واشنطن بوست”؛ لا توجد قوة في الأرض قادرة على منع توسع النفوذ الإيراني في المنطقة
كتبت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني: “لقد وضع الرئيس الأمريكي استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران وذلك بعد اتساع نفوذ الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط داعياً إلى الاستمرار في محاربة تنظيم داعش الإرهابي”.
ووفقا لهذا التقرير، فإن الإعلان عن هذه الاستراتيجية يعكس أهمية التحول في السياسة الأمريكية فيما يخص منطقة الشرق الأوسط، فتلك السياسة ترى بأنه من الضروري الوقوف في وجه إيران ومنعها من توسيع نفوذها في المنطقة، بدلا من التركيز فقط على محاربة تنظيم داعش الإرهابي. ولكن هذه الاستراتيجية لم تذكر شيئا عن كيفية التعامل مع وجود إيران في العراق وسوريا ومناطق أخرى من الشرق الأوسط وهذا الشيء سوف يخلق الكثير من التساؤلات، فكيف سيتم التعامل مع نفوذ إيران في المنطقة دون الدخول في حربٍ معها.
وأضافت هذه الصحيفة الأمريكية، قائلة: ” إن هذه الاستراتيجية وهذه التغييرات ستواجه الكثير من الصعوبات، وذلك يرجع إلى انه خلال السنوات الأخيرة الماضية تم تعزيز التعاون والتحالف بين إيران والعراق بهدف محاربة تنظيم داعش الإرهابي وهذا ما أكدته تصريحات رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” التي صرح بها الأسبوع الماضي والتي رد فيها بقوة وحزم على دعوة وزير الخارجية الأمريكي “تيلرسون” بضرورة عودة القوات المدعومة من إيران إلى ديارها”.
وجاء أيضا في هذا التقرير، أن أحد أقوى القادة العسكريين العراقيين ذهب إلى أبعد من ذلك، فلقد طلب من القوات الأمريكية العودة إلى ديارها في تغريدات كتبها على حسابه في “تويتر”. فقد خاطب “قيس الخزعلي” أحد قادة “عصائب الحق” وأحد فروع “قوات الحشد الشعبي”، القوات الأمريكية قائلًا: “يجب أن تكون قواتكم على استعداد لمغادرة بلدنا فور انتهاء ذريعة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي”. وذكر هذا التقرير أيضا، أن تزايد حالة التوترات خلال العقد الماضي، قد عززت خطر استئناف الحروب في منطقة الشرق الأوسط.
من جهة اُخرى كتبت صحيفة “واشنطن بوست”: “لقد أدت التوترات في المنطقة إلى أرباك القوات العسكرية في حسم المعركة مع تنظيم داعش الإرهابي والقضاء عليه. وعلى الرغم من مرور ثلاث سنوات على التدخل الأمريكي في سوريا والتي جاءت تحت ذريعة محاربة هذا التنظيم الإرهابي، إلا إن إيران لا تزال إلى يومنا هذا تقدم الكثير من الدعم لبعض القوى في تلك المناطق”.
وفي سياق متصل زعمت هذه الصحيفة الأمريكية، بأن إيران تدعي بأنها إحدى الجهات الرئيسية الفاعلة والتي سيكون لها دورًا أساسيًا في حل الأزمة السورية. ولفتت هذه الصحيفة، إلى أن الآمال قد ازدادت في بناء جسر بين طهران وبيروت وهذا يمكن أن يكون دليلًا بارزا على اتساع نفوذ إيران ووصولها إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط.
وأشار هذا التقرير إلى مطالب وزير الخارجية الأمريكي “ريكس تيلرسون” الأخيرة، حيث كتبت: “خلال الأسبوع الماضي، قدم “تيلرسون” اقتراحًا وقال، إنني لا أرى بأن سوريا كانت مركزا لانتصارات إيران، وأنا أرى بأن إيران متعطشة لهذا النصر، فلم تنتصر إيران في تلك المناطق ولم تلعب دورا في تحريرها من التنظيمات الإرهابية”.
وفي سياق آخر قال “محمد عبيد”، المختص بالشؤون الإيرانية من بيروت: إن تحسين العلاقات الدبلوماسية والتجارية، يعد أحد الاستراتيجيات الإيرانية لتوسيع نفوذها في المنطقة. فالإيرانيون يعملون بذكاء ولا يزالون أيضا أذكياء. فهم يريدون أن يزيدوا من قوتهم، ولكنهم يدركون أن هذا الشيء لا يحتاج إلى الإطاحة بالحكومات. فهم يمكنهم أن يصلوا إلى أهدافهم السياسية عن طريق إنشاء أحزاب سياسية تعمل إلى جانب الحكومات الحالية. فحزب الله يُعد قوة قوية، ولديه ممثلين في الحكومة والبرلمان اللبناني ولديه أيضا قوة عسكرية قوية على الأرض، ولا توجد قوة يمكنها أن تدمر هذا الحزب. ولفت “عبيد” إلى إن إيران تستطيع إن تحقق انتصارات في كل مكان تريده ولقد استطاعت ان توسع نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.
ومن جهة اُخرى تعتقد “جنيف كافيرلا”، الباحثة والمختصة بالشؤون الإيرانية في معهد دراسات الحروب، بأن طهران عززت مكانتها في المنطقة إلى درجة يمكنها أن تتخذ إجراءات تُعيق العمليات التي تقوم بها الولايات المتحدة في المنطقة. كما إن الاستراتيجية الأمريكية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، قد عزز دور إيران في المنطقة.
وأضاف “عبيد”، قائلا: إن أي إجراء لتحدي إيران في العراق وسوريا، سيكون له أثر سلبي على الأمريكيين المتواجدين في المنطقة. فهم محاصرون من قِبل الإيرانيين. وهنا يمكننا طرح هذا السؤال المهم، هل سيدخل الأمريكيون في مثل هذه المواجهة مع إيران أم لا؟
ووفقا لتقرير “واشنطن بوست”، فأنه يبدو أن المسؤولين الأمريكيين في جولاتهم الجديدة يأملون الآن في فرض المزيد من العقوبات ضد إيران وحزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني. ولكن هذه العقوبات وحدها لا يمكنها أن تحد من توسع طهران الجغرافي ولفتت هذه الصحيفة إلى إن حكومة “ترامب” ليس لديها رغبة في الدخول في حرب مع إيران.
ووفقا لما صرح به الخبراء لصحيفة “واشنطن بوست”، فأنه من غير المعروف هل ستنتهي هذه المواجهة لصالح أمريكا أم لا. وان أي تغييرات سيحدث في السياسة الأمريكية، سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى بقاء إيران بشكل دائم في العراق وسوريا. وفي الختام أضافت الصحيفة أنه “لا توجد قوة عسكرية ولا استراتيجية يمكنها أن تؤثر وتمنع إيران من توسيع نفوذها ومشاركتها في الأحداث الإقليمية التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط”.
المصدر / الوقت