ليس غريبا من “تيلرسون” فالرجل وزير خارجية ترامب.!
كان مثيرا موقف وزير الخارجية الامريكي “ريكس تيلرسون” عندما جلس الى جنب رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” مستمعا بصمت الى قصة الحشد الشعبي وهويته وشرعيته الدستورية ودوره وتضحياته فحتى وزير خارجية “الموزمبيق” بات مطّلعا على معلومات بديهية كهذه تخص الشأن العراقي .
لكن تصريحات الوزير الامريكي الاخيرة هي ما أثارت غضب الشارع العراقي وقادته، عندما قال : “ان الوقت قد حان كي تعود الفصائل المدعومة من إيران الى “ديارها” وكذلك مستشاروها الايرانيون بعد أن ساعدوا العراق على تنظيم داعش”.
لا شك في أن “ريكس تيلرسون” أذكى من أن يجهل معلومات مفصلية تخص قوات “الحشد الشعبي” اليد الحديدية التي قصمت ظهر أكبر مشروع كوني ضد العراق، قادته واشنطن وحلفائها في المنطقة حسب دونالد ترامب.
لكن “تيلرسون” أراد أن يلعب على وتر الدور الاستشاري الايراني، الدور الذي أزعج الادارة الامريكية ومحورها الاقليمي، وأضر بمصالحهم كثيرا، فدعى الى مغادرتهم من العراق.
ومع أن تواجد المستشارين الايرانيين جاء بدعوة رسمية من الحكومة العراقية، فهي الجهة المسؤولة الوحيدة عن بقائهم من عدمه، لكن الوزير الامريكي يبدو انه نسي أو تناسى أن لبلاده نحو “10” الاف عسكري بمختلف الرتب حسب تقارير مطلعة، منهم “4460”عسكري دخلوا العراق على شكل دفعات تدريجيا ما بين 2014 و2016 بذريعة “داعش” وأكد وزير الدفاع الامريكي آنذاك على استمرار تواجدهم عندما قال “إن الجيش الامريكي وشركائه الدوليين يحتاجون للبقاء في العراق حتى بعد الهزيمة المرتقبة لتنظيم داعش وإن هناك الكثير مما يجب عمله بعد طرد داعش من العراق للتأكد من تحقيق انتصار كامل”.
لو تمعنا النظر في خريطة تواجد القواعد الامريكية، لعلمنا أن انتشارها يبدأ من شمال العراق مرورا بأطراف بغداد وصولا الى الصحراء الغربية ومتمركزا على الحدود العراقية السورية والاردنية.
ففي كوردستان العراق تتوزع القواعد الامريكية كالتالي: “قاعدة سنجار، آتروش والحرير، قاعدتي حلبجة في السليمانية، والتون كوبري في شمال كركوك” .
وفي الانبار انشأت القوات الامريكية قاعدتي “عين الاسد والحبانية”، بالاضافة الى قاعدة الرطبة المؤقتة والتي تتولى تأمين الطريق الدولي الذي يربط العراق بالاردن وسورية، وتكون مسرحا للتواجد الامريكي ومنطلقا أمنيا لوجودها.
وفي صلاح الدين تتخذ واشنطن “قاعدة بلد الجوية” لطائرات (اف16) التي سلمتها للعراق مؤخرا، وفي معسكر التاجي “شمال بغداد” تتدرب قوات أمريكية.
هذا فضلا عن قاعدة التنف البريطانية المشرفة على الانبار، مهمتها التدريب والتنسيق في المثلث السوري الاردني العراقي.
أعداد القوات العسكرية الامريكية مقلقة للعراقيين وستزيد من قلقهم مع اعلان نهاية حقبة “داعش” وتحرير كامل الاراضي منها، خاصة وأنها عادت بذريعة مواجهة الارهاب، بعد ثلاث سنوات من انسحابها في أواخر 2011.
بعيدا عن غايات التواجد العسكري الامريكي وأهدافه واستراتيجياته المشكوك في كل جزء من تفاصيلها، لكن الاكثر اثارةً للاستغراب هو دعوة وزير الخارجية الامريكي الى مغادرة المستشارين الايرانيين بلدا لهم فيه كل هذا الكم الهائل من العسكرة، وهذا المعلن منه فقط ولعل ما خُفي أعظم .!
ولكن عندما نجد أن تصريحات “ريكس تيلرسون” جائت من العاصمة السعودية “الرياض” فهذا يقلل من دهشتنا كثيرا، وما إن يخطر على بالنا بأن الرجل جزء من كابينة “دونالد ترامب” فلا غرابة في الامر اطلاقا.!
بقلم: یاسر مسعود
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق