التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

الابتزاز السعودي 

يغيب الإعلام في تغطيته لخروج الرئيس الحريري من الرياض إلى باريس وزن الدور اللبناني الحاسم في تحرير الرئيس سعد الحريري من خاطفيه وكونه العامل الرئيسي الذي انهى مهزلة احتجازه وإجباره على تلاوة بيان استقالة لم يكتبه.

ويطغى التمجيد والامتنان اتجاه فرنسا ورئيسها رغم ما يشوب دورها من كفالة مسبقة ممهورة بمصادقة ترامب الهاتفية على مضمون اتفاق الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودي بشأن عودة الحريري إلى لبنان وما سيعقبها سياسيا لضمان تفعيل الضغوط على الرئيس ميشال عون وتصعيد استهداف حزب الله وهو ما سيكون محور التفاوض الفرنسي الإيراني المرتقب كما أشاعت وسائل الإعلام الفرنسية في باب الحديث عن تحضير تسوية لبنانية جديدة تعدل ما اتفق عليه الحريري مع الرئيس ميشال عون قبل الانتخابات الرئاسية.
إن الموقف اللبناني الصلب في وجه العملية السعودية التي انطلقت باختطاف الحريري هو القاعدة التي بنى عليها الرئيس ماكرون تدخلاته وضغوطه التي أرغمت السلطات السعودية على ترك الحريري وفي صلب هذا الموقف اللبناني رئيسا الجمهورية ومجلس النواب وأمين عام حزب الله وجناح من قيادة المستقبل بينما القوى الأخرى توزعت بين التفرج والانخراط في الانقلاب السعودي الهادف لهز الاستقرار اللبناني وتركيع الدولة اللبنانية.
لقد اجمعت التقارير الصحافية الفرنسية والغربية على ان الرئيس ماكرون عندما ضغط لتحرير الحريري نبه القيادة السعودية من عواقب التصميم اللبناني على الذهاب بالقضية إلى الأمم المتحدة مستعينا بشواهد الموقف اللبناني الرسمي وبمؤشرات قوة التضامن اللبناني الداخلي وبلهجة الرئيس ميشال عون التي ترفض المساومة في الشؤون السيادية وهذا ما يعني وضعا دوليا صعبا للسعودية مالم تضع نهاية لاحتجاز الحريري الذي تم إطلاقه في باريس بشروط سعودية وبضمانة استمرار وجود عائلته في المملكة.
الشروط السياسية السعودية تمت المفاوضة عليها مع الفرنسيين وهي تلزم الرئيس الحريري بمواقف وتصرفات محددة تناسب الاقتراب من الأهداف السعودية التي كانت وراء الخطف والاستقالة الجبرية التي يتردد الكلام كثيرا عن ان الرئيس الحريري قد يؤكدها رسميا لرئيس الجمهورية بدلا من التراجع عنها والغاية الواضحة هي ممارسة ابتزاز سياسي ضد الرئيس ميشال عون والدولة اللبنانية مجتمعة لإضعاف موقع المقاومة اللبنانية التي سجلت بالتزامن مع حدث باريس الذي خطف الأضواء دورا مشرفا في معركة تحرير البوكمال والقضاء على عصابة داعش.
يزعم الغرب ان القضاء على داعش اولوية دولية والمنطقي هو التنويه بدور حزب الله البناء في ضمان امن واستقرار المنطقة والعالم بدلا من بيان الجامعة العربية الكريه الذي صدر يوم أمس الاول ولو كان كما يرى كثيرون دليلا مضافا على العجز الفعلي امام التوازنات والتحديات وعلى استمرار التورط بتغطية الإرهاب التكفيري والعداء لمن يقاتلونه في الميدان من قوى رسمية وشعبية سورية وعراقية وبدعم إيراني وبشراكة حاسمة من حزب الله وحيث شكل خطف الحريري واسترهانه محاولة لقلب المعادلة اللبنانية وتعطيل مفاعيلها التي يرى الصهاينة انها قدمت التغطية للمقاومة اللبنانية ودورها.
الصيغة المشروطة لترك الحريري تدشن مرحلة جديدة من الضغط على الواقع السياسي اللبناني وهي تفتح باب ازمة جديدة تفتعلها السلطات السعودية لكسر الإرادة اللبنانية السيادية ولإبتزازها وفي الظاهر يتوقف جانب كبير من المشكلة على سلوك الحريري نفسه وكيفية تعامله مع الوقائع الجديدة وهو يعلم مسبقا ان عودته لرئاسة الحكومة بعد انتخاب الرئيس ميشال عون ما كانت لتتم لولا التفاهم الذي اجراه الرئيس مع قيادة حزب الله وحلفائه ومحاولة لي ذراع الحزب والثأر منه لحساب إسرائيل والولايات المتحدة امر لن يمر ولن يكون الصمت عليه مهما كانت الضغوط.
كلمة أمين عام حزب الله مساء امس الاول سترسم صورة الوضع الجديد وأيا كانت الاحتمالات فإن استمرار الرئيس الحريري تحت الضغط والابتزاز السعوديين سيبقي الحالة المشحونة سياسيا في الأجواء بانتظار الانتخابات النيابية وما تسفر عنه بينما سيتبدى دور الكفيل الفرنسي في نقل الشروط والشروط المضادة بين طهران والرياض وبيروت.
بقلم : غالب قنديل

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق