على خطى السعودية.. النظام السوداني يدشن التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بالتطبيع الإعلاميّ
نشرت صحيفة “إسرائيل اليوم”، تقريرًا مطولاً عن الأجواء السياسية الجديدة في السودان، حسب وصف الصحيفة، أعدّه مراسل الصحيفة إلداد بيك، الذي أجرى زيارة إلى الخرطوم وعاد وانطباعه أنّ كلمة التطبيع لم تعد محظورة في عاصمة اللاءات الثلاث”.
وعنونت الصحيفة المقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التقرير بـالسودان يتغير.. مع “إسرائيل” وضدّ الإرهاب”. وكتب بيك في التقرير أنّه دهش لقراءة عنوان بالبنط العريض يتحدث عن التطبيع مع “إسرائيل” في صحيفة “الوطن”، ومنسوب للوزير في الحكومة السودانية، صادق الهادي.
وجاء في العنوان “التطبيع مع “إسرائيل” هو الاتجاه العام في الدول العربية”. وحسب وصف الصحافي الإسرائيلي، هذا يدل على أجواء جديدة في العاصمة الخرطوم، عاصمة اللاءات الثلاث التي تبنتها القمة العربية التي عقدت فيها عام 1969، حيث صدرت قرارات حازمة ضد “إسرائيل” وهي: “لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل”.
وبحسبه، فهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها الحكومة “بالونات تجربة”، ففي شهر آب (أغسطس)، أعرب الوزير السوداني، مبارك الفاضل المهدي، عن دعمه لإقامة العلاقات مع “إسرائيل”.
وتابع: بات الشعب السوداني متأكدًا من وجود علاقات تنسج بين “إسرائيل” والنظام. وأضاف: لعبت “إسرائيل” دورًا هامًّا في إقناع الأمريكيين على رفع العقوبات عن السودان، نقل الصحفي أقوال شاب يدعى محمود، وهو طالب جامعي يدرس العلاقات الدولية، ويتابع: ثمة حديث عن صفقة سياسية كبرى لإنهاء الصراع الإسرائيليّ-العربيّ، برعاية السعودية. السودان يقترب إلى السعودية في السنوات الأخيرة، وقد قطع العلاقات مع إيران منذ بداية عام 2014، وأرسل جنودًا إلى الحرب في اليمن ضدّ الحوثيين.
ولفت الصحافيّ الإسرائيليّ إلى أنّه في دولةٍ يعيش أكثر من 60 بالمائة من سكانها تحت خط الفقر، ويبلغ فيها متوسط الراتب الشهري نحو 150 دولار، يعلّق السكان آمالهم على الانفتاح الأمريكي الأخير. ويأملون باستقطاب الاستثمارات الأجنبية. وهذا أحد من الأسباب وراء رغبة النظام في تجهيز الشعب لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”. فالسودانيون يحتاجون لإسرائيل من أجل إقامة بنى تحتية وبناء اقتصاد متين.
وأردف: السودان يشهد تطورات سياسية إيجابية، أبرزها القرار الأمريكي برفع العقوبات عن النظام الديكتاتوري الذي يرأسه عمر البشير المتهم بارتكاب مجازر ضدّ شعبه وجرائم ضد الإنسانية، ومطلوب لدى المحكمة الدولية في لاهاي.
ويضيف أنّ السودان، الذي كان ممرًا لتهريب السلاح من إيران إلى غزة، بات محسوبًا على المحور السعودي، الأمر الذي ساهم في تغيير السياسة الأمريكية إزائه. فقد قررت إدارة ترامب الرهان على مهادنة البشير خلافًا لأوباما، وذلك بعد أنْ أقنعته السعودية بأنّ السودان يُمكن أنْ يُساهم في الحرب ضدّ داعش والقاعدة في أفريقيا. وقد شطبت أمريكا السودان من قائمة الدول التي تحظر دخول سكانها إليها.
وأشار إلى تطورٍ سياسيٍّ آخر ملفت حصل في السودان، وهو وصول لاجئين سوريين إليها، يصل عددهم بين 100 ألف إلى 200 ألف، واستيعاب السلطات لهم بهدف زيادة عدد العرب الذين يشكلون 30 بالمائة من سكان السودان وعددهم 40 مليون، لتعزيز هذه الشريحة التي تعد المهيمنة.
ولفت الكاتب إلى أنّ السكان المحليين يرتابون الأجانب ويشككون في أنهم “عملاء”، وذلك نتيجة للحياة في ظلّ حكمٍ عسكريٍّ دام 30 عامًا، يقوم على القمع والمقاطعة. وأوضح قائلاً إنّه “كان عليّ كلمّا رغبت في التقاط الصور أنْ أتأكّد من عدم وجود مؤسسات حكومة وثكنات عسكرية. ودائمًا طلب مني الرجال عدم توجيه الكاميرا إلى النساء، كتب إلداد.
ووفقًا له، فإنّ قضية العلاقات مع “إسرائيل” ما زالت تثير عاصفة مشاعر لدى سودانيين كثيرين. فمن جهة هم يرحبون بمساهمة “إسرائيل” في الحوار البناء الذي نشأ بين السودان وواشنطن، لكن ثمة من يخشى بأنْ يأتي تطبيع العلاقات على حساب حقوق الفلسطينيين ويشمل تنازلاً سودانيًا عربيًا عن فكرة إقامة دولة فلسطينية.
وذكر الصحافيّ أن السودانيين يفتخرون بدور بلدهم في المفاجأة العسكرية الكبرى ضدّ “إسرائيل” عام 1973، وذلك بفضل استعمال إحدى اللغات السودانية التي مكّنت المصريين من التحايل على الاستخبارات الإسرائيلية، وهي اللغة النوبية القديمة، التي يتقنها سكان المناطق الحدودية بين مصر والسودان، بحسب تعبيره.
المصدر / الوفاق