التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

هل يتكرر سيناريو اليمن في لبنان، وهل يحذو سعد الحريري حذو منصور هادي؟ 

قبل نحو ثلاث سنوات وتحديداً في 22 كانون الثاني/يناير 2015 أقدم الرئيس اليمني السابق “عبد ربه منصور هادي” على تقديم استقالته وفرّ بعدها من العاصمة صنعاء وتوجه إلى مدينة عدن جنوب البلاد ليعلن نفسه من هناك مرة أخرى رئيساً قانونياً ووحيداً لليمن.

وقدّمت السعودية لمنصور هادي كل أنواع الدعم، إلى أن قامت مع حلفائها بشنّ العدوان على اليمن في 25 آذار/مارس 2015 في إطار عملية عسكرية واسعة أطلقت عليها اسم “عاصفة الحزم”. وفي السابع والعشرين من نفس الشهر وصل منصور هادي إلى الرياض وكان في استقباله وزير الدفاع السعودي وولي العهد الحالي محمد بن سلمان.

وتجدر الإشارة إلى أن منصور هادي كان قد وصل إلى منصب الرئاسة في اليمن من خلال توافق سياسي داخلي أعقب سلسلة من التظاهرات ضد نظام حكم الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.

وزعمت السعودية بأنها تواصل عدوانها على اليمن دفاعاً عن الشرعية في هذا البلد من خلال محاولة إعادة نظام عبد ربه منصور هادي إلى السلطة، كما زعمت بأن حركة أنصار الله التي تتولى زمام الأمور في اليمن تتلقى الدعم من إيران.

ورغم الدعم العسكري واللوجستي الواسع الذي تلقته السعودية من أطراف إقليمية وغربية عديدة، وحتى من الكيان الإسرائيلي، لم تتمكن من تحقيق أهدافها في اليمن ومنيت بهزائم كبيرة أسفرت عن مقتل الكثير من جنودها وتحملت كذلك خسائر مادية باهظة أدت إلى انهيار اقتصادها وإصابته بالعجز الشديد، خصوصاً وإن عدوانها على اليمن قد تزامن مع تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية ويعد تصدير النفط المصدر الأساس لتأمين اقتصاد المملكة كما هو معروف.

ويبدو أن السيناريو الذي اتبعته أمريكا والسعودية وحلفاؤهما الإقليميين والدوليين ضد اليمن سيتكرر في لبنان هذه المرة، وذلك بعد إعلان رئيس الحكومة في هذا البلد “سعد الحريري” استقالته المفاجئة من منصبه خلال وجوده في العاصمة السعودية “الرياض”. وكان الحريري قد وصل إلى منصب رئيس الوزراء في لبنان من خلال توافق سياسي داخلي أيضاً قبل نحو عام.

وزعم الحريري أن السبب الأساسي لاستقالته يعود إلى ما أسماه تدخل إيران في الشؤون الداخلية اللبنانية ودعمها لحزب الله الذي اتهمه أيضاً بتهديد أمن لبنان والمنطقة.

والسؤال المطروح: ماذا يعني إعلان استقالة الحريري من الرياض، وفي هذا الوقت بالذات؟

الإجابة عن هذا التساؤل تكمن بما يلي:

– ارتباط الحريري بالسعودية والخضوع لإملاءاتها سواء في ما يتعلق بلبنان أو بمواقفه تجاه قضايا المنطقة.

– خضوعه للأوامر الأمريكية والسعودية للوقوف ضد محور المقاومة في عموم المنطقة لاسيّما ضد حزب الله.

ومن المعروف أن المشروع الأمريكي – السعودي كان منذ ستة أعوام ولايزال يستهدف إسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، ولكنه فشل في تحقيق هذا الهدف بفضل صمود الشعب السوري وقواه المسلحة ودعم إيران وروسيا ومحور المقاومة خصوصاً حزب الله للجيش السوري في التصدي للجماعات الإرهابية والتكفيرية المدعومة من الرياض وعواصم أخرى في المنطقة.

كما أخفقت أمريكا والسعودية وحلفاؤهما في تنفيذ مشروع تقسيم العراق والذي تمثلت آخر حلقاته بإجراء “استفتاء الانفصال” في إقليم كردستان الذي فشل أيضاً نتيجة رفضه من قبل الحكومة العراقية والمحيط الإقليمي والدولي ومعظم مكوّنات الشعب العراقي بما فيها العديد من الحركات والشخصيات الكردية المهمة داخل الإقليم.

وقد ساهمت جميع هذه التطورات في تعزيز موقف محور المقاومة الذي تدعمه الجمهورية الإسلامية في إيران والذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي الرامي إلى تمزيق المنطقة والاستحواذ على مقدراتها والعبث بمصيرها.

ومن الطبيعي القول بأن أمريكا والسعودية وحلفاءهما وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني لاتروق لهم الانتصارات الكبيرة والاستراتيجية التي تحققها إيران ومحور المقاومة على كافة الجبهات في المنطقة سواء في العراق أو في سوريا واليمن ولبنان، ولهذا تقوم واشنطن والرياض وتل أبيب بحياكة المزيد من المؤامرات ضد دول المنطقة والتي كان آخرها محاولة إثارة الفتنة في لبنان وذلك من خلال التنسيق مع “سعد الحريري” لتقديم استقالته بحجة الاعتراض على مواقف إيران وحزب الله، في وقت يعتقد فيه المراقبون بأن هذه المحاولة لن تجدي نفعاً ولن تفت في عضد محور المقاومة لأن الحريري لايمثل في الحقيقة رقماً صعباً لايمكن تجاوزه في المعادلات الإقليمية ولا حتى على المستوى الداخلي اللبناني، خصوصاً وإنه جاء إلى السلطة عبر التوافق السياسي وليس عن طريق ما يمتلكه من رصيد شعبي أو اجتماعي، واستقالته من منصبه خلال وجوده في الرياض تعد بحد ذاتها سبباً كافياً لأن يفقد ما تبقى له من أثر سياسي، لأن الاستقالة أو أي إجراء من هذا القبيل يجب أن يحصل داخل البلاد وليس خارجه إن كان الحريري وأمثاله يعتقدون بأهمية الحفاظ على سيادة بلدانهم واستقلالها وضرورة ابتعادها عن التدخلات الخارجية كما يزعم هو ومن يقف وراءه كالسعودية التي لم تعد سوى بيدقاً في رقعة الشطرنج الأمريكية الإسرائيلية لتدمير المنطقة وإزهاق أرواح أبنائها ظلماً وعدواناً كما يحصل في اليمن.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق