1.5 تريليون دولار.
وقال زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل بعد عملية التصويت التي دعم 51 من المشاركين فيها الإجراء في مقابل 49: “عبر هذه الموازنة، نحن على طريق إيصال المساعدات التي يحتاجها الأمريكيون وعائلاتهم التي تحملت أعباء قانون الضرائب غير العادل لمدة طويلة جداً”. وأشاد ترامب بالتصويت على أنه “خطوة مهمة لتحقيق تقدم في أجندة الإدارة التشريعية الداعمة للنمو والوظائف” مشيراً إلى أنها “تفتح الطريق أمام إطلاق العنان لإمكانات الاقتصاد الأمريكي عبر إصلاح الضرائب وخفضها”.
فرصة ترامب الأخيرة
ومع مرور 9 أشهر على دخوله معترك الرئاسة، تشكل مناورة ترامب في الملف الضريبي فرصته الأخيرة لإنقاذ ركائز أجندته التشريعية لعام 2017. وبعد فشله في إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي وضعه سلفه باراك أوباما، بات تبني الإصلاحات الضريبية قبل نهاية العام الحالي أولوية قصوى بالنسبة إلى الجمهوريين الذين يهيمنون على الكونغرس. وتولى ترامب منصبه في كانون الثاني الماضي، مصراً على أن الإصلاح الضريبي يعزز الاقتصاد ويفيد المواطنين الأمريكيين العاديين. وقال من البيت الأبيض: “بصراحة، أعتقد أن لدينا الأصوات من أجل خفض الضرائب، وهو ما سيحصل قريباً”.
ويتم التعامل مع الإصلاحات المثيرة للجدل عبر خطوات عدة، انطلاقاً من تصويت على قرار لتأسيس إطار موازنة عام 2018. ويتضمن الإجراء مقاربة تسمح لمجلس الشيوخ باستخدام عملية تعرف بـ”المصالحة” لتسريع الإصلاح الضريبي عبر حاجته إلى غالبية بسيطة في مجلس الشيوخ الذي يضم 100 عضو بدلاً من الـ60 الذين يتطلبهم تمرير تشريعات كبيرة. ويعني ذلك أن مع سيطرة الجمهوريين على 52 من مقاعد مجلس الشيوخ، لن تحتاج الإصلاحات دعماً من الديموقراطيين، إلا في حال وجود أكثر من معارضين اثنين في صفوف الجمهوريين. وتقوم الإصلاحات التي وُضع إطارها الشهر الماضي على خفض معدل الضرائب على الشركات من 35 إلى 20 في المئة، وخفض الضرائب على الدخل لمعظم الشرائح، إضافة إلى سدّ الثغرات والاقتطاعات لتعديل القانون الضريبي الذي قال ترامب إنه “متقادم”.
التعديل لصالح اصحاب المداخيل المرتفعة
وسيشهد أصحاب المداخيل الأعلى الذين يشكلون 1 في المئة ارتفاع مداخيلهم بعد الاقتطاع الضريبي بنسبة 8.5 في المئة عام 2018، فيما سيحصل الـ95 المدرجين في المراتب الأدنى من سلم توزيع الدخل على زيادة تراوح نسبتها بين 0.5 و1.2 في المئة، وفقاً لـ “تاكس بوليسي سينتر”، وهو مركز سياسات الضرائب، التابع لمعهدي “بروكينغز انستيتيوشن” و “أوربان انستيتيوت”.
ويشير المركز إلى أن الإصلاحات ستكلف 2.4 تريليون دولار على شكل عائدات فيديرالية تتم خسارتها خلال العقد الأول من بدء تطبيقها، ما يثير تساؤلات في شأن كيفية تمويلها. ويصرّ الجمهوريون المؤيدون للإصلاحات على أن الخفوضات الضريبية ستغطي العجز الضخم عبر دفع عجلة النمو، ما سيؤدي إلى عائدات ضريبية مستقبلية. ولكن الديمقراطيين نددوا بشدة بالتغييرات معتبرين أنها تقدم للأغنياء 1.5 تريليون دولار على طبق من فضة. وأشاروا إلى أنها ستخفض التمويل للتعليم والمواصلات والبنية التحتية، فيما ستقتطع في شكل كبير من البرامج الفيديرالية الصحية للمسنين والفقراء والعجزة.
موازنة سيّئة ورجعيّة
وحذر زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر من أن “هذه الموازنة السيئة والرجعية تعطي الضوء الأخضر للاقتطاعات من برنامجي ميدكير وميدكايد لتخفيف الضرائب على الشركات الكبرى والأمريكيين الأكثر ثراء”، في إشارة إلى برنامجي التأمين الصحي العام لكل من المسنين والفقراء. ووصف السناتور بيرني ساندرز قرار الموازنة بـ”المروّع” و”القاسي للغاية”.
ويذكر أن البعض يخشون أن يراكم خفض الضرائب الدَين الوطني، إلا أن ترامب دعا الجمهوريين إلى اتخاذ موقف موحد بعدما رفض بعض أعضاء الحزب دعم مشروع القانون الذي قد يؤدي إلى تفكيك معظم قانون الرعاية الصحية الذي وضعه سلفه أوباما.
المصدر / الوقت