بين ترامب الاميركي وترامب السعودي!
لماذا يؤيد الرئيس الاميركي ترامب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في كل خطواته تقريباً، وتحديداً في حملته الاخيرة على كبار الامراء والمسؤولين غير الموالين له بحجة “مكافحة الفساد”؟ مع العلم ان هذه العملية لا تخضع لأية معايير قضائية واضحة، وانما تكتسب بُعداً أمنياً مغلقاً يثير الكثير من الهواجس لدى المستثمرين في السعودية وخارجها.
مقارنة بسيطة كفيلة بإعطاء الجواب:
1- محمد بن سلمان شاب طموح من غير تجربة في الحكم وإن كان أبوه مسؤولاً في النظام منذ زمن طويل.
دونالد ترامب كهل طموح لا يملك تجربة في الحكم ايضا، وإن كان رجل أعمال منذ فترة طويلة.
2 – محمد بن سلمان لا يعير أهمية لتركيبة النظام التقليدي القائم في المملكة، وينظر بعين الاتهام والازدراء الى كل الأمراء او أغلبهم، وبالتالي يفتقد الى الشعور بالانتماء والانسجام مع البيئة العائلية الحاكمة.
دونالد ترامب من جهته لا يحترم النظام القائم في واشنطن بجمهوريّيه وديمقراطيّيه وهو توعد في خطاب القسم بمواجهتهم و”اعادة الحكم الى الشعب”، وبالتالي فهو يشعر بالعزلة ويفتقد الى الانسجام مع البيئة الحزبية والحكومية القائمة.
3 – محمد بن سلمان يحيط نفسه بمجموعة من الأغرار الذين يفتقدون الى الخبرة التي تفيد في إسداء النصح اليه لمنعه من الإمعان في التهور والارتجال، كما فعل حتى الآن.
دونالد ترامب أحاط نفسه في البداية بمجموعة من المنظَّرين الايديولوجيين الذين يبشرون برؤى صِدامية داخلياً وخارجياً. الفارق هنا ان النظام الاميركي يحتوي على مجموعة من قوى الضغط والمؤسسات التي تستطيع توفير نوع من التوازن للنظام الاميركي برغم كل ما يجري من فوضى سياسية في اميركا، ونقصد بهذه القوى: الكونغرس، القضاء، القوات المسلحة والاجهزة الامنية، الصحافة… . وهذه القوى عطلت العديد من مشاريع ترامب (مرسوم منع الهجرة مثلا) وقلَّمت بعض أظافره (إزاحة بعض رجالات ترامب مثل مايكل فلين وستيفن بانون وفرض جنرالات لاستعادة “النظام” في داخل البيت الابيض).
4 – يُظهر محمد بن سلمان تنكره التدريجي للهوية الوهابية للمملكة، محاولاً إسباغ وجه من الحداثة عليها بعدما علاها الصدأ والتخلف. غير ان أسلوبه العنيف يشي برغبة سلطوية عارمة، وارتبطت سيرته بالاستحواذ (مثل اقتناء أغلى يخت في العالم بقيمة 500 مليون دولار بينما يغرق جيشه في حرب اليمن)، ما يلقي بكثير من الشبهات على سلوكه السياسي بشأن “مكافحة الفساد”.
أما ترامب الذي يمتدح بن سلمان لأنه يواجه من كانوا “يحلبون” بلادهم خلال سنين طويلة، فسيرته لا تشفع له في إلقاء المواعظ. فلقد شابتها اتهامات بالتهرب الضريبي المستتر، والاحتيال على نحو ستة آلاف طالب في جامعة تحمل اسمه، فضلاً عن سلوكه غير الأخلاقي وتعليقاته تجاه النساء التي تنمّ عن استغلال واحتقار.
5 – يقود محمد بن سلمان اتجاهاً يمينياً في العائلة الحاكمة ينحو نحو ما يمكن ان نسميه “القومية السعودية” ويشيح الأنظار عن مشاكل الداخل عن طريق التعبئة في مواجهة عدو خارجي يتمثل في… ايران والقوى الحليفة. ويتفق في ذلك مع ترامب الذي يتمتع بحس قومي اميركي ضيق ويحرّض على ايران، لكن كليهما يريد من الآخر ان يُقدم على خوض غمار هذه المواجهة، ليكون هو في الخلف.
6 – يعشق محمد بن سلمان المشاريع الاسطورية ومنها مشروع “نيوم”، ومشروع خصخصة بعض أسهم ارامكو التي تبيض ذهباً للمملكة. كما انه يجيد إسالة لعاب ترامب وفريقه في الحديث عن المال والمشاريع، لكسب التأييد الأميركي التام في الطريق الى المُلك، وايضاً لتحديث اقتصاد المملكة القائم على ركيزة النفط.
وترامب يهلل لكل ما يأتي بالمال الوفير: من الـ 400 مليار دولار التي وعد بن سلمان (ولا ادري كم دفع منها بالفعل حتى الآن) بإنفاقها لتوثيق العلاقات مع اميركا، الى أرامكو التي تمنّى ترامب– بنوع من الطلب – على الملك سلمان ان يتم طرح اسهمها في بورصة نيويورك (بالمناسبة، هناك في أميركا من يطرح إمكانية تجميد الأصول السعودية بما فيها أسهم ارامكو- في حال طرحها في اسواق اميركا بناء على قانون جاستا الذي يدعو للتعويض على ضحايا هجمات 11 أيلول).
هل هذا يكفي لتبيان أوجه الشبه وأسباب العلاقة غير السوية بين ترامب الاميركي وترامب السعوديّ؟!
بقلم / علي عبادي