التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

مؤشّرات قوية لعدوان مُكلِف 

أولاً، وفي ما يخصّ مؤشّرات العدوان، فإن بعض التحرّكات والمبادرات تشي بأن المسرح الاقليمي يعد بكامله تحضيراً للحرب المذكورة.

فمن المسرح الأميركي وتهديدات واشنطن ضد حزب الله وإيران وسوريا، إلى المسرح اللبناني «محاولات إحياء المعسكر المناهِض للقوى الوطنية وحزب الله واستقبال عدد من قادته في غير عاصمة خليجية وأطلسية، والتهديد بخلق توتّر داخل الحكومة» إلى المسرح الفلسطيني بإحياء أوهام مناخات التسوية ودَفْع الفلسطينيين إلى مصالحات لا علاقة لها بخطاب المقاومة، ما يُفهم منه أن ما يجري على هذا المسرح محاولة لتحييد قطاع غزّة في الحرب المتوقّعة.
ويمكن النظر إلى ما يجري في كردستان كتحضير للمسرح العراقي عبر اختلاق أزمة الاستفتاء واستنزاف الجميع فيها. ولا تبدو الهجمات المُفاجئة من مناطق التنف والركبان باتجاه ريف حمص الشرقي بعيدة عن ذلك من زاوية محاولة العودة إلى القلمون الشرقي، ولعلّ المهم هنا هو ما يُقال عن تجهيز المخابرات الأميركية والإسرائيلية للدواعش وجبهة النصرة ودفعهم إلى المنطقة التي تقع بين حوض اليرموك والأراضي اللبنانية، وبحيث يكونوا جاهزين لمشاركة العدوان أو لإشغال المقاومة والجيش السوري. وبالمجمل، فالمؤشّرات المذكورة ليست بعيدة عن حلقات العدوان والتدخّل المتتابعة منذ تموز 2006، فمن العدوان على حزب الله قبل عقد تقريباً وإخفاق هذا العدوان واندحاره، إلى تجريب حلقة أخرى تمثّلت في التظاهرات التي أطلقتها القوى الليبرالية في إيران، إلى تجريب حلقة ثالثة، هي العدوان الأميركي – الصهيوني – الرجعي على سوريا بأدوات محلية واقليمية وتكفيرية.
ثانياً، وفي ما يخصّ اليقظة السياسية والعسكرية عند معسكر المقاومة، فمن مؤشّراتها تحضير مسرح المواجهة على مستوى الاقليم، من تنظيف عرسال وبقية القلمون اللبناني – السوري من عصابات الإرهاب التكفيري وتطويق هذه العصابات ومشغّليها في أوكارهم في عين الحلوة ومنعهم من قطْع طريق الضاحية – الجنوب، إلى تنظيف البادية السورية وضرب فكرة البافرستيت «القاطع الطائفي المسلح العازل» على امتداد الحدود السورية – العراقية. ويشار كذلك إلى الموقف الصارِم من تحويل كردستان إلى خاصرة إسرائيلية في قلب التحالف العريض بين طهران ودمشق ولبنان.
على أهمية ما سبق، إلا أنه لا يجوز أن يقلّل من مخاطر إقدام العدو على مغامرة طائشة، بل وعلى ما يُعرف بخيار شمشوم، وذلك بعد أن فشلت رهاناته وقراءاته لنتائج مشاركة حزب الله في سوريا، فبدلاً من استنزاف الحزب وإضعافه صار أكثر عدّة وعدداً وخبرة وتجربة إلى جانب التطوّر الكبير الذي طرأ على الجيش العربي السوري. هكذا، وجد العدو نفسه أمام تحدٍ استراتيجي غير مسبوق يطوّق أطماعه العدوانية التوسّعية كقوة اقليمية الى جانب القوى الاقليمية الصاعدة، والتي باتت أكثر أهمية من تل أبيب على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية، ومنها تركيا وإيران ومجمل معسكر المقاومة.
فالتسليم بهذه التحوّلات يهدّد العدو في جوهر وظيفته ووجوده، كما أن تكرار تجربة تموز 2006 مشكلة أخرى، قد تطيح بما تبقّى من أوراق إسرائيلية للبقاء على المسرح الاقليمي، وقد تفتح الأبواب أمام هجرة يهودية مضادّة واسعة.
لهذا كله، وأمام الكلفة الباهظة المتوقّعة للعدوان وأمام الخطر الذي يهدّد مكانته ووظيفته الاقليمية، فالأرجح أن يخلط بين التهديد العسكري عالي الوتيرة لحزب الله وإيران وسوريا، وبين عودة أصابعه الداخلية للعَبَث بالمشهد اللبناني، سواء عبر تسعير الاحتقانات والتجاذبات المذهبية والسياسية، أو عبر تدبير اغتيالات فردية وإشاعة الاتّهامات المتبادلة بشأنها، إلى جانب تحريك الخلايا التكفيرية النائمة بين الحين والحين.
ولا يستبعد كذلك، أن ينقل العدو المعركة إلى جبهة الجنوب السوري مباشرة وعبر الاتّكاء على داعش والنصرة والسعي إلى خلط الأوراق الاقليمية انطلاقاً من ذلك. وفي كل الأحوال فأيّ تصعيد عسكري كبير لن يقتصر هذه المرة على أطراف مُحدّدة، بل سيشمل المنطقة برمّتها، ويُعيد إنتاج الخرائط والاصطفافات فيها بصورة جديدة، تطلق العد العكسي لوجود العدو نفسه.
بقلم : موفق محادين

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق