الازدواجية الأمريكية في التعاطي مع الإرهاب؛ ضوء أخضر لـ”داعش” في أفغانستان
بعد الهزائم المرّة التي تلقاها “داعش” في العراق وسوريا، بدأ هذا التنظيم الإرهابي بالبحث منذ مدّة عن مناطق جديدة لمواصلة عملياته الإجرامية في دول أخرى في مقدمتها أفغانستان.
ويعتقد الكثير من المراقبين بأن نهاية “داعش” في العراق وسوريا، جعلت من أفغانستان هدفاً لـ”داعش” كقاعدة انطلاق رئيسية لنشر الإرهاب في هذا البلد وفي عموم المنطقة.
في هذا السياق أشار السفير الأمريكي السابق في كابول “زلماي خليل زاد” إلى أن “داعش” بصدد الاستيلاء على مناطق كثيرة في أفغانستان لا تقع تحت سيطرة الحكومة المركزية في هذا البلد في الوقت الحاضر.
ومما لاشكّ فيه أن أمريكا وحلفائها الغربيين والإقليميين يسعون بكل ما لديهم من وسائل وإمكانات من أجل الحفاظ على “داعش” وتقويته بشتى الطرق لتنفيذ سياساتهم الإجرامية الرامية إلى تمزيق المنطقة والعبث بمقدراتها والتحكم بمصيرها.
وقد أثارت هذه السياسية امتعاض الكثير من السياسيين بينهم الرئيس الأفغاني السابق “حامد كرزاي” الذي أكد في كلمة ألقاها خلال أعمال الدورة الـ 14 لمنتدى “فالداي” الدولي للحوار بمدينة “سوتشي” الروسية أن السياسة الأمريكية في أفغانستان غير ناجحة، وتتسبب بصعود التطرف والراديكالية في البلد.
وأشار كرزاي إلى أن تنظيم “داعش” قد ظهر في أفغانستان “تحت رقابة (الأمريكيين) وسيطرتهم الكاملة على الفضاء الشرقي”. وشدد على أن “الكثيرين في دول أخرى يتساءلون عمّا إذا كان الإرهاب مقدمة للتدخل أم أننا نحارب التطرف فعلا؟”.
وخلال مقابلة صحفية على هامش منتدى “فالداي” حثّ كرزاي أمريكا على الاعتراف بأن سياستها في أفغانستان قد فشلت، لأنه “في حال عدم فعلها ذلك، لن تنتهي لعبة التطرف”.
وجاءت تصريحات كرزاي غداة مقتل 43 عسكرياً أفغانياً بهجوم انتحاري على قاعدة عسكرية في قندهار، تبنته حركة “طالبان”.
في ذات الإطار كانت روسيا قد اتهمت ولعدة مرّات الإدارة الأمريكية بدعم “داعش” وطالبت بكشف حقيقة الطائرات المروحية التي تقوم بنقل المعدات الحربية واللوجستية لهذا التنظيم في أفغانستان.
كما انتقد عدد من أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ الأفغاني الازدواجية الأمريكية في التعاطي مع الإرهاب، مشيرين إلى أنه في الوقت الذي تقوم به القوات الأمريكية بتوجيه ضربات عسكرية لـ”طالبان” في مناطق بشمال أفغانستان، تسمح هذه القوات لقادة “داعش” بالتحرك بحرية وتنفيذ عمليات إرهابية في هذه المناطق.
وأكد “عبد الله قرلق” ممثل أهالي ولاية “قندوز” في مجلس الشيوخ الأفغاني إن القوات الأمريكية تستهدف طالبان بين الحين والآخر، لكنها في ذات الوقت تغضّ الطرف عن عناصر “داعش” وتسمح لهم بتنفيذ عمليات إرهابية في هذه الولاية وفي مناطق أخرى بشمال أفغانستان من بينها مناطق “قوش تيبه” و”درزاب” في ولاية جوزجان.
وفي وقت سابق اتهم عدد من ممثلي الولايات الشرقية الأفغانية في مجلس الشيوخ ومن بينها ولاية “ننغرهار” القوات الأمريكية بدعم “داعش” لتنفيذ عمليات إرهابية في هذه الولايات.
وذهب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأفغاني إلى أكثر من ذلك حينما ذكروا أن أقارب زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي المدعو “أبو بكر البغدادي” تم نقلهم إلى أفغانستان خلال الفترة الأخيرة، فيما ذكر “عبد الرحمن رحماني” ممثل أهالي ولاية “بلخ” في المجلس المذكور بأن البغدادي لم يلقَ حتفه حتى الآن رغم الشائعات التي انتشرت بكثرة حول هذا الموضوع في أوقات سابقة من قبل أطراف عدّة بينها أمريكا.
من خلال قراءة هذه المعطيات وغيرها يمكن التأكيد بأن الشعب الأفغاني وقياداته الدينية والوطنية لايثقون أبداً بوعود الإدارة الأمريكية التي تزعم محاربة الإرهاب بسبب ازدواجيتها في التعامل مع هذا الملف على أرض الواقع.
وتنبغي الإشارة هنا إلى أن الهجمات الأمريكية التي تستهدف بعض مقرات ومواقع “طالبان” في أفغانستان خصوصاً في شمال البلاد قد تسببت بمقتل الكثير من المدنيين العزّل، فضلاً عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بالقوات العسكرية والأجهزة الأمنية الأفغانية نتيجة هذه الهجمات.
المصدر / الوقت