هل تُقرع طبول الحرب في طهران من الرياض؟!
بعد تصاعد حدة التوتر بين إيران والسعودية خلال الشهور الأخيرة والذي لم يقف عند حد التصريحات السياسية والتحشيد الإعلامي، بل تعداه إلى مستوى أخطر تمثل بقرع طبول الحرب من قبل السعودية في وقت يعتقد فيه المراقبون بأن الأخيرة لايمكنها تهديد إيران عسكرياً خصوصاً بعد أن أخفقت بتحقيق أهدافها في اليمن رغم تحالفها مع أطراف دولية وإقليمية في عدوانها المتواصل على هذا البلد منذ نحو ثلاث سنوات.
فما هي الأسباب التي دعت الرياض للتفكير بشن هجوم عسكري على إيران في وقت هي تعلم تماماً أن هذا الأمر لايمكنها تحقيقه على أرض الواقع في ظل الأزمات التي تعيشها على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.
قبل الإجابة عن هذا التساؤل لابدّ من الإشارة إلى أن السعودية اتهمت إيران بتزويد اليمن بأسلحة متطورة ومن بينها الصاروخ البالستي الذي استهدف “مطار الملك خالد” في الرياض قبل أيام. كما شنّت الرياض هجمة إعلامية وسياسية ضد حزب الله في لبنان أحد أبرز أقطاب محور المقاومة الذي تدعمه إيران بقوة لمواجهة المشروع الصهيوأمريكي في عموم المنطقة والذي تُعد السعودية أحد أبرز حلقاته.
بالإضافة إلى ذلك وكما يعتقد المراقبون أرغمت السعودية رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري” على الاستقالة من منصبه، وقد وجّه الحريري خلال إعلانه الاستقالة اتهامات لإيران بالتدخل في شؤون لبنان، في إطار خطة أعدتها أمريكا وإسرائيل والسعودية لتشديد الضغط على طهران ومحور المقاومة لاسيّما حزب الله. وطيلة هذه المدة واصلت السعودية قرع طبول الحرب ضد إيران.
فما هي الأسباب الحقيقية التي دعتها لذلك، وهل هي قادرة فعلاً على تنفيذ تهديداتها، أمْ أن الأمر ليس سوى زوبعة إعلامية سرعان ما ستتبخر كما يذهب الزَبَد جُفاء؟
– بعد تمكن إيران ومحور المقاومة من دحر الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل دول غربية وإقليمية في مقدمتها السعودية، تسعى الأخيرة للتعويض عن هذه الهزيمة من خلال إطلاق التهديدات ضد إيران وحزب الله.
– كانت السعودية وحلفاؤها يخططون لإسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح بفضل صمود الجيش والشعب السوري ودعم إيران وروسيا وحزب الله لسوريا في إحباط هذا المخطط.
– تواجه الرياض ومنذ سنوات انتقادات شديدة بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان لاسيّما ضد الشعب اليمني الذي صمد في مواجهة العدوان السعودي. ومن أجل تبرير هذه الهزيمة سعت الرياض لاتهام طهران بدعم القوات اليمنية وأخذت تطلق تهديدات بشن هجوم عسكري على إيران.
– أخفقت السعودية في تمرير مخططها الرامي إلى إضعاف العراق، ولهذا شنّت هجمة إعلامية وسياسية واسعة ضد إيران وأخذت تهدد بشن الحرب عليها باعتبارها الداعم الرئيس للعراق في حربه ضد الإرهاب الممول من قبل الرياض.
– تدرك الرياض بأن النجاحات والانتصارات التي حققتها طهران ومحور المقاومة في المنطقة من شأنها أن تضيق الخناق على المحور الذي تتزعمه السعودية، ولهذا وجدت في إطلاق التهديدات متنفساً لتفريغ ما بجعبتها من حنق وتوتر ضد إيران والمقاومة.
– وجدت السعودية في مواقف أمريكا والدول الغربية الحليفة لها لاسيّما بريطانيا وفرنسا ضد إيران دافعاً لإطلاق تهديدات تتناغم مع هذه المواقف، متوهمة أن هذه التهديدات ستتمكن من إرغام إيران على التراجع عن مواقفها المناصرة لمحور المقاومة والمناهضة للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
العوامل التي تحول دون تحقق الحلم السعودي
– تدرك السعودية جيداً أن إيران تمتلك قدرات عسكرية تؤهلها لصد أي هجوم عليها، وقد ثبت ذلك بالدليل القاطع خلال الحرب التي فُرضت عليها من قبل نظام صدام في ثمانينيات القرن الماضي. ولهذا من المستبعد جداً أن تتورط السعودية في حرب مع إيران خصوصاً بعد أن تحوّل اليمن إلى مستنقع للقوات السعودية، مع الأخذ بنظر الاعتبار الإمكانات العسكرية المتواضعة لليمن مقارنه مع إيران التي تمكنت من تطوير قواتها وقدراتها في كافة الصنوف القتالية، ما يشكل عامل ردع قوي يحول دون تفكير السعودية أو غيرها بشن حرب على إيران.
– تدرك السعودية ومَنْ وراءها بأن طهران لديها أنصار ومؤيدون كثيرون في عموم المنطقة، وهؤلاء الأنصار يتميزون بقوة العقيدة والثبات والاستعداد الكبير للذود عن الجمهورية الإسلامية في إيران، وهذا بحد ذاته يكفي لأن تعيد السعودية حساباتها إن كانت تهديداتها لم تنطلق من فراغ ولم تكن طبول الحرب التي تقرعها خاوية.
المصدر / الوقت