التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

مصير الحشد الشعبي بعد طرد “داعش”؟! 

العمليات العسكرية ضد “داعش” وصلت نهايتها بعد أن أعلنت القوات العراقية، سيطرتها الكاملة على قضاء راوة التابع لمحافظة الأنبار، لتطوي العراق صفحة هذا التنظيم الأسود الذي أدخل الدمار والخراب والحزن إلى كل بيت عراقي.

أما الآن فالحديث يجري عن مرحلة ما بعد “داعش” وكيف سيتم تنظيم البيت العراقي وإدارة البلاد ومن سيكون شريكاً في هذه الإدارة ومن سيتم إبعاده والكثير من الأسئلة التي تدور في الفضاء الإعلامي وغيرها من الأماكن والكواليس، ولكن أكثر ما يثير قلق الإعلام اليوم هو “ماهو مصير الحشد الشعبي؟!” وكيف سيتم التعامل معه وهل سيتم اشراكه في العملية السياسية أم لا، وهل سيتم الدفع باتجاه وضعه على لوائح واشنطن السوداء خاصة أن الولايات المتحدة الامريكية وضعت مؤخرا حركة النجباء على لوائح الإرهاب عبر قرار الكونغرس الأخير.

الحشد والتحديات

ارتفعت الأصوات الإعلامية المطالبة بحل الحشد الشعبي، وبالتأكيد هذا الكلام يدور عبر ماكينات واشنطن الإعلامية وقنوات حليفتها السعودية، بعدما فشل الاثنين في تحقيق أي مساندة حقيقية للشعب العراقي بالرغم من كل الأموال والمعدات التي يملكونها بل على العكس من ذلك يأتون اليوم ويطالبون بحل الحشد الشعبي الذي يتكون بالأساس من مواطنين عراقيين مدنيين لبوا نداء المرجع الديني السيّد علي السيستاني في (13 حزيران 2014) للدفاع عن ارضهم وعرضهم بعد أن عجزت القوات الامريكية عن تقديم أي دعم للعراق أو الدفاع عنه، واليوم يبحثون عن موطئ قدم جديد لهم في العراق أملا منهم بالحصول على بعض الميزات، هذا الامر نفسه ينطبق على السعودية التي بدأت فتح قنوات مع العراق عبر فتح سفارة لها هناك وعرض مساعدات في مجال إعادة الإعمار والتدخل في شؤون العراق الداخلية كما فعل السفير السعودي السابق في العراق ووزير الدولة الحالي، ثامر السبهان.

هذه الألاعيب لاتنطلي على الشعب العراقي وحكومته، فهم أعلنوا مرارا وتكرارا أن الحشد الشعبي خط أحمر وقالوا إن اليد التي ستمتد على الحشد الشعبي ستقطع، هذا الكلام وهذا الدفاع المستميت عن الحشد الشعبي من قبل الرئيس العراقي ونائبه وغيرهم من القيادات السياسية العراقية يوصل رسالة للجميع بأن بقاء الحشد الشعبي هو ضمانة وصمام أمان لكل العراقيين، وبالتالي فإن الحديث عن “حل الحشد الشعبي” ليس سوى آمال وحلم لكل من لايريد الخير للعراق وأبناءه خاصة بعد كل هذه الانجازات التي حققها الحشد في جميع الميادين ومساهماته الكبيرة في دحر “داعش” من جميع الاراضي العراقية، لذلك نجده اليوم يحظى بمساندة كبيرة من قبل أكثر السياسيين العراقيين قوّة ونفوذا.

دور الحشد الشعبي

من حق الحشد الشعبي وقيادته أن يكون لهم دور في العملية السياسية القادمة، خاصة أن الحشد اليوم قوّة رسميّة قانونية تستمد شرعيتها من السلطة التشريعية وتحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة، وجاء كلام نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي يوم السبت الماضي ليؤكد هذا الأمر مدافعا عن الحشد الشعبي وضرورة بقاءه قائلاً: “المرحلة المقبلة تتطلب ضرورة إبقاء الحشد الشعبي كقوة احتياطية”، لافتا إلى أن “النصر الذي تحقق على الارهاب يحتاج الى حماية والمحافظة عليه أصعب من تحقيقه”، وأضاف المالكي أن “هناك استهداف داخلي وخارجي للحشد الشعبي وعلينا حمايته والحفاظ عليه لانه قوة اثبتت نجاحها في كل الميادين”.

هذا الكلام يثبت مجددا كيف تنظر القيادة السياسية للحشد الشعبي على عكس ما يحاول الإعلام المغرض الترويج له، وبات واضحا للجميع أن الدور المستقبلي للحشد هو حماية العراق من أي خطر خارجي، داعشي أم أمريكي، وداخلي يتعلق بالأصوات المنادية بتقسيم البلاد، فالحشد أثبت نفسه على أرض الواقع، ونجح في دحر “داعش” واسترد كرامة بلاده وحفظ ماء وجهها، واليوم وبعد الانتصارات التي حقّقها الحشد الشعبي بات العراق يستعيد دوره الإقليمي، حيث شهدنا خلال المرحلة الماضية زحفاً خليجياً نحوه، والدخول في وساطات سعودية ايرانية، فضلا عن الدخول في وساطات عربية عربية.

أما بالنسبة للشعب فهناك فئة شعبية واسعة ترى في الحشد سداً منيعاً أمام الترهل الذي أصاب العراق منذ العام 2003، وبالمقابل هناك شريحة واسعة ترى في حزب العمال الكردستاني المتواجد على أراض عراقية، وكذلك في القوات الأمريكية خطراً حقيقياً على البلاد بالتالي لا بد من وجود الرادع، ومن هنا نستخلص أن أي مطالبات بحل الحشد الشعبي في هذه المرحلة الضبابية، من قبل أطراف سياسيّة داخلية أم خارجية لا تصب في مصلحة الشعب العراقي.

في الختام؛ العراق مقبل على انتخابات تشريعية من المنتظر أن تجرى في مايو القادم، لتكون بمثابة انطلاق فعلي لمرحلة ما بعد الحرب على داعش في العراق، وبالتزامن مع هذا الأمر ترتفع الأصوات مطالبة بإشراك الحشد فيها كقوة سياسية، وحتى اللحظة لم يتحدث الحشد عن هذا الموضوع لان أولويته الآن دحر فلول تنظيم “داعش” الإرهابي ومطاردة الخلايا النائمة، ومواجهة الهجمات المتوقعة مستقبلاً، وبالتالي الحشد الذي رضي بالاقل من المال والامتيازات لن يساهم بأي شكل في إعاقة العملية السياسية بل على العكس سيعمل كعادته في منع التقسيم وإعادة الاستقرار لبلاده.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق