الأزمة اللبنانية و بوادر الحرب.. دروس و عبر
أسبوع مرّ على “زلزال” استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، اسبوع استطاع فيه اللبنانيون ايقاف “مسلسلٍ دراماتكي” كان يعد لاعادة لبنان الى حقبة عام 1982، كاشفين تواطئ غير مسبوق بين دول عربية واسرائيل ومن خلفهم امريكا الى تخريب الوضع الامني في لبنان عبر توجيه حصار أو ضربة كبيرة أو اجتياح، ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً، للبنان خلال الفترة الماضية وذلك على خلفية ما حققه الجيش اللبناني والشعب والمقاومة من انتصارات على الارهاب.
وقوف اللبنانيين الى جانب رئيسهم والمطالبة بعودته فوراً الى لبنان، جعلت من ورقة “استقالة الحريري” الى ازمة سعودية، وذلك عبر اسقاط الهدف الأهم الذي أرادت السعودية تحقيقه من وراء استقالة الحريري هو وضع حزب الله في مواجهة جميع الأطراف اللبنانية، باعتباره عامل توتر وإثارة فوضى في لبنان والمنطقة وايجاد فتنة داخلية سنية شيعية.
المخطط الذي كان يعد للبنان
كشف المستشار السياسي والإعلامي لرئيس الجمهورية اللبنانية، “جان عزيز” معلومات خطيرة تكشف لاول مرة عن رسالة خارجية وصلت الى لبنان خلال الايام الماضية مفادها بأن هناك مجموعة من النافذين في الإدارة الأميركية كانت تسعى لتوجيه ضربة للبنان، وأن رئيس الحكومة سعد الحريري كان واضحاً في رفض هذه الرسالة التي وجهت إلى لبنان.
وأوضح عزيز في مقابلة له مع قناة الميادين يوم امس ان هناك معلومات وردت إلى لبنان، وتمت مقاطعتها مع معلومات نشرت في الصحف الغربية ذات الصدقية، والتي تقول بأن هناك مجموعة من النافذين في الإدارة الأميركية حاولوا بالاشتراك مع نظراء لهم في المنطقة، توجيه حصار أو ضربة كبيرة أو اجتياح بالمعنى العام، ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً، للبنان خلال الفترة الماضية”.
وأضاف عزيز “كان واضحاً بالنسبة لنا أن الرئيس الحريري كان رافضاً لهذا المخطط، وربما هذا ما أدى إلى وضعه في هذه الظروف التي هو فيها منذ السبت الماضي”، معتبراً أن “الممانعة التي أظهرها رئيس الحكومة ووقوف عائلته وفريقه خلفه، بالإضافة إلى توحّد اللبنانيين حول موقف رئيس الجمهورية الواضح والصلب، والمواقف العربية والدولية التي تنبهت إلى خطورة هذا المخطط وتداعياته الكارثية على كل المنطقة، هذا ما أدى إلى إحباط هذا المخطط”.
وقال عزيز “المواقف اللبنانية الصلبة أثّرت على المواقف الأميركية، وجعلتها تتدرج في المواقف حتى التراجع عن المخطط”.
وأمل عزيز أن يكون أصحاب هذا المخطط قد تراجعوا عنه نهائياً، “لا أن يكون تراجعهم مسألة شراء وقت لتحسين المواقع، والعودة إليه لاحقاً”.
دروس وعبر من الازمة الحالية
وبعيدا عن ما سببته استقالة الحريري من تداعيات سياسية ومخاوف أمنية، كان لخطوة رئيس الحكومة التي اتت تحت الضغط، تأثير كبير في الشارع اللبناني ويمكن اخذ دروس وعبر منها وهي على الشكل التالي:
1- أوّلاً: نؤكد على أهمية التعاضد اللبناني الذي صبّ في صالح الجميع. موقف الحريري الوطني ، بعيداً عن الاستقالة التي جاءت تحت الضغط، موقف رئيس الجمهوريّة والموقف الشعبي الداعم لسيادة لبنان.
2- ثانياً: إن كل ما حصل هو نتيجة طبيعية للتوافق السابق بتشكيل حكومة ووصول عون إلى الرئاسة بتوافق بين الافرقاء السياسيين، و يجب الحفاظ على هذا الاتفاق.
3- ثالثاً: مواقف الرئيس عون الوطني هو سابقة غابت في العهد الخشبي السابق، عهد الرئيس ميشال سليمان، وبذلك يكون الرئيس عون قد اعاد لبعبدا قرارها الذي صودر منذ سنوات.
4- رابعاً: إن التنوّع القائم في المشهد اللبناني أضفى نوعاً من الايجابيّة على المشهد السياسي حيث ظهرت قناعة لدى الأعداء قبل الحلفاء بوحدة الصفّ اللبناني رغم الخلاف السياسي حفاظاً على السيادة.
5- خامساً: يدرك الجميع، الحريري وغيره، أن تغيير الوضع القائم لا يخدم أي طرف من الأطراف سياسياً وعسكرياً، لذلك شهدنا نوعاً من التراجع في مواقف رئيس الحكومة في المقابلة الاخيرة له حيث فتح باباً للتراجع عن الاستقالة وذلك للحفاظ على الاستقرار الوطني الذي يعتبره الجميع خطاً احمر.
6- سادساً: وكما ذكرنا في النقطة الخامسة ان الاستقرار خط احمر و من اجل الحفاظ عليه، لا بد للجميع من تعزيز علاقاته مع مختلف الفصائل الفلسطينية لحفظ الأمن والاستقرار في لبنان كونهم ورقة يريد العديد من الأطراف استخدامها بما يخدم مصالحهم.
7- سابعاً: أثبتت سياسة النأي بالنفس جدواها في الداخل اللبناني بعيداً عن صراع المحاور القائم في المنطقة، فليؤيد كل طرف أي محور يريد، ولكن بعيداً عن تأزيم الأوضاع الداخليّة.
اذاً، والى عودة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى لبنان في اليومين القادمين، وتكشف الحقيقة المظلمة التي يمر بها، يجب علينا كلبنانيين جميعاً الحفاظ على ما حققناه خلال الايام الماضية من وحدة وطنية غير مسبوقة رغم الاختلافات السياسية، بل يجب علينا وقف أي تصعيد، وعدم مجاراة أحد في المواجهة، ودعم الموقف الهادئ للرئيس ميشال عون ولكن يبقى السؤال هل سيصدق الحريري هذه المرة و يعود الى لبنان، ام ان هناك ظروف قاهرة ستحول دون ذلك؟!
المصدر / الوقت